Site icon صحيفة الصيحة

الطاهر ساتي يكتب: (تَرفض بَس)

 

:: مُنتصف الأسبوع الفائت، جمعتني فَضائيّة الجزيرة بالأستاذ فتحي عباس نوري، القيادي بقِوى الحُرية، وعضو سكرتارية هيئة الإجماع الوطني، وكان التّطبيع مع إسرائيل موضوع النقاش.. وبعد ثلاثة أيّام منذ ذاك اللقاء، جَمعتني فضائية الشرق نيوز بالمهندس عادل خلف الله، القيادي بقِوى الحُرية، وعضو اللجنة الاقتصادية، وكان ترشيد الدعم – المُسمّى مُجازاً – برفع الدعم، موضوع النقاش..!!

:: ومن الغرائب، في القضيتين – بالفضائيتين – كُنت الطرف الداعم للتطبيع وترشيد الدعم والمُدافع عنهما، بيد أنّ مُمثلي الحكومة – نوري وخلف الله – رفضا التطبيع وترشيد الدعم، وهاجما حكومتهما حتى ظننت أنّها النظام المخلوع.. وبعيداً عن نوري وخلف الله، وعن التطبيع وترشيد الدعم، فإنّ أقوى وأشرس مُعارضة لحكومة حمدوك، في كل السِّياسات والقضايا، هي حَاضنتها السِّياسيَّة المُسمّاة بقِوى الحُرية والتّغيير..!!

:: رغم مَحَاسِن حياد السُّودان بالوقوف على مَسَافَةٍ واحدةٍ من كل دول العالم بما فيها إسرائيل، ورغم مَحَاسِن ترشيد الدعم بحيث يذهب لمن يَستحقه فقط، ورغم مَحَاسِن سلام السُّودان بالجنوب، والذي يُساهم في الاستقرار السِّياسي ويُوقف الحَرب، رغم كل هذا، فإنّ قِوى الحُرية ترفض حياد السودان وسلام السودان وترشيد الدعم.. وهكذا مواقف قِوى الحُرية، المُعلنة والمخبوءة، من كل القضايا.. (ترفض بس)، وكأنّها ما تحالَفت إلا لتُعارِض حُكومتها..!!

:: والمُهم.. لو لَم تُواجِه بعض قِوى الحُريّة خُطة ترشيد الدعم بالرفض، لَبدَأت مع بداية العام، ولتجاوزت البلاد بعض آثارها.. والمُؤسف، كما تجلّى في موقف عادل خلف الله، ورغم آثار الدَّعم التي تتجلّى حاليّاً في صُفُوف الوقود والمَخابز، لا تَزال بعض قِوى الحُريّة تتمادَى في رفض ترشيد الدعم، دون أن تُقدِّم البديل المُناسب.. نعم، قِوى الحُرية لا تَملِك برنامجاً اقتصادياً، بحيث يكون هو البديلُ لبرنامج ترشيد الدعم، أي هي (ترفض بس)..!!

:: وليس هناك ما يُبرِّر لقِوى الحُرية رفض ترشيد الدعم غير مَواقِفها في عهد النظام المخلوع.. ولكن هناك فرقٌ.. رفعُ الدعم سابقاً، كان دعماً للحرب وما أسموهم بـ(القطط السمان)، وهؤلاء ما سمنوا إلا برعاية سِياسيَّة، ولذلك كان هذا الرفعُ مرفوضاً من قِبَل الشارِع والمُعارضة.. ولكن اليوم، فمِن الخطأ أن يُسمّى المُصطلح برفع الدعم، لأنه – في حال تنفيذه – ترشيد للدعم، بحيث يذهب الدعم لمن يَستحِق من الفقراء، وليس لعبد الباسط حمزة وإخوانه..!!

:: ترشيد الدعم يعني رفعه عَمّن لا يَستحق، غَنياً كان أو أجنبياً.. وليس من الرّشد السِّياسي، ولا من ترشيد الدَّعم، أن يَتواصَل دَعم الأثرياء والأجانِب وشُعُوب دول الجوار بالتهريب، بيد أنّ بلادنا يموتُ من الفقرِ أطفالُها.. هؤلاء هُم من يجب رفع الدَّعم عنهم، ليُحظَى به مَن يستحق عبر آليات.. ترشيد الدعم بحاجةٍ إلى آليات يجب تَقويتُها ومُراقبتُها بالأجهزة الرسميّة ولجان المُقاومة، ما لم تكن وظيفتها الوحيدة في حياة الناس هي تنظيم المواكب..!!

:: وبدلاً من (الرفض الأشتر)، كان على سَادة قِوى الحُرية، التفكير في خلق آليات تُخَفِّف وطأة ترشيد الدَّعم على الفئات الضعيفة، حتّى يَطمئِن الجميعُ بأن هذا الترشيد لن يُرهق الفقراء وذوي الدخل المَحدود، بَل يُسَاهَم في تحسين مدارِسهم بتوفير الكتاب، ومَشَافِيهم بتوفير الدواء، وخدماتهم بتوفير المياه والكهرباء.. وليس من العدل أن يتم دعم وقود من ينتقّلون بالعربات الفارهة بأموال من يصطلون بشمس المحطات وازدحام المركبات العامة..!!

Exit mobile version