الطاهر ساتي يكتب : تُجّار الثورة..!!

 

:: تفصيل القرارات والقوانين واللوائح حسب مقاسات أصحاب النفوذ ومراكز القوى الفاسدة بالدولة والمجتمع، كان من سمات عهد النظام المخلوع، بحيث كل نافذ فاسد كان يفعل ما يشاء بغير رقيب أو حساب.. ويبدو أن الحكومة الانتقالية أيضاً ملوّثة بلصوص الثورة وتُجّارها الذين يعملون على تجريد الثورة من مبادئها وقيمها وأهدافها وسماتها، ومنها عدم تفصيل القرارات والقوانين واللوائح حسب مقاسات النافذين والفاسدين..!!

:: يوم الخميس، فاجأ بنك السودان البنوك والشركات والرأي العام بمنشور (غريب ومُريب)، حيث تم تعديل بعض السياسات المعلن عنها في وقت سابق، والخاصة بضوابط التعامل مع النقد الأجنبي.. تم تعديل هذه السياسات بإضافة مدخلات صناعة التبغ والسجائر إلى قائمة السلع الاستراتيجية المسموح استيرادها من حصائل صادر الذهب والسلع الأخرى.. والقرار يعني دعم التبغ والسجائر، باعتبارها سلعة استراتيجية..!!

:: من أوعزوا لبنك السودان بتخصيص دولار حصائل الصادر للتبغ والسجائر يعلمون أن علبة لبن الأطفال بلغ سعرها (2.200 جنيه)، لأن الشركات تشتري دولارها من الأسواق السوداء، وليس من حصائل الصادر التي يتم تخصيصها اليوم للسجائر، وربما للخمور غداً..  فالطفل شهرياً بحاجة إلى ( 6 علب)، وهذا يعني ميزانية قدرها (13.200 جنيه)، تدفعها الأسرة لعجز الحكومة عن دعم حليب الأطفال، كدعمها للتبغ والسجائر.. وبالمناسبة، ﻧﺴﺒﺔ ﻭﻓﻴﺎﺕ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻟﻌﺪﻡ ﺗﻮﻓﺮ ﺍﻟﺮﺿﺎﻋﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ‏(19%‏)..!!

:: وكما تعلمون فإن الظروف الصحية والاقتصادية ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻘﺰِّﻡ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺮﺿﺎﻋﺔ الطبيعية ﻭﺗﺮﻓﻊ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺮﺿﺎﻋﺔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ.. ﻓﺎﻷﻡ ﻻ ﺗﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺷﺮﺍﺀ ﺣﻠﻴﺐ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺇﻻ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺃﻭ ﻟﻤﺠﺎﺑﻬﺔ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ.. وقبل الثورة بعام، وهي تحتفل مع وزارة الصحة بالأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية، قالت اليونسيف إن بلادنا تحتل المركز السابع في قائمة أسوأ دول العالم في رعاية الأمومة والطفولة..!!

:: و المُحزن للغاية، أن من كل ألف طفل يُولد في بلادنا ينتقل (78 طفلاً) منهم إلى رحمة الله بسوء التغذية.. وسوء التغذية مرده عجز الأم عن تغذية طفلها بالرضاعة الطبيعية لظروفٍ صحية، وكذلك عجزها عن تغذيته بالرضاعة الصناعية لظروف التردي الاقتصادي الراهن..

والسادة الذين يدعمون التبغ والسجائر بحصائل الصادر يعلمون بأن آخر تقارير اليونسيف أشار بأن ( 1.800.000 طفل) مصاب بسوء التغذية في بلادنا.. !!

:: وكذلك آخر دراسة أجرتها اليونسيف تؤكد بأن الرضاعة الطبيعية في بلادنا (55.4%)، وهذا يعني أن الصناعية (45.6 %)، وهي نسبة مزعجة لحكومة تحس بأوجاع شعبها، وهي ذات الحكومة التي تفرض على ألبان الأطفال: (10% جمارك)، (13% ضريبة تنمية)، ( 17% قيمة مضافة)، ( 3% أرباح أعمال)، (رسوم المواصفات2%)..

هكذا حجم الأثقال الحكومية على آلبان الأطفال.. (45%) من قيمة علبة لبن رضيع يتم توريدها في خزينة حكومة تدعم التبغ والسجائر، لإرضاء (تُجار الثورة)..!!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى