السفير الصادق الملقي يكتب :  بايدن.. اتفاق على أمن إسرائيل و التطبيع.. خلاف حول صفقة القرن

في البداية نبذة عن  نظام الانتخابات في أمريكا ومقارنته بالأنظمة السياسية في عدد من الدول الأوروبية.. الانتخابات الأمريكية.. أولًا هى ليست انتخابات رئاسية فقط كما تظهر في الفضائيات العالمية.. هي انتخابات عامة.. فيها انتخابات محلية.. وتشريعية فيدرالية.. ومشاركة كافة الولايات في التصويت في مجلس الشيوخ ومجلس النواب على المستوى الاتجادى.. ومشاركة كل المواطنين كذلك في اختيار الرئيس… وطبعاً النظام الأمريكي له خصوصية ونظام انتخابي يختلف عن كل الأنظمة في أوربا… التي تعمل هناك على الانتخاب الحر المباشر، مثلاً في بريطانيا وفرنسا وألمانيا.. ففي بريطانيا النظام. برلماني.. ملكي.. الملكة هناك رأس الدولة.. منصب تشريفي فقط.. السلطة التنفيذية لدى رئيس الوزراء الذي يفوز حزبه في الانتخابات البرلمانية.. وكذا الحال مثلًا في إيطاليا وألمانيا وإسرائيل.. هناك أيضاً نظام برلماني وقرر في منصب رئيس الجمهورية منصب شرفي فقط، ففي ألمانيا السلطة التنفيذية في يد المستشارة.. وفي إيطاليا في يد رئيس الوزراء.. أما في فرنسا فالنطام خليط بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي… ينتخب الرئيس انتخاباً حراً مباشراً.. ولا بد له من الحصول على ٥٠ في المائة زايد صوت واحد من أصوات كل المواطنين، بينما يحتاج أيضا نائب البرلمان لنفس النسبة.. ويختار الرئيس الفائز رئيس الوزراء.. من حزب الأغلبية.. حتى ولو لم يكن من حزبه.. ففي بعض الأحيان يفوز المرشح بالرئاسة ويضطر لاختيار رئيس الوزراء من حزب الأغلبية البرلمانية حتى ولو لم يكن من حزبه.  بل حسب الدستور الفرنسي يحق للرئيس الفائز أن يختار شخصية من أي حزب حتى ولو فاز حزبه قد نال الأغلبية البرلمانية… الأمر الذي لا يحدث غالباً… وفي فرنسا السلطات التنفيذية مشتركة بين الرئيس ورئيس الوزراء ويتمتع الرئيس بسلطات تنفيذية واسعة.. وكان النظام فيها رئاسياً كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية… كما ذكرت آنفاً، فإن نظام الانتخابات الذي ظل راسخاً كقيمة ديمقراطية مقدسة منذ أكثر من قرنين من الزمان… رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ينتخب من خلال ما يسمى بالمجمعات الانتخابية، وهي ٥٠ كلية انتخابية بعدد الولايات الخمسين، إلا أن توزيع هذه المجمعات الانتخابية يتم توزيعها حسب الثقل السكاني لكل ولاية.. فعلى سبيل المثال لا الحصر ولاية كلفورنيا تحظى بأكبر ٥٥ كلية انتخابية… بنيما أصغر ولاية.. ولاية ألسكا لها فقط ثلاث كليات انتخابية.. وعلى الرئيس لكي يفوز لا بد أن يحصل على ٢٧٠ من مجموع ٥٣٨ مقعداً وهي مجموع أعضاء مجلس النواب ٤٣٨ و١٠٠ لمجلس الشيوخ… والملاحظ في نظام الانتخابات الأمريكية… لا يفوز المرشح من أي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.. حتى ولو حصل على أصوات أكثر من منافسه.. عليه فقط الحصول على ٢٧٠ من مجموع الكليات الانتخابابية كما سلف القول.. فعلى سبيل المثال حصلت مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلنتون في انتخابات عام ٢٠١٦ على أصوات شعبية تفوق ما حصل عليه ترامب الذي فاز في تلك الانتخابات الرئاسية عن الحزب الجمهوري بأربعة ملايين صوت!!! وهذا ما لا يحدث في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية في أوروبا.. كما يختار المواطنون في كل ولاية ممثليهم في البرلمانات التشريعية.. مجلس النواب ومجلس الشيوخ على المستويين الفدرالي والاتحادي… وحدد التمثيل البرلماني حسب الثقل السكاني لكل ولاية.. أما في حالة مجلس الشيوخ فتمثل كل ولاية باثنين من الشيوخ بصرف النظر عن ثقلها الانتخابي… وفي حالة حصول كلا الحزبين على نصف المقاعد فإنه في هذه الحالة ترجح كفة الحزب بصوت نائب  الرئيس المنتخب..

كما هو الحال وفق النتائج الأولية لانتخاب مجلس الشيوخ.. حيث تشير الأرقام إلى حصول كل من الحزبين على نصف المقاعد ٤٨ـ ٤٨..

لعل من أهم الملاحظات حول هذه الانتخابات.. ١.. أول مرة ينافس الحزب الجمهوري بشخصية كترامب خارج المنظومة السياسية.. إذ ترك رجل الأعمال المليادير برجه التجاري في مانهاتن إلى البيت الأبيض.. بينما منافسه هذه المرة بايدن عركته السياسة منذ عام ١٩٧٢ أي قبل حوالي خمسين عاماً عندما تم انتخابه عضوًا بمجلس الشيوخ وحافظ على مقعده حتى عام ٢٠٠٩.. حيث قدم استقالته لكي يترشح نائباً لأوباماً لثماني سنوات.. وقد سبق أن ترأس منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ورئيساً لمجلس الشيوخ بحكم منصبه نائباً للرئيس أوباما… وقد حصل كلا المرشحين على أعلى أصوات في التاريخ.. حيث حصل الرئيس المنتخب بايدن على ٧٤ مليوناً بينما حصل ترامب على ٧٠ مليون صوت.. ولعل ما يفرق بين نظام الانتخابات في أمريكا وأوربا.. هو أن الفوز في الدول الأوربية التي تنتهج نظام الانتخاب الحر المباشر يكون لمن يحرز الأغلبية.. بينما لا تعني هذه الأغلبية شيئاً في أمريكا.. وخير مثال لذلك انتخابات عام ٢٠١٦ حيث حصلت مرشحة الحزب الديمقراطي على أصوات تفوق أصوات ترامب والذي فاز في تلك الانتخابات بحوالي خمسة ملايين صوت شعبي…. ولعل ما يميز النظام الأمريكي أن مناصب عضوية مجلس النواب توزع على الولايات حسب الثقل السكاني بينما تتساوى الخمسون ولاية بحصول كل منها على مقعدين بصرف النظر عن ثقلها السكاني مما يجعل أي مواطن أمريكي يجد نفسه في كافة الاستحقاقات الانتخابية على الصعيدين الولائي والاتحادي. وينتخب مجلس الشيوخ لمدة ست سنوات تجدد المقاعد كل سنتين وهو الذي يأتي في مرتبة أعلى….  من حيث رسم السياسة الخارجية وتمرير الأوامر التنفيذية.. من مجلس النواب الذي ينتخب لمدة عامين…. وقد أحدث اعتراض ترامب على نتائج الانتخابات صجة كبيرة حبست الأنفاس حيث شكك في شرعيتها… بل اتهم خصومه بما أسماه سرقتها… ولعل ترامب قد بدأ هذه الحملة من التشكيك والذي أثار امتعاض الكثير من السياسيين والإعلاميين باعتباره ازدراء للديمقراطية الأمريكية الراسخة منذ أكثر من قرنين من الزمان… بدأ هذا التشكيك حتى قبل ستة أشهر من الانتخابات في خضم انتشار داء  كورونا حيث تم التوافق على التصويت عبر البريد الإلكتروني حذر الموت… إذ أنه قد تبدى فيما بعد أن هذا النوع من التصويت صب في صالح الحزب الديمقراطي الذي حقق….. كما يقال في لغة كرة القدم رومنتادا… حيث تجاوز  فرقاً يصل إلى أكثر من ٨٠٠ الف صوت ولخصمه ترامب في ولاية بنسلفانيا الأربعاء الماضي، وفاز عليه يوم السبت بأكثر من ٢٨ الف صوت!! وهو الأمر  الذى جعل الإعلام الأمريكي يعلن فوز بايدن من غير أن يصدر بيان رسمي لاحقاً بإعلان النتيجة النهائية… ويجدر بالذكر أن بايدن اختار امرأة محسوب على السود نائبة له… كمالا هارس لأول مرة في تاريخ أمريكا… وكمالا تنحدر من أب هندي وأب جمايكي وهى في منتصف العقد الخامس من عمرها.. ولها خبرة سياسية ثرة، حيث كانت أول امرأة تشغل منصب المدعي العام لكاليفورنيا، وأول امرأة سوداء، تحصل على منصب عضو مجلس الشيوخ عن نفس الولاية.. كما ترشحت لنيل بطاقة الترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي في هذه الانتخابات قبل ان تسحب ترشيحها وتعلن تأييدها لبايدن رغم هجومها عليه إبان مناظرات مرشحي الحزب الآخرين…

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى