رئيس مجلس إدارة محفظة السلع الإستراتيجية مصطفى عبد النبي لـ(الصيحة)

 

نتوقع أن تلعب  المحفظة دوراً مهماً وحيوياً في الأشهر القليلة القادمة

تستخدم موارد المحفظة لتمويل استيراد وتصدير السلع الاستراتيجية

يسمح للمحفظة بالدخول فى عمليات شراء وتصدير الذهب

 

تعتبر محفظة السلع الإستراتيجية من أهم إنجازات اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية، وتهدف إلى حل مشكلة شح السلع الأساسية في البلاد عبر تمويل الواردات. ومن المتوقع أن تحصل المحفظة على تسهيلات إئتمانية دوارة من البنوك الأجنبية قد تصل إلى 800 مليون دولار( Revolving Credit Limits)، يعتير الأستاذ/ مصطفى إبراهيم عبد النبي، رئيس مجلس إدارة محفظة السلع الإستراتيجية من الكوادر المصرفية ببنك السودان المركزي، حيث تنقل في العديد إدارات وفروع البنك قبل انتدابه للقصر الجمهوري مما أكسبه ذلك الخبرة والدراية بكثير من القضايا الاقتصادية والمصرفية والمالية، فهو رجل دقيق يمتلك الكثير من القدرات والمهارات ومتسلح بالصبر والحكمة وقادر على التواصل مع الآخرين، وجدير بالقيام بإدارة هذا الملف بكفاءة واقتدار….

فمعاً إلى مضابط حوارنا معه…..

حوار: الغالي شقيفات

ـ بداية حدثنا عن فكرة محفظة السلع الإستراتيجية؟

قبل أن أدلف إلى فكرة قيام المحفظة، أود أن أشير إلى الوضع الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ زمن ليس بالقصير- قبل قيام الثورة وإلى يومنا هذا- المتمثل في الضائقة المعيشية التي يعاني منها المواطن في ظل التراجع الاقتصادي المستمر في المؤشرات الاقتصادية الكلية (ارتفاع معدلات التضخم بوتائر متصاعدة، عجز كبير في الموازنة العامة للدولة، عجز في الميزان التجاري، تدهور قيمة العملة المحلية مقابل العملات الحرة، تراجع الناتج المحلي الإجمالي…..الخ)، بالإضافة إلى التشوهات الكبيرة في سوق النقد الأجنبي والممارسات غير السليمة في أسعار الدولار والذهب من خلال المضاربات والتهريب وما إلى ذلك من ممارسات ضارة بالاقتصاد والمواطن في ظل ظروف سياسية وأمنية وصحية غير مستقرة، كل ذلك ألقى بظلاله السالبة على مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطن السوداني، الأمر الذي نتجت عنه ندرة في السلع الاستراتيجية الأساسية مثل المحروقات، القمح ودقيق القمح والأدوية التي تعتمد عليها حياة ومعاش الناس بصورة أساسية (القوت والوقود)، وذلك يُعزى لشح موارد النقد الأجنبي التي يُمكن من خلالها توفير تلك السلع، مما حدا بالقائمين على الأمر من القيام بتشكيل لجنة عليا للطوارئ الاقتصادية يُناط بها وضع تدابير وآليات من شأنها معالجة وتدارك هذا الوضع.

ومن هنا جاءت فكرة قيام المحفظة لتلعب دوراً مهماً في  توفير موارد مالية محلية وأجنبية لتغطية استيراد السلع الاستراتيجية كالقمح والمواد البترولية والأدوية، وكذلك توفير تمويل لبعض سلع الصادر الأساسية مثل الذهب والصمغ العربي واللحوم والحبوب الزيتية وغيرها، وذلك على أساس تجاري وتسمى السلع التي تتعامل فيها المحفظة استيراداً وتصديراً بسلع المحفظة. تستخدم موارد المحفظة لتمويل استيراد وتصدير السلع الاستراتيجية المتعامل فيها عن طريق مصارف مؤهلة وتتعامل المحفظة مع سلعها المعرفة استيراداً وتصديراً مع حكومة السودان والقطاع الخاص المؤهل وفق التعريف المقبول لدى إدارة المحفظة.

ـ ما هي الجهات التي ساهمت في إدارة المحفظة؟

ساهمت في المحفظة عدة جهات: البنوك التجارية بمبالغ مقدرة بالعملة المحلية بالإضافة إلى خطوط إئتمان بملايين الدولارات عبر مراسليها بالخارج،  شركات القطاع الخاص (شركة الجنيد مائة مليون دولار)، منتجو ومصدرو وتجار الذهب بعدد من أطنان الذهب، الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي (16 مليون يورو)، سيتم استغلال هذه الموارد في استيراد السلع الإستراتيجية بنظام الدفع الآجل والموارد الدوارة (Revolving fund) .

ـ ما هي سلع الصادر المستهدفة؟

من أهم السلع التي تستهدفها المحفظة للصادر الذهب، السمسم، الصمغ العربي، اللحوم المذبوحة والحية وبعض السلع الأخرى، وذلك نسبة لسرعة تصديرها وتحصيل حصائلها.

ـ ما هي آلية عمل المحفظة وفوائدها التمويلية؟

تقوم البنوك التي لديها خطوط إئتمان مع مراسليها بفتح حسابات دوارة طرف مراسليها بالخارج وتقوم المحفظة بالتنفيذ المباشر لعمليات التصدير عبر القطاع الخاص بنظام الوكالة أو المضاربة أو المشاركة وتُودع الحصائل في الحسابات الدوّارة المذكورة كضمان لسداد خطوط الإئتمان، ويتم كافة التعامل بالمحفظة على أساس السعر الحر للدولار الأمريكي من خلال تمويل سلع الوارد عبر خطوط الإئتمان بطريقة الاعتمادات الآجلة وتكون إدارة المحفظة عبر اللائحة التي تنظم عمل المحفظة، وتتم المشتروات عبر لجنة العطاءات بكل شفافية، ومن الفوائد التمويلية توفير تمويل لاستيراد السلع الإستراتيجية عن طريق (DP) الدفع الأجل، وذلك لرفع الضغوط عن الجنيه السوداني مقابل الدولار، ويتيح ذلك فرصة لرفع قيمة العملة المحلية مقابل الدولار خاصة أن الجهات المستفيدة من الاستيراد ستدفع التزاماتها بالجنيه السوداني وفق سعر السوق، وقد يساهم ذلك في إجراء بعض الإصلاحات الهيكلية اللازمة للصادرات والواردات ومعالجة العجز فى الميزان التجاري،  بالإضافة للمساهمة في معالجة مشكلة السلع الإستراتيجية وتحقيق عائد مُجزٍ للمساهمين في المحفظة قد يتجاوز عوائد الودائع الدولارية كمؤشر يتراوح ما بين ٣٪ إلى ٥٪ في العام وتحقيق عائد مُجزٍ  للمساهمين بالجنيه السوداني كمؤشر يتراوح ما بين ١٦٪ إلى ١٨٪ في العام. كذلك المساهمة في تخفيض معدلات التضخم. كما يساهم في الوفاء بالالتزامات  لمقدمي خطوط الإئتمان بواسطة البنوك السودانية في كسب ثقة المراسلين ومن ثم تصبح مؤهلة لتلقّي خطوط إئتمانية لمختلف السلع في المستقبل بحجم أكبر.

ـ برأيك هل هنالك مخاطر مُتوقّعة؟

بالطبع المخاطر عملية قد تُلازم أي نشاط يقوم به الإنسان مثلاً: عدم استغلال موارد المحفظة بالصورة المُثلى قد ينجم عنه اختلال كبير في التدفقات النقدية وبالتالي يؤدي ذلك إلى الفشل في سداد التزامات الاستيراد، ولتفادي ذلك يمكن البدء بتنفيذ عمليات الصادر أولاً ثم مُماثلتها بعمليات استيراد، وتحوّطاً لذلك تم وضع لائحة متكاملة لعمل المحفظة، حيث يوجد مجلس إدارة ولجنة تنفيذية وبنك رائد ولجنة عطاءات ومراجع قانوني ومستشار قانوني، وذلك لضمان حسن الإدارة والشفافية والقيام بدرجة عالية من التنسيق في إدارة عمل المحفظة بما يُجنّبها أي إسقاطات سالبة قد تصاحب تنفيذ أعمالها.

ـ مِن مَن يتكون الهيكل التنظيمي للمحفظة وكذلك المجلس الاستشاري؟

يتكون الهيكل التنظيمي للمحفظة من الجمعية العمومية، مجلس إدارة المحفظة، اللجنة التنفيذية، لجنة العطاءات والبنك الرائد. وهنالك المجلس الاستشارى الذي يتكون من وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، وزارة الصناعة والتجارة، وزارة الطاقة والتعدين، وزارة الصحة، بنك السودان المركزى، رئيس لجنة تسيير اتحاد المصارف.

ــ حدثنا عن مجلس إدارة المحفظة وما هي مهام البنك الرائد؟

يتكون مجلس إدارة المحفظة من خمسة من كبار مساهمي المصارف في المحفظة بنك الخرطوم، بنك الخليج، بنك أم درمان الوطني، بنك فيصل الإسلامي، بنك البركة، شركة الجنيد، ممثل لكل من شركات مخلفات التعدين والمعدنين التقليديين ومصدري الذهب، ممثل لأصحاب العمل بخلاف قطاع الذهب، ممثل لجنة استقطاب الدعم الخارجي، ممثل الجهاز الاستثماري  للضمان الاجتماعي ورئيس اللجنة التنفيذية للمحفظة.

يقوم مجلس الإدارة بوضع الخطط والسياسات العامة للمحفظة، تحديد السلع الاستراتيجية التي تتعامل فيها المحفظة، متابعة حسابات المحفظة بصورة دورية من حيث الموارد والاستخدامات، يعتمد ممثلي الجهات المساهمة في المحفظة، بالإضافة إلى تعيين المراجع والمستشار القانوني للمحفظة.

ـ مهام البنك الرائد؟

يقوم البنك الرائد (بنك البركة) بإدارة حسابات المحفظة طرف بنك السودان المركزي بما في ذلك الحساب التجميعي الموحد بالنقد الأجنبي لموارد المحفظة، متابعة تنفيذ التمويل للطلبات المعتمدة من اللجنة التنفيذية، إعداد التقارير بالكيفية التي يطلبها مجلس الإدارة. كما يقوم بإخطار اللجنة التنفيذية بأي مشاكل تعترض أداء المحفظة، وذلك بغرض التنسيق مع الجهات ذات الصلة ومتابعة السداد مع المصارف المنفذة لعملية التصدير والاستيراد تجنباً لحدوث تعثر إضافة إلى إبرام العقود مع الجهات المعنية.

ـ هل يمكن السماح للمحفظة بالدخول في عمليات البيع والشراء؟ وما الذي يتم عند فتح اعتمادات الاستيراد؟

نعم؛ يُسمح للمحفظة في الدخول في عمليات شراء وتصدير الذهب واستخدامه كضمان لخطوط التمويل الخارجي بعد ختمه بواسطة مصفاة ذهب معتمدة عالمياً. بالإضافة إلى السلع التي تمت الإشارة إليها آنفاً.

عند فتح اعتمادات لاستيراد السلع المطلوبة تقوم المصارف بأخذ هامش نقدي (Cash Margin)  يغطى قيمة الاعتماد بنسبة ١١٠٪  بالسعر الحر كحد أدنى، وذلك قبل فتح الاعتماد مع الجهة المستفيدة، تجنباً للتقلبات التي تحدث في سعر الصرف من وقتٍ إلى آخر مما قد يُلحق خسائر بأموال المساهمين خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تشهدها البلاد.

أخيراً ماذا تقول

نتوقّع أن تلعب  المحفظة دوراً مهماً وحيوياً في الأشهر القليلة القادمة من خلال تصدير بعض السلع سالفة الذكر والتي يُمكن أن توفّر موارد من النقد الأجنبي يتم استغلالها في استيراد السلع الإستراتيجية التي تستهدفها المحفظة، والتي نحسب أنها إذا تمت إدارتها ورقابتها بصورة مُحكَمة تساهم في معالجة المشاكل الحالية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى