وُفُود السَّلام في انتظار بشارات الوصول  

 

الخرطوم– الصيحة

بعد عُقُودٍ من الحرب والدماء والدموع، كتب السُّودانيون تاريخاً جديداً بتوقيعهم على الاتّفاق النهائي للسَّلام بجوبا عاصمة جنوب السودان، التي دفنوا فيها خلافاتهم، وتوج السودانيون جهود مباحثات استمرت لعام بالتمام والكمال احتضنتها عاصمة السلام “جوبا”، حيث وقعت الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح ممثلة في الجبهة الثورية بشقيها على الاتّفاق النهائي للسلام وسط حضورٍ رسمي وشعبي ومشاركة دولية وإقليمية يوم السبت الماضي.

ووقّع على مسودّة الاتّفاق النهائي ممثل الحكومة، النائب الأول لرئيس المجلس السيادي، رئيس وفد التفاوض الحكومي الفريق أول  محمد حمدان حميدتي، ورئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس إلى جانب قادة المسارات بقيادة مالك عقار، التوم هجو، أسامة سعيد، محمد سيد أحمد الجكومي، مني أركو مناوي، وجبريل إبراهيم.

وشهد التوقيع حضور إقليمي ودولي بقيادة رئيس تشاد إدريس ديبي أتنو، ممثلو دولة الإمارات العربية المتحدة، قطر، الاتحاد الإفريقي، الأمم المتحدّة.

ووقّع أبطال السلام بمداد التّوافُق سَلاماً طال انتظاره، وإن تبقى شيطان التفاصيل ينتظر فُرقاء الأمس، رفقاء اليوم بالخرطوم، التي بدأت تتزيّن، استعداداً للفرح الكبير والاحتفال بالقادمين الذين حَوّلوا شعار “أرضاً سلاح” إلى واقعٍ معاشٍ.

وعلمت (الصيحة) أنّ أول وفود السَّلام ستصل الخرطوم بعد غدٍ الخميس بقيادة نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي، رئيس وفد التفاوض الحكومي الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تمهيداً للشروع في تنفيذ الاتفاقية على أرض الواقع، بعد الاجتماع الأخير بين وفدي الحكومة ومُكوِّنات الجبهة الثورية اللذين أكّدا فيه ضرورة الإسراع في بدء تنفيذ الاتفاق من الخرطوم وليس من جوبا، وقطعا بجاهزيتهما لتنفيذه على الأرض عملياً.

العودة الظافرة إلى العاصمة، وهي تحمل وثائق السلام الذي طال انتظاره، ستكون محضورة ومُزدانة باحتفاء واحتفال رسمي وشعبي، حيث ستكون ساحة الحرية في الخرطوم مسرحاً للاحتفاء بصُنّاع السلام القادمين من جوبا ظهر بعد غدٍ الخميس بمشاركة شعبية ومجتمعية كبيرة ومقدّرة.

العودة للخرطوم

العودة إلى الداخل مثّلت ملمحاً مُهمّاً من ملامح كل الحوارات واللقاءات التي جرت بين الجهات الحكومية والسياسية ومُمثلي حركات الكفاح المُسلّح، إذ أنّ التنفيذ الفعلي لما تم الاتفاق عليه لا بد أن يكون من داخل البلاد، بل ومن العاصمة الخرطوم حتى يتنزّل الاتفاق إلى واقع الناس الذين ظلوا يترقّبون ويترقّبون.

وعَقب نهاية الاجتماع الحاسم بين وفدي الحكومة ومُكوِّنات الجبهة الثورية بجوبا، أوضح عضو مجلس السيادة، الناطق باسم وفد الحكومة محمد حسن التعايشي، أنّ الطرفين اتّفقا على ضرورة وحدة الأطراف المُوقّعة على الاتفاق، كما اتّفقا على عدم تأجيل أيِّ بندٍ من بُنُود الاتفاق لاعتبار الجداول الزمنية.

وقال التعايشي: “بعد أن توصّلنا إلى الاتفاق، من المُهم أن نبدأ بتنفيذ بند الترتيبات الأمنية حتى نبرهن للشعب السوداني أنّ الحرب قد تَوقّفت، وأن بداية تشكيل المُؤسّسات المُتّفق عليها في الاتفاق ومؤسسات الدولة ستكون من المجلس السيادي ومجلس الوزراء وتكوين المجلس التشريعي”.

وهو ما أكّده رئيس الجبهة الثورية د. الهادي إدريس، بأنّ أطراف العملية السلمية جادون في تنفيذ الاتفاق، وأوضح أنّ الاجتماع المُشترك بحث عَدَدَاً من القضايا، خَاصّةً وصول مُكوِّنات الجبهة الثورية للخرطوم وبداية التنفيذ.

عَودة مَشروطة

وفي الوقت الذي تَستعد فيه الخرطوم لاستقبال شُركاء السلام، كشف الناطق باسم حركة العدل والمساواة معتصم أحمد صالح، أنّ وصول قيادات الحركات والجبهة الثورية للخرطوم مَرهونٌ بشروط أهمها تضمين اتفاق السَّلام في الوثيقة الدستورية.

وقال صالح لـ(الصيحة)، إنّ المُشاورات جارية حول زمان وكيفية العودة للخرطوم، وقطع بأنّ الخطوة لن تكتمل دُون تكوين اللجان العُليا لتقييم ومُراقبة اتفاقية السَّلام، وأضاف أنّها أوصت بضرورة إدراج اتّفاق السَّلام ضمن الوثيقة، وتعيين أعضاء المجلس السيادي خلال (10) أيّام، بجانب تعيين أعضاء مجلس الوزراء خلال (7) أيّام وأعضاء التشريعي خلال (60) يوماً، ومفوضية النازحين واللاجئين خلال (60) يوماً من تاريخ التوقيع. وأكّد صالح أنّ الاتفاق لا يُمكن تنفيذه قبل إنشاء الآلية التنفيذية للمُراقبة من الأطراف المُوقّعة والمُجتمع الدولي، وقال: “من الضرورة بمكان تشكيل لجنة لإدراج الاتفاقية ضمن الوثيقة الدستورية وإزالة التّعارُض في بنودها مع الاتفاق”، ونوّه إلى أنّ الخطوة تحتاج مُوافقة جَميع المُشاركين. ودعا صالح لعدم التأخُّر في التنفيذ. وكشف عن مُشاورات حول حُضُور وفود المُقدِّمة للخرطوم قبل تشكيل اللجان المعنية. وذكر أنّ عودة القيادات ما زالت مَحل تَردُّد. وقال “لكن يُمكن أن تحدث مُتغيِّرات في حُضُور الوفود خلال الأيّام المقبلة”.

تكملة السَّلام

تَوافقت أطراف السَّلام على ألا رجعة للحرب بعد أن ذاق السُّودان ويلاتها منذ الاستقلال وهو ما بصم عليه رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان خلال حفل التوقيع بجوبا، بأنّه لا حياد عن طريق السَّلام، لكنه رهن إنزال الوثيقة للواقع بانضمام الحلو وعبد الواحد، وقال “نأمل أن يكون ذلك قريباً”، وفي ذات المساعي تحرّكت الوساطة الجنوبية لتكملة جميلها، وأعلنت أمس أنّ التفاوض مع رئيس الحركة الشعبية – شمال عبد العزيز الحلو، سيبدأ في الأُسبوع الثالث من أكتوبر الحالي تمهيداً للسَّلام الشَّامل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى