قصة التطبيع.. المزيد من الجدل!!

 

الخرطوم: إنصاف العوض- مريم أبشر

تواصل الطرق الشديد على قضية المفاوضات السودانية الأمريكية، والتي تصاحب في طيها مسألة التطبيع بين السودان وإسرائيل كواحدة من المطالب الأمريكية المهمة للخرطوم في طريقها إلى العودة إلى المجتمع الدولي، والذي يبدأ بإعادة العلاقات مع واشنطن إلى وضعها الطبيعي، وازداد الطرق مع زيارة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ووفد وزاري رفيع إلى دولة الإمارات، حيث جرت مفاوضات مباشرة مع الجانب الأمريكي.. لكن الرسائل والتحليلات الواردة من هناك تباينت بصورة مربكة، ما جعل توقع النهايات والخلاصات باباً مفتوحا على مصراعيه لكل اجتهاد، وادى لمزيد من الجدل بدلا عن الحسم الكامل.

مباحثات جادة

وعاد رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أمس، قادماً من دولة الإمارات بعد أن قاد وفد السودان في مباحثات مع الجانب الأمريكي استغرقت ثلاثة أيام.

وطبقاً لتصريح رسمي من مجلس السيادة، اتسمت المباحثات بالجدية والصراحة وناقشت عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها قضية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والقيود الأخرى التي تفرضها الولايات المتحدة على المواطنين السودانيين مثل حرمان السودانيين من المشاركة في قرعة (اللوتري) وقانون سلام دارفور وغيرها.

وبحثت المحادثات عدداً من القضايا الإقليمية وفي مقدمتها مستقبل السلام العربي الإسرائيلي، الذي يؤدي إلى استقرار المنطقة ويحفظ حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وفقاً لرؤية حل الدولتين، والدور الذي ينتظر أن يلعبه السودان في سبيل تحقيق هذا السلام.

وأكد التصريح أنه سيتم عرض نتائج هذه المباحثات على أجهزة الحكم الانتقالي بغية مناقشتها والوصول إلى رؤية مشتركة حولها تحقق مصالح وتطلعات الشعب السوداني.

لا تقدم

الرسائل المتباينة عبر عنها موقع “Axios” الأمريكي، إذ قال إن المفاوضات  بين السودان والولايات المتحدة في “أبوظبي” انتهت دون تحقيق انفراجة فيما يتعلق باعتراف السودان بإسرائيل.

وأوضح الموقع في تقرير كتبه الصحفي باراك رافيد، أن الوفد السوداني طالب بحزمة مساعدات فورية بقيمة (3) مليارات دولار والتزام بمزيد من المساعدات في المستقبل،  وأضاف “بعد ثلاثة أيام من المفاوضات، لا تزال هناك فجوات بين الطرفين فيما يتعلق بالمساعدة التي يمكن أن يتوقعها السودان من الولايات المتحدة والإمارات مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل”.

لكن صحيفة نيويورك بوست الأمريكية، أكدت أن اتفاق السلام الإسرائيلي القادم سيكون مع السودان رغم أن تقدم المحادثات بين الخرطوم وواشنطن يسير ببطء.

وقالت الصحيفة أمس “يريد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك 3 مليارات دولار ورفع اسم البلاد من قائمة الإرهاب مقابل التطبيع إلا أن التقارير الواردة من أبو ظبي تشير إلى أن التقدم كان بطيئا بسبب تردد إدارة ترامب في صرف هذا القدر من الأموال، فضلا عن تمسك بعض المشرعين بدفع السودان أموال تعويض ضحايا الهجمات الإرهابية المتهم السودان بالتورط فيها”، وطالبت واشنطن بالتحرك بسرعة وإبداع من أجل ايجاد حل وسط كون السودان لم يعد داعما للإرهاب ومستعد للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل.

وأضافت بأنه حال لم يكن ذلك حافزا كافيا فإن الخطوة تعد فرصة نادرة لإخراج السودان من نفوذ بكين كونها أكبر الشركاء التجاريين لها الآن في وقت تتصاعد فيه المنافسة بين القوى العظمى في أفريقيا وخارجها.

وأرجعت الصحيفة حرص فريق ترامب على التطبيع مع السودان إلى الزخم الكبير الذي ستقدمه الخطوة كون السودان له تأثير الدينمو على عمليات التطبيع المحتملة مع عمان والمغرب والسعودية كونها ضمن الدول التي تدرس إقامة علاقات مع العدو اللدود السابق.

وأشارت إلى أنه حال تقدم السودان إلى الأمام فسترى الدول العربية نظاما إقليميا جديدا يتشكل بسرعة بحيث تكون القدس في نفس الجانب مع الأنظمة التي تسعى لمواجهة ايران.

ولفتت إلى المكاسب التي ستحصل عليها واشنطن برفع السودان من قائمة الإرهاب، وقالت إن رفع العقوبات سينقل رسالة مفادها أن  واشنطن حققت انتصارا دبلوماسيا نادرا في الحرب على الإرهاب كما أنه سيوضح لسكان الشرق الأوسط الآخرين الذين يعانون، لا سيما في إيران أن أمريكا ستكافئ الأشخاص الذين يستردون بلدانهم من الديكتاتوريات الدينية، ووصفت سعي السودان علنا لتطبيع العلاقات مع الدولة اليهودية بالإنجاز الدبلوماسي الكبير لإدارة ترامب الذي بدأ يلوح في الأفق.

ليس فشلا

وقال خبير دبلوماسى لـ(الصيحة) أمس، إن وصف نتائج مباحثات أبوظبي بأنها فشلت سيكون غير دقيق، سواء لجهة نتيجتها المتوقعة والخاصة برفع إسم السودان من قائمة الإرهاب أو لجهة موضوع التطبيع مع إسرائيل، وأضاف “لكن الذي أكدته هذه المباحثات دون ريب هو الإدارة الأمريكية تربط الموضوعين ببعضهما ربطاً وثيقاً”، ورجح أن يكون الجانب الأمريكي المدعوم إسرائيلياً قد منح الجانب السوداني فرصة أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر لترتيب وضعه  وتمرير الصفقة، وأن الجانب السوداني سيبدأ عرض معالم الصفقة ونتائج المباحثات على أجهزة الحكم الإنتقالي، وستنخرط قيادة الوفد خلال الأسبوعين المقبلين في ترتيبات الإخراج لما تم الإتفاق عليه في جولة أبوظبي.

فيما أكد أستاذ العلوم السياسية د. عبد الرحمن أبو خريس، أهمية حدوث توافق داخلي بين الحكومة بشقيها وحاضنتها السياسية حول اى خطوة تطبيع متوقعة مع إسرائيل أمرا مهما، ووصف في حديثه لـ(الصيحة) أمس، عودة الوفد من أبو ظبي وإعلانه الدخول في مشاورات حول نتائج الجولة بالأمر الجيد، خاصة وأن الجانب الأمريكي يصر على الموافقة على ملفات معينة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى