قضية الدواء.. اتّساع الفتق على الراتق!!

 

الخرطوم ــ إبتسام حسن

(الناس بتموت، العمليات متوقفة، الأدوية المنقذة للحياة منعدمة)، كانت هذه عبارات تحدث بها صيادلة في حديثهم لـ(الصيحة) عن حجم مشكلة الدواء بالبلاد وجف المداد بمطالبات مبالغ يحتاج إليها سوق الدواء تقدر بـ(65) مليون دولار سنوياً لتحقيق الاكتفاء من الأدوية، غير أن الحكومة توفر مبالغ كبيرة لبنود أقل أهمية من الدواء، الأمر الذي اعتبره صيادلة أن الحكومة تتجه الى أمور انصرافية وتتجاهل حاجة المرضى الذين يعانون آلام المرض ويموتون بالمستشفيات ولا يجني المواطن إلا وعوداً من مجلس الوزراء ووزارة المالية قرابة عمر الحكومة دون نتائج ملموسة، بل ظل سوق الدواء يعاني من تخبط القرارات، ففي الثاني من يناير الماضي تم إلغاء بند محدد لدعم الدواء متمثلاً في ١٠% من حصائل الصادر، وجاء تاريخ الثاني من مارس تم خلاله إرجاع حصائل الصادر  وقبل أن يبدأ تنفيذ القرار تم إلغاء القرار مرة أخرى بتاريخ العاشر من أبريل الماضي، وقبل أن يتم  تأسيس ما يسمى محفظة السلع الاستهلاكية كانت هناك وعود بأن يتم دعم الدواء من المحفظة حتى تم تأسيسها من قبل شهر غير أن الحكومة لم تضع أي تصور للدعم المزعوم، إذ أن رئيس مجلس الوزراء أصدر قرارا بتخصيص مبلغ 30 مليون دولار من المحفظة منذ الثاني والعشرين من أكتوبر الماضي، إلا أن المجلس القومي للأدوية والسموم رغم  أنه قام بجميع التجهيزات من فواتير وغيرها، إلا أن المحفظة لم تدعم أي بند يخص الدواء.

حجم الندرة

أكد عضو تجمع الصيادلة المهنيين د. عوض عبد المنعم، أن الندرة في الأدوية المسجلة تقدر بنسبة 70% من الأصناف المختلفة، وكشف عن خروج أغلبية شركات الأدوية عن العمل البالغ عددها قرابة الـ 50 شركة كبيرة مؤثرة في السوق غير الشركات الوسيطة والأقل منها، مشدداً على عدم وجود أي شركة مؤثرة عاملة حاليًا فيما عدا الشركات العاملة في المكملات الغذائية والفيتامينات بسبب أن الشركات ملزمة ببيع تلك المكملات بالسعر الرسمي للدولار، منوهاً إلى  أن قيمة المبالغ التي صرفت على استيراد الأدوية منذ شهر يناير الماضي وحتى الآن، بلغت 13 ألف دولار مقارنة بما صُرف على استيراد الأدوية في العام المنصرم التي بلغت 300 مليون دولار،  وقيم الوضع الحالي وخلال الأيام المقبلة أنه سيشهد ندرة حقيقية لم تحدث من قبل، والسبب يرجع إلى عدم وضع تصور واضح من قبل الحكومة هل ستدعم الدواء أم ستقوم بتخصيص الـ10% من حصائل الصادر أم من الضرائب أم تخصيص مبالغ من محفظة السلع الاستهلاكية في ظل تحركات من مجلس الأدوية والسموم لإيداع كل الإجراءات منذ يونيو الماضي، غير أنه حتى الآن لم تنفذ عملية واحدة ما يُنبئ بعدم وجود أي بادرة تلوح في الأفق بتحقيق الوعود.

واعتبر عبد المنعم أن وزارة المالية لا تضع الدواء ضمن الأولويات في وضع يبحث فيه المريض عن درب ملح سعره 65 جنيهاً لا يستطيع توفيره إلا بعد صرف 2000 جنيه على المواصلات رغم أن درب الملح من أبسط الأدوية المنقذة للحياة التي يحتاجها المريض.

الوصول إلى التحرير

واستنكر عضو لجنة تجمع الصيادلة المهنيين حديثاً بدر من البعض بتحقيق الوفرة للخروج من الندرة بما يعني تحرير سعر الدواء واتهم جهات لم يسمها بأنها ساعية إلى ذلك ووصف تحرير سعر الدواء بغير المقبول، مؤكدا أن الجهات ساعية إلى أن تُحدّث المواطن عن التحرير في ظل الوضع الراهن، مؤكدًا أن تلك الجهات نجحت في الوصول إلى مبتغاها، وقال إن مجلس الوزراء ووزارة المالية لا تضع الدواء من أولوياتها، معتبراً أن كل حاجات المواطن يمكن أن يعوض عنها ببدائل بعكس الدواء الذي لا يوجد له بديل، وقال: عندما نتحدث عن عدم وجود خيارات في ظل الندرة الحالية يجب أن ننظر الى وضع المواطن في الأقاليم الذي يكابد حتى يجد حق قوته فكيف نتحدث عن تحرير سعر الدواء.

عجز الشركات

وأكد عبد المنعم عجز الشركات من توفير مبالغ لاستيراد الدواء مشيرًا إلى أن الشركات تحتاج إلى سعر 55 دولاراً لسعر الجنيه منوهاً أنه لا يتوفر رأس مال لدى أصحاب الشركات تغطي السعر، وقال إن تحويل السعر من 55 الى 250 لا يطاق.

تصنيع في مهب الريح

وتحدثت الحكومة عن إعادة التسعيرة للأدوية المصنعة محلياً خلال شهر يوليو الماضي، وكان الصيادلة يتحدثون عن عدم وجود آلية تسعيرة في ظل التضخم الحاصل بالبلاد، وتم إيقاف الإمداد ثم طالبوا  بإعادة التسعيرة، إلا أن الأزمة أطلت من جديد.

ولم تجد الأزمات التي تعاني منها المصانع وما تواجهه من تضخم أي اهتمام، ويرى مراقبون أن الحكومة بإمكانها دعم مصانع الأدوية بإعفائها من الدواء ودعم كهرباء المصانع وتوفير خط كهرباء وتوفير فاتورة المياه حتى بتوفر الدواء في متناول المواطن.

تجاهل ذوي الاختصاص

واستهجنت مصادر صيدلانية ــ رفضت الإفصاح عن هويتها ــ في حديثها لـ(الصيحة) تجاهل الجهات الصيدلانية في مشورة مشكلة الدواء وإيجاد الحلول اللازمة مؤكدة تجاهل الجهات التي تم تعيينها من قبل مجلس الوزراء، مستهجنة عدم حضور ذوي الاختصاص الاجتماعات التي تخص مشاكل الدواء، وقالت: حتى الأمين العام لمجلس الأدوية والسموم يتم تجاهله في وقت تتم فيه مشورة جهات لا علاقة لها بالدواء، مؤكدة أن   مستشارين في مجلس الوزراء ليست لديهم علاقة بالدواء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى