الطريق الثالث.. تصحيح مسار الثورة!

 

الخرطوم: مريم أبشر

يبدو أن طريق ثورة ديسمبر مهما اعترضته من عقبات اقتصادية وعواصف يمضي للأمام  وليس هنالك أي فرصة للتراجع للوراء، ولكن يبدو  أن جملة من الاحتمالات والمآلات في ظل الوضع الاقتصادي الحرج والبالغ التعقيد  ربما تتكشف مستقبلاً، فقد  راهن عضو اللجنة الاقتصادية صدقي كبلو على أن طريقاً ثالثاً يلوح فى الأفق للخروج من الأزمة، وأكد  على ؟أهمية  الاعتماد على الموارد بجانب الشارع ممثلاً في لجان المقاومة وليس في قوى الحرية والتغيير، وقال كبلو في ورشة نظمتها مجموعة اقتصاديات بالتعاون مع مؤسسة فردريش آيبرت الألمانية إن الناس تجاوزت حالياً نقد الحكومة حيث أصبحوا يرددون شعار الجوع ولا الكيزان، وهو الأمر الذي يوضح أن لديهم خياراً وطريقاً ثالثاً، وتوقع كبلو أن تكون هنالك انتفاضة قادمة إذا لم يحدث تغيير وزاري، لجهة أن الشعب السوداني لن يصبر ثلاثين سنة مرة أخرى .

وقطع عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير بأنه لا توجد ضمانات لتنفيذ توصيات المؤتمر الاقتصادي، ورهن كبلو تنفيذ هذه المخرجات بتغيير الحكومة الحالية لجهة أن تشكيل الحكومة الجديدة سيكون في كابينته أحد اعضاء اللجنة الاقتصادية لقوى التغيير، كاشفاً في ذات الوقت عن مشاورات بينهم وبين الحكومة لتشكيل المجلس التشريعي، مؤكدًا أنه سيساهم في تنفيذ توصيات المؤتمر الاقتصادي،  وقال: من غير تحسين أوضاع الناس تكون الثورة فقدت هدفها الأساسي،  داعيًا الحكومة إلى ضرورة إحداث إصلاحات اقتصادية طويلة المدى، مؤكداً أن كل الديمقراطيات التي جاءت بعد الانقلابات في السودان صاحبتها أزمات اقتصادية، مستدلاً بانقلاب عبود ونميري، حيث جاءت من بعدهم حكومات ديمقراطية شهدت أزمات اقتصادية، لافتاً إلى أن السياسية الحالية للحكومة لا تقود إلى إصلاحات لجهة أنها مهتمة بالظواهر ولم تركز على الإنتاج والإنتاجية، وذكر: بالرغم تعهدات رئيس الوزراء بالاعتماد على الموارد، إلا أنه لم يركز عليها.

ولكن كيف ستكون الثورة الثالثة كما أشار كبلو، وما هي عوامل نجاحها ومن هم الذين سيشعلونها، خاصة وأن الصعوبات الاقتصادية الداخلية ومتطلبات إنزال اتفاقية السلام تحتاج لتمويل ضخم، فضلًا عن أن رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب لا يزال رهين تمرير قرار من الكونغرس الأمريكي في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة زخماً انتخابياً غير مسبوق بين الجمهوريين والديمقراطيين ربما يستغرق وقتاً، وحكومة الثورة تحسب الثواني في انتظار تمرير القرار وبالتالي الانفتاح بشكل كامل على العالم ومؤسساته التمويلية.

الحل في الحل :

حدوث انتفاضة ثالثة لتحقيق طموحات الشعب السوداني الذي ثار وسقط من بينه عدد كبير من الشهداء حسب قراءة خبراء سياسيين يكمن في حل كامل للحكومة الانتقالية الحالية التي يرى البروفسير عبده مختار أنها فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق طموحات الثورة وشعاراتها، وقال إن الحكومة لم تكن قدر الطموح لأنها لم تستعن بالخبراء والكوادر العلمية، ولم تنتهج المنهجية العلمية في إدارة شأن سودان ما بعد الثورة،  وليس لديها العقلية لتحقيق ذلك، وقال مختار للصيحة إن على هذه الحكومة أن تفتح المجال والطريق أمام حكومة كفاءات ليس لديها انتماءات حزبيةلتصريف المهام وإدارة الأزمات وتمهيد الطريق والإعداد الجيد للحكومة المنتخبة، وقال إن  الحكومة الحالية تاهت وضلت الطريق  وإن الحل يكمن في الحل حتى لا يضطر الشباب للخروح للشارع مرة أخرى من أجل تحقيق طموحاتها التي من أجلها أزالوا النظام البائد، وحينها لن ينحنوا أمام أي عواطف.

أبواب المشاركة :

حتمية المضي قدماً نحو طريق ثالث كما لوح بذلك القيادي بالحزب الشيوعي أحد أحزاب قوى الحرية والتغيير المكون للحكومة الانتقالية بات هو الشيء المتوقع للكثير من الخبراء والسياسيين والمراقبين للأوضاع المتأزمة، ويرى بعضهم أن الحرج والتأزم  أن الحكومة الانتقالية عليها التحرك السريع حتى لا تعود البلاد للحكم العسكري مرة أخرى ذلك بأن يكون هنالك تغيير حقيقي لصالح الحكم المدني الديمقراطي.

ويضيف أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور عبد الرحمن أبو خريس أنه بعد دخول اتفاق السلام حيز التنفيذ ستكون هنالك أعباء إضافية ثقيلة على حكومة الثورة لن تتمكن من الوفاء بها في ظل إحجام المجتمع الدولي عن تقديم الدعم، فضلاً عن أن إجراءات رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب لا زالت معلقة، ويضيف أبو خريس للصيحة أن الشعب السوداني صبر كثيراً، بجانب ذلك فإن فاتورة السلام مرتفعة جداً ولن تستطيع الحكومة الوفاء بها، ويشير إلى أن التبادل السلمي للسلطة يعد مهماً لافتاً إلى أن الحكومة الانتقالية الحالية تعتبر أي رافض لسياساتها بأنه كوز، ويرى اهمية الاستعانه بالكوادر والكفاءات النظيفةوفتح المجال أمام كل القوى السياسية للمشاركة الواسعة للعامة، مع الأخذ في الاعتبار ضرب كل المفسدين ومحاسبتهم وفق القانون بجانب ذلك العمل على صياغة برنامج للسلام لجبر الضرر عن كل مناطق السودان.

اتجاه معاكس :

المحلل السياسي مهدي دهب في حديثه للصيحة، يرى أن السبب الأساسي للخلافات الاقتصادية والسياسية هو أن الحكومة الانتقالية وعلى رأسها القائمون على الملف الاقتصادي والحاضنة السياسية (قوى الحرية والتغيير ) يسيرون  في طرق مختلفة، ذلك بتطبيق الحكومة روشتة صندوق النقد الدولي، في وقت وضعت فيه قوى الحرية والتغيير رؤيتها الاقتصادية في الوثيقة الدستورية وهي ضد سياسات البنك الدولي، الأمر الذي وسّع الخلاف بين الطرفين، وذلك بعدم التزام حكومة حمدوك بالروشتة الاقتصادية لقوى الحرية.

ويرى دهب أن التجاوز الذي ارتكبه المجلس السيادي فيما يلي ملف التطبيع بجانب عدم الالتزام بالروشتة الاقتصادية عمق الخلافات وأن الطريق الثالث وفق رؤيته يتمثل في أهمية الضغط على الحكومة الانتقالية للالتزام بالمواثيق والمعاهدات المنظمة للفترة الانتقالية، وأن تظل قوى الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية) البوصلة  المنظمة لعمل الحكومة، واتهم بعض الوزراء اللبراليين بالتمرد على الوثيقة والرؤى التي تضمنتها وتطبيق نظام اشتراكي. واعتبر الحديث عن انتفاضة ثالثة بالمحاولة للخروج من المأزق بالهروب للأمام، ولفت دهب إلى أن هنالك فرصة مواتية الآن بعد دخول تنفيذ اتفاق السلام على أرض الواقع عبر ضخ دماء جديدة في جسد الحكومة الانتقالية وإعادتها لخط الثورة ومراعاة الالتزام بالمواثيق والمعاهدات والاستفادة من الآرث الموجود في هذا الخصوص، يمكن للحكومة الانتقالية أن تعبر عن الحاجة لطريق ثالث أو غيره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى