Site icon صحيفة الصيحة

 الطاهر ساتي يكتب : أما لاهاي، فلا..!!

 

:: كنت، وما زلت، وسأظل ضد محكمة المستضعفين المسماة بالجنائية الدولية.. وبما أن المدعي العام لهذه المحكمة الانتقائية – فاتو بنسودا – بالخرطوم، فليس هناك ما يمنع إعادة نشر زاوية كتبتها قبل (11 سنة)، حيث كان النص: من أقوال الراحل المقيم مصطفى محمود، ما نراه في الواقع ليس دائماً هو الحقيقة.. بل حتى ما نراه رأي العين، ونلمسه لمس اليد، ليس دائماً هو الحقيقة..!!

:: وعلى سبيل المثال، نحن نرى الشمس بأعيننا تدور حول الأرض، ولكن في الحقيقة فإن الأرض هي التي تدور حول الشمس.. ونرى القمر في السماء يبدو كأكبر الكواكب حجماً، مع أنه أصغر الكواكب حجماً.. وننظر إلى السماء على أنها فوق، وننظر إلى الأرض على أنها تحت، مع أنه لا يوجد (فوق ولا تحت)، فالسماء تحيط بالأرض من كل جوانبها..!!

:: ثم يتعمق محمود في رحلة البحث عن الحقيقة، قائلاً: الوصول إلى المريخ أسهل من الوصول إلى حقيقة أكيدة عن حياة وردة تتفتح كل يوم عند نافذة غرفتك.. والوصول إلى أبعد نجم في متاهات الفضاء أسهل من الوصول إلى حقيقة ما يهمس في قلب امرأة على بُعد شبر منك.. بل عقولنا تزين لنا حتى عواطفنا نفسها، فنظن أن حب المجد يدفعنا، والحقيقة أنه الغرور وحب الذات..!!

:: ونظن أن العدالة هي التي تدفعنا إلى القسوة، في حين أن الذي يدفعنا هو (الحسد والحقد).. فمن الذي يستطيع أن يقول لقد أدركت الحقيقة..؟ فالحقيقة الوحيدة الأكيدة في الدنيا هي أننا نجهل حتى ما يجري تحت أسماعنا وأبصارنا.. شكراً لمصطفى محمود، ولو عاش إلى يومنا هذا، لتأمل ما يحدث منذ البارحة، ثم أضاف – في قائمة الأشياء غير الحقيقية – المحكمة الدولية، هي أيضاً ليست (حقيقة)..!!

:: والغافل من ظن الأشياء هي الأشياء.. والشاهد، حسب واقع الظلم في الكون، أن لاهاي محكمة انتقائية، أي تغض الطرف عن ظلم أقوياء العالم وترصد – وتترصد – ظلم ضعفاء أفريقيا، وهذا يعني أن عدالتها (عرجاء).. ولن تغامر دولة من الدول المستضعفة بالتعامل مع أحكامها إلا في إطار المصالح السياسية، وكما يحدث حالياً، وليس بقناعة الحرص على العدالة..!!

:: قضية جرائم الحرب في دارفور قضية عادلة.. ويجب الفصل فيها بواسطة محاكمنا فقط.. ولو عبرت هذه القضية حدود بلادنا، وقاعات محاكمنا، إلى لاهاي، ولو بالتعاون، فإنها لن تكون عادلة في نظر الشعب السوداني والسواد الأعظم من شعوب العالم، ولو تمظهرت بالقانون والمحكمة والقضاة.. فالملف أحيل إلى لاهاي بأمر مجلس الأمن، والرضيع في مهد أمه يعلم إن كان مجلس الأمن عادلاً في أحكامه..!!

:: لو كان عادلاً، فمع ملف دارفور أو قبله، لأحال إلى لاهاي ملفات فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها من الملفات التي يحرسها الأقوياء بقانون القوة.. نعم، فالآلية التي تحاكم الأنظمة على جرائمها هي قانون القوة، وليست قوة القانون الدولي.. وعليه، لتحقيق العدالة في قضية دارفور، فعلى حكومة الثورة أن تراهن فقط على القوانين والمحاكم الوطنية.. أما لاهاي، فما هي إلا إحدى آليات الظُلم..!!

Exit mobile version