إبراهيم محمد إبراهيم يكتب : التطبيع مع إسرائيل (1)

 

عدنا بعد غياب طويل عن الكتابة بهذه الصحيفة الغراء، ظروف خارج الحسبان حجبت (نيل الأوطار) عن أعين القراء بهذه الصحيفة المحبوبة لدي. نسأل الله أن تدوم العلاقة بيننا وبينكم، إنه جواد كريم .

ليس للناس حديث في هذه الأيام غير الحديث عن (التطبيع مع إسرائيل) وسكوت رجال الدين في مثل هذه الأيام وعدم الكلام في هذا الموضوع وبيانه للناس يمثل كتماً للعلم وتعطيلا لعبادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال تعالي (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ). وقال صلى الله عليه وسلم (من كتم علماً نافعاً ألجم يوم القيامة بلجام من نار) أو كما قال.

ويهمني أن أذكر في هذه المساحة النظرة الفقهية في هذه المسألة بعيداً عن التهويل أو الانتصار للنفس أو طائفة أو حزب، أو مداهنة.

فقد أصبح التطبيع مع أمر اليهود مثار نقاش هذه الأيام هل هو قضية عقدية لا تقبل المساومة ولا التنازلات؟ أم هو موقف سياسي خاضع لتقدير الحاكم للمصالح والمفاسد.

أولاً لا بد من معرفة كلمة (تطبيع) هي مصدر الفعل طبع يطبع إذا جعل الأمر طبيعياً معتاداً مألوفاً. والمراد منه أن تجعل العلاقة مع الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين علاقة عادية طبيعية مبنية على التصالح وتبادل المنافع ليس فيها أي مظهر من مظاهر العداء على الدوام، وهذا ما يعبرون عنه باتفاق سلام دائم.

إذا رجعنا الى الماضي القريب أي قبل اثنين وسبعين عاماً أي عام (1948) نجد أن عصابات اليهود مسنودة بحبل من الغرب قد احتلت أرض فلسطين واعترف بها العالم الغربي مباشرة وقامت بتهجير المسلمين من ديارهم، وإقامة مستوطنات مكانها. قبل هذا التاريخ كانت تلك الأرض ملكاً للمسلمين.

عوداً إلى قضية التطبيع مع اليهود الذين كفروا بالله ورسله واحتلوا بيت المقدس ودنسوا مقدسات المسلمين، هل هي قضية عقدية لا تخضع للمساس أم هي محل نظر واجتهاد من الساسة والحكام.

الجواب عن هذا السؤال: هو أن التطبيع مع اليهود قضية عقدية بل هي من صميم عقيدة الولاء والبراء وحكمها التحريم شرعاً لكونها مناقضة لعقيدة الولاء والبراء وهذا يتبين بإذن الله في المقالات القادمة.

الجدير بالذكر أن التطبيع يقتضي التصالح الدائم مع أعداء الله اليهود وهذا من الموالاة المحرمة وبالتالي التطبيع سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، كثير من الساسة والمواطنين يظنون أن مجرد التطبيع مع إسرائيل بلدنا ستنهض اقتصادياً تعج بالدهن وصبغاً للآكلين، فمن ظن أن التطبيع يحل مشكلاتنا الاقتصادية فهو واهم، قال تعالى (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا) وقال تعالى (قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) ومن تأمل حال الدول التي طبعت يرى ذلك عياناً……

نواصل

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى