محمد محمد خير يكتب : ما المطلوب?

الصيحات التي أطلقها المصطفون بساحة الحرية في وجه الأستاذ إبراهيم الشيخ لم تكن موجهة إليه بالمعنى المباشر بقدر ما كانت موجهة لإخفاق ظل ملازماً لقوى الحرية والتغيير طوال عام ونصف شهدت البلاد فيها مجزرة معيشية لا يشابهها إلا مجاعة (سنة ستة) على حد وصف الخبير الاقتصادي الدكتور التجاني الطيب.

تدهورت الحالة العامة تدهورًا بات من الميئوس الشفاء منه وترسبت حالة من اليأس والإحباط وتعطلت المدارس والجامعات والصحافة، وانفلتت الأسعار وأصبح معارضو الحكومة هم من يساندون الحكومة، وتلك حالة من الفصام البشع التي لم يعهدها العمل السياسي من قبل. تحول الحب الكبير لحبيبنا حمدوك لسخرية تفيض بها الأسافير كل ثانية، وانزوى أفضل الوزراء ولاذوا بالصمت والتواري الخجول.

فرض هذا المشهد أسئلة لحوحة هل ليس بإمكان القوى الديمقراطية في بلادنا المساهمة في بناء البلاد عن طريق الكادر المهني المتخصص? هل هذه القوى لا تجيد إلا المعارضة فقط وليس بمقدورها إدارة الحكم? ماذا يدور في أروقة هذه القوى هل تدرب العضوية على اكتساب المهارات المهنية أم تدربها فقط على التآمر والأنانية وتقديس الذات الحزبية ومحو الآخر المختلف وما الفرق ببنها وبين الموتمر الوطني? بل أين موقع الديمقراطية من كل هذا التيه?!!

الشيء الوحيد الذي قد يحسب لصالح قوى الحرية والتغيير هو الشوط شبه المكتمل في رفع اسم السودان المشروط عن لائحة العقوبات الأمريكية وهو إنجاز تحملته دول الخليج نيابة عنا وما كان له أن يبلغ طور الإلغاء لولا تدخلها المباشر وحثنا على الاستجابة للتطبيع مع إسرائيل التي أجزم مغلطاً أنها هي من سترسم كل ملامح المرحلة القادمة بالتسرب الناعم والدخول السلس واللين والصعود السهل حتى مرحلة الإمساك بالتلابيب.

تحمل إبراهيم الشيخ وحده في ذلك النهار غضبة عمرها 65 عامًا تسبب فيها هذا (المراح السياسي) الذي يتغير اسمه في كل مرحلة ويظل محافظاً على خيباته في كل المراحل!!!

مشاهد تتكرر منذ الخمسينات ولغة تستعيد حيويتها من التحنيط وتكتيكات مكررة أشبه بدراما (بت قضيم وتور الجر)، نفس الخلافات وذات التناحر وكل الشبه الذي يتطابق كل مرة بما يوكد أن السياسي في بلادنا ليس سوى (حيوان سياسي مجتر) ووسط هذا تنهار الأحلام الكبيرة ويتراجع العزم وترين العدمية ويتحمل ذلك إبراهيم الشيخ (لا ييدو لا كراعو)!!!

ما المطلوب بعد هذه الإدانة الجهيرة، وكيف السبيل الى القيام بعد هذا القعود الكامل، وما هي الخطوات الواجب وطنياً اتخاذها. وهل لا زالت القوى التي رسمت هذا البوس متمسكة بمواقعها دون النظر إلى مردود إيجابي?

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى