Site icon صحيفة الصيحة

دعوات وضغوط دولية .. الحلو ونور.. هل يجنحان للسلام!

 

تقرير ــ مريم أبشر

(مازلنا في انتظاركم)، بهذه العبارة جدد رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك في كلمته خلال مراسم توقيع اتفاق السلام بمدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان مطلع الأسبوع، رسالته للقائدين في الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال عبد العزيز آدم الحلو، وحركة جيش تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، وطالبهما بالانضمام للسلام، وأكد العمل بكل جد للتوصل إلى اتفاق وطني شامل يضمن استكمال خطوات السلام والوصول للاستقرار في كل البلاد، وأضاف بأن هذا السلام سوداني مطبوعة عليه هويتنا بتعددنا وتنوع ثقافتنا واختلاف سحناتنا، صُغناه بأيدينا وبجهدنا في السودان مع تعهد ورعاية كريمة من الأشقاء في جوبا.

دعوة حمدوك لم تكن استثناء، فقد سبقتها وأتت بعدها دعوات من رئيس المجلس السيادي ونائبه ورئيس دولة جنوب السودان التي احتضنت التفاوض، ومن الرؤساء المشاركين في الحفل، بجانب كل القيادات الموقعة وشهود السلام والضامنين للاتفاق، للقائدين الحلو وعبد الواحد بالانضمام لركب السلام، خاصة وأن من كان سببًا في الظلم الذي قاد لرفع السلاح قد أزاحه الشعب عبر ثورة ديسمبر التي كان السلام أحد شعاراتها الأبرز.

ويتوقع مراقبون أن تعقب الدعوة الأخوية للقائدين، ضغوط من المجتمع  على  رئيسي الحركتين للانخراط في السلام واللحاق بالركب، سيما وأن أبواب الاتفاق والحوار مفتوحة لطرح كل رؤى الحركات للسلام والتحاور حولها بقلب وعقل مفتوحين وسط أجواء السلام التي تنسمها وفرح لها بطعم خاص أصحاب المصلحة الحقيقية النازحون واللاجئون الذين اكتووا بنيرانها، وتأتي الدعوات أيضاً في ظل حراك إيجابي بجوبا لحث الحلو على تسريع وتيرة انخراطه لتكملة ما بدأه معه رئيس الوزراء بأديس أبابا، وقد أكدت أنباء اجتماع الحلو وقيادات من الحرية والتغيير بجوبا أمس الأول، اتفاق الطرفين على تشكيل لجان للتفاوض، في الوقت الذي تنشط فيه التحركات لحمل عبد الواحد على طرح رؤيته على المائدة.

دعوة خاصة ولكن!

رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أرسل دعوة صادقة للقائدين الحلو ونور للانضمام إلى عملية السلام وعدم تفويت الشرف، فيما أعرب نائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) عن الرغبة في سلام شامل وحرص على استئناف المحادثات مع الحركة الشعبية بقيادة الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد وصولاً لسلام غير منقوص، غير أن عبد الواحد اعتبر أن اتفاق سلام السودان سيعمق الأزمة، وأنه اتفاق محاصصة بين موقعيه والحكومة الانتقالية ولم يخاطب جذور المشكلة، ومع ذلك نفى في حديث نشرته (الشرق الأوسط)، أن تكون لحركته أية شروط للانخراط في العملية السلمية، وأنه سبق وتلقى دعوة للمشاركة في المفاوضات، لكن حركته رفضت الدخول في مفاوضات تتم بذات طريقة العهد البائد ــ حسب تعبيره، وقال إنه سيعود قريباً للسودان لإطلاق مبادرته للسلام من الداخل القائمة على بسط الأمن ونزع السلاح من القبائل التي سلحها العهد البائد وتسليم المطلوبين للجنائية وإعادة القبائل التي تم طردها لأراضيها مع منحهم التعويضات وإبعاد المستوطنين الجدد.

قفل البلف

الدعوات والمطالبات للقائدين الحلو ونور من قبل الموقعين والشهود تأتي في إطار العمل الدبلوماسي، وأنها  لن تقدم ولن تؤخر كما يرى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية عبد الرحمن أبو خريس، وقال لـ(الصيحة)، إن كلا القائدين لهما شروط محددة؛ الحلو حق تقرير المصير وعبد الواحد الحكومة المنتخبة، وإذا لم تلبِّ الحكومة الانتقالية مطالبهما فلن يأتيا لطاولة الحوار.

ويرى أن عدم وجودهما ضمن الاتفاق سيكون له أثر باعتبار أنهما من أكبر الحركات ولديهما قوات على الارض وحاضنة في الجبل وفي جنوب كردفان، ورغم ذلك يعتقد أبو خريس أن نور والحلو سيكونان مراقبين لتنفيذ الاتفاق، وأن على الحكومة أن تكون جادة في تطبيقه، ولفت إلى أن إرث الحكومات الماضية في التنفيذ غير مشجع، وطالب المجتمع الدولي بالكف عن تقديم الدعم، وقال “هنالك دول وجهات لا زالت تدعم الحركتين”، وأضاف “هناك ربط بين الدعم المقدم ومواصلة الحركات لرفضها للسلام”.

فقدان السند

في ذات الوقت، يرى بعض الخبراء والمراقبين لحجم حركات الكفاح المسلح  أن حركتي الحلو ونور ما زال يمكنهما التأثير، ويعتقد الخبير الدبلوماسي السفير الطريفي كرمنو، أن اتفاق جوبا أفقد الحركات الكثير من القوة والدعم، وأن قدرة الحركات قد شُلّت.

وذكر في حديثه لـ(الصيحة)، أن القائد الحلو كان يعتمد في الماضي على جوبا، غير أن رعايتها لمفاوضات السلام التي كًلِّلت بالنجاح ونيل الفريق سلفا كير ولجنته المفاوضة لجوائز السلام أفقد الحلو هذا السند، إضافة إلى ذلك فإن أي دخول للحلو في مواجهة مع القوات المسلحة ستفقده الكثير، فضلًا عن أن كاودا ليست شبيهة بكهوف تورا بورا المحصنة ولن تكون بعيدة عن مرمى القوات المسلحة إن فضّل الحرب.

هذا فيما يلي الحلو، أما القائد نور فيرى الطريفي أنه كان يستند على إسرائيل التي ترغب الآن في تطبيع علاقاتها مع السودان، أضف الى ذلك فإن ما حدث مؤخرًا بجبل مرة من قبل قواته في محاولة لإفشال المفاوضات تصدت له القوات المسلحة التي لم يسجل التاريخ هزيمة لها منذ حركة جوزيف لاقو 1972م، أو في المواجهة إبان قيادة رئيس الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق الذي لم يستطع دخول جوبا إلا بعد توقيع اتفاق السلام، ولفت إلى أن الرأي العام العالمي الآن مع السلام بما فيه فرنسا التي تأوي نور وليست لديها الرغبة في استمرار الحرب بدارفور لأنه سينعكس على مناطق نفوذها، ودعا الحركتين للجنوح إلى السلام وتغليب صوت العقل نزولًا لرغبة المواطنين الذين أنهكتهم الحروب.

Exit mobile version