مخاوف من ازدياد الحالات (النزفية) بالشمالية.. اكتمال ثالوث الكوارث

 

لجنة الطوارئ بالولاية: أكثر من (851) حالة اشتباه

والي الولاية: إدارة الأوبئة تحاول حصر المرض في أضيق نطاق

الحرية والتغيير: إعلان الدبة ومروي منطقة مغلقة بسبب الحمى

مدير مستشفى الدبة: لدينا نقص حاد في الأدوية والدربات والوضع صعب

المدير الطبي: كل ما وصلنا من أدوية لا يزيد عن مائة درب فقط

تحقيق: النذير دفع الله ــ حسن حامد

ما أصاب الولاية الشمالية من كوارث وأوبئة لم تتعرض له طوال العقود الماضية، ففي الوقت الذي تسعى فيه الولاية لمكافحة وباء (كورونا) رغم الانتشار والوفيات الكبيرة، حلت عليها كارثة الفيضانات والسيول التي خلفت وراءها دماراً وخراباً ظل أثره باقياً حتى اليوم، وبينما تحاول الولاية مرة أخرى النهوض من وحل الفيضانات والسيول، داهمتها حالات حمى الوادي المتصدع التي اخترقت أعماق الولاية ومكامن قوتها، فكانت تلك الحميات تمثل رأس الثالوث الفتاك الذي ألمّ بالبقعة الشمالية محدثًا خراباً وهلاكاً منظوراً ومشهوداً، حيث عبّر عدد من المواطنين في محليتي الدبة ومروي ومنطقتي الغابة والعفاض بالولاية الشمالية خلال جولة لـ(الصيحة)، عن تخوفهم من الحميات المنتشرة بالولاية، وأوضحوا أن وضع الحميات في ازدياد كبير بينما التحركات الصحية والطبية أقل بكثير من عدد إصابات الحميات مما يؤكد أن المرض في انتشار بصورة مخيفة.

وكشف المواطن شاذلي الطيب عبد العظيم، عن حدوث سبع وفيات خلال يومين في منطقة الغابة، ووصف الوضع بأنه ينذر بخطر ويتطلب التدخل، وطالب بتوفير الأدوية بالمحلية، وأشار إلى عدم وجود أدوية منقذة للحياة أو تلك التي تعطى لحالات حمى الوادي المتصدع، بينما نوه المواطن سلطان كيجاب إلى إصابة (13) حالة في منطقة الغابة منها سبع حالات وفاة.

انعدام الكوادر

وكشفت جولة قامت بها صحيفة (الصيحة) داخل مستشفى الدبة عن عدم وجود الكوادر الوسيطة والممرضين بالمستشفى، حيث أكدت بعض المصادر الطبية بالمستشفى، ازدياد حالات التبليغ بالحميات في عدد من مناطق المحلية وخاصة في مناطق الغابة والعفاض.

وأكدت المصادر أن عدد حالات الحميات وصلت إلى (28) منذ إعلان المرض، وقالت إن المستشفى يفتقر لأبسط المقومات المتعلقة بالأمان والوقاية للعامل من المعقمات والكمامات والقفازات وغيرها مما يجعل بعض الممرضين يترددون في تقديم بعض الخدمات المباشرة للمرضى خاصة مرضى الحمى، بينما لا تزال جائحة (كورونا) قائمة، الأمر الذي ينذر بمزيد من المعاناة تجاه المرضى والممرضين.

 

إجهاض الماشية

وفي السياق، أقر المدير العام لمستشفى الدبة د. معاوية بشارة، بأن عدد حالات الحميات بلغ (28) حالة منها ثلاث وفيات، وكشف لـ(الصيحة) عن وقوع (400) حالة إجهاض في الماشية بمنطقة العفاض ونفوق عدد منها مما يشير إلى أن تلك الحميات ما زالت موجودة بكثافة مما يتطلب التدخل العاجل والفوري.

ونبه بشارة إلى خلو مستشفى الدبة من المحاليل الوريدية بالإضافة للبندول، والرنغر والبندول والهايدروكاتزول، بالإضافة للفلاجيل والسامكسون لمجابهة طوارئ الحمى النزفية، وطالب معاوية وزارة الصحة الاتحادية بتوفير الناموسيات للمرضى للتقليل من نقل العدوى والإسراع في عمليات الرش والمكافحة، وأكد إصابة أكثر من (13) بمنطقة الغابة.

وطالب معاوية أبناء محلية الدبة في المناطق المختلفة والمهجر بتكوين لجنة لمتابعة الأوضاع الصحية ودعم المنطقة بالاحتياجات الطبية، ودعا الجهات الرسمية للإسراع في عمليات الرش بالطيران لمحلية الدبة وغيرها من المناطق لمكافحة البعوض.

وبعث معاوية برسالة للمواطنين والعاملين في مجال الذبيح بالحذر الشديد في التعامل مع اللحوم، سيما وأن معظم المواشي متهمة بالإصابة بالمرض.

 

انعدام الأدوية

من جهته، قال المدير الطبي لمستشفى محلية الدبة د. سليمان الشفيع لـ(الصيحة)، إن عدد الإصابات بحمى الوادي المتصدع المؤكدة بلغت حالتين منذ الإعلان عن المرض منذ أكثر من أسبوعين، وأضاف بأن المستشفى استقبل حالتين تم إرسال العينة للمعمل القومي، وأوضح  أن الكثير من الحالات التي تأتي للمستشفى هي حالات اشتباه بحمى الوادي المتصدع ولكن في مجملها دائماً ما تكون (تايفويد أو ملاريا).

وأقر بأن الوضع بالمستشفى يحتاج لتضافر جهود لتوفير الأدوية المنقذة للحياة، وكشف أن وزارة الصحة الاتحادية لم توفر أي نوع من أنواع الأدوية للمستشفى، وقال إن كل ما جادت به الاتحادية عبارة عن مائة درب فقط وقليل من الأدوية الأخرى التي لا تكفي ليوم واحد مقارنة بالضغط والتردد العالي للمرضى بالمستشفى، في ظل وجود عدد من الأوبئة والأمراض الأخرى.

وأشار سليمان إلى قيام حملة للرش بالمحلية عبر الطائرات بالتنسيق مع الطب الوقائي الذي وصل المحلية منذ أكثر من ثلاثة أيام.

سلبيات صحية

والي الولاية الشمالية البروفيسور آمال عز الدين أكدت لـ(الصيحة)، أن  ظهور الحميات بعدد من محليات الولاية سببه الرئيس هو السيول والفيضانات التي اجتاحت الولاية مؤخراً وخلفت الكثير من السلبيات الصحية الأمر الذي يستدعي المزيد من التدخلات.

وكشفت آمال عن تسجيل (50) حالة إصابة بالحميات النزفية في مروي ودنقلا والغابة والدبة من بينها عشر وفيات، وأشارت إلى أن السلطات الصحية بالولاية وبعض الجهات الاتحادية متمثلة في إدارة الأوبئة ما زالت ترابط من أجل تقديم الخدمات الصحية ومحاصرة المرض في أضيق نطاق والخروج بأقل الخسائر.

إغلاق المنطقة

مقرر قوى الحرية والتغيير بمحلية الدبة عبد المنعم بشارة قال لـ(الصيحة)، إنه تم تكوين غرفة طوارئ عليا بمحلية الدبة تشمل كل الوحدات والإدارات بالمحلية بالإضافة إلى (تيم) مصاحب من الولائية والاتحادية من أجل العمل على كيفية مكافحة الوباء منها تيم متخصص في البيطرة.

وأكد بشارة أن مجلس السيادة الانتقالي وافق على تتبع خريطة خطوط الطيران لرش المنطقة، وكشف أن لجنة الطوارئ أعلنت عن إغلاق المنطقة وإعلان مستشفى القطري والضمان في مروي للطوارئ لما يتوفر بها من أجهزة حديثة، وأن جميع الحالات المرضية يتم تنقلها داخل المحليتين فقط دون خروجها منهما.

وأشار بشارة إلى أن اللجنة أعلنت إيقاف استخدام اللحوم والألبان، وأوضح أن اللجنة قررت أن يعمل كل الأطباء والكوادر الصحية بالمنطقة تحت الطوارئ، وشدد على أن حجم الوباء ليس بالقليل خاصة في الجانب الحيواني، وأكد فحص أكثر من (19) عينة أثبتت الفحوصات إصابتها بفيروس الحمى النزفية.

ضعف الأنشطة

وعلى ذات الصعيد، قال مدير إدارة الطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة بالولاية د. محمد محمود السيسي لـ(الصيحة)، إن اللجنة بدأت منذ إعلان بلاغ الوباء الأول في التقصي عن الحالات المشتبه بها، وأضاف بأنه تم إرسال عدد من العينات للمعمل القومي وأثبتت إصابتها بالحمى النزفية.

وأكد السيسي أن كل الجهات الرسمية والشعبية وضعت يدها مع بعضها البعض من أجل مكافحة الوباء ومعالجة الأزمة، ونوه إلى وجود ضعف في الأنشطة الروتينية في كل مجالات الصحة بالولاية مما مكن اللجنة لكشف مكامن الخلل حيث تم التعامل مع الخلل بكل سرعة من توفير الكوادر وتوزيع المعقمات، بالإضافة للكلور لتعقيم المياه وتقوية أتيام التقصي المرضي لكل الأقسام الصحية في المنطقة، فضلاً عن الرش بثلاثة طرق لمكافحة البعوض.

وذكر السيسي أن عدد الوفيات بلغ (14) حالة من جملة (851) حالة اشتباه والمؤكدة (17) حالة، ودعا أهل وأبناء المناطق المتأثرة إلى مزيد من الصبر والتعاون وغسل مواعين مياه الشرب وردم البرك وأماكن توالد البعوض والتنسيق بينهم ولجنة الطوارئ من أجل مكافحة هذا الوباء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى