Site icon صحيفة الصيحة

الموازنة المُعدَّلة … الكارثة

 

الخرطوم – رشا التوم

أعلنت تنسيقيات لجان المقاومة بالخرطوم وعدد من  خبراء اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير، رفضهم التام  لموازنة 2020 المعدلة، وطالبوا الحكومة بإيقاف تطبيق تلك الموازنة  التي وصفوها بالكارثية واستبدالها بالموازنة التي أعدتها اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير للفترة المتبقية من العام  بسعر الصرف 55 جنيهاً للدولار وسعر الوقود في وضعه الحالي، وكذلك الدولار الجمركي، من أجل كبح جماح التضخم، وإيقاف التدهور المستمر في الوضع المعيشي وتطبيق بدائل سد العجز التي طرحتها اللجنة .
وأكد  الخبراء  في مؤتمر صحفي أمس الثلاثا ء باتحاد المصارف السوداني  أن هناك نتائج كارثية للتعديلات التي أدخلت على موازنة 2020 والتي تتمثل في تخفيض قيمة العملة الوطنية برفع السعر الرسمي للدولار من 55 جنيهاً إلى 120 جنيهاً والذي بدوره قفز بأسعار السوق الموازي للدولار من 140 جنيهاً لأكثر من 200 جنيه  بمجرد إعلان تلك السياسات وقبل التطبيق، واعتبروا  أن تحرير الدولار الجمركي ليرتفع بنسبة 30%  شهرياً إلى أن يبلغ 120 جنيها  سياسة لا تمت لعلم الاقتصاد بصلة،  إذ تؤدي لإخفاء السلع بانتظار ارتفاع أسعارها في الشهر القادم، ما عدوه أدى لارتفاع الأسعار قبل تطبيق الموازنة المعدلة، وأشاروا إلى أن فرض ضريبة قيمة مضافة  على الوقود (البنزين والجازولين) عند مقارنتها مع طرح ما يسمى بالوقود الحر فإن هذا سيقود إلى زيادة جديدة وكبيرة في أسعار المحروقات وغير محددة بسقف، وبالتالي توقعوا في مؤتمر صحفي أمس  باتحاد المصارف السوداني، ارتفاعاً جديداً في تعريفة المواصلات إلى نقطة غير محتملة وزيادة في أسعار السلع نتيجة لارتفاع تكلفة النقل

بدائل جاهزة ولكن

وطرح خبراء اللجنة الاقتصادية البرنامج البديل الذي ظلت تطرحه اللجنة منذ ديسمبر2019 والذي يعتمد على حشد الموارد الداخلية بالاستناد إلى الإمكانيات الكبيرة الكامنة في الاقتصاد السوداني ومن بينها تبديل العملة، تحقيق ولاية المالية على المال العام وإصلاح النظام المالي عبر إيقاف وتجريم تجنيب الأموال، وضم الشركات الحكومية والعسكرية والأمنية والرمادية للولاية العامة وإصلاح النظام الضريبي والجمركي وإيقاف الإعفاءات الضريبية والجمركية غير المرتبطة بقانون تشجيع الاستثمار، وتطبيق الضرائب النوعية والتصاعدية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وجذب مدخرات المغتربين وتأهيل وإصلاح البنيات الأساسية في مجال النقل ودعم الموسم الزراعي والإنتاج الصناعي والإسراع في العمل على استرجاع الأموال المنهوبة ومكافحة التهريب وإقامة بورصة للصادرات السودانية وأن تضع الحكومة يدها على الذهب وتقوية سعر الصرف ومعالجة الأوضاع المعيشية للشعب عبر إنشاء الجمعيات التعاونية الإنتاجية والاستهلاكية مما يساعد في تحديد الأسعار ومراقبتها ومعالجة أزمة المواصلات ودعم وتمويل مشاريع الشباب الصغيرة والمتوسطة والعمل على مكافحة البطالة وتوسيع فرص العمل للشباب والمرأة وإدخال نظام التأمين ضد البطالة.

أخطاء وتزييف

وقال عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير التجاني حسين إن موازنة 2020 اشتملت على أخطاء وتزييف متعمد في المعلومات بغرض تمرير سياسات بعينها، إلا أنها جاءت بأسوأ منها، وعلى ذات الطريق، وقدم شرحاً وافياً لسلبيات موازنة 2020  قبل التعديل مبيناً انه تم وضع تلك الموازنة بواسطة فريق لا يمت لثورة ديسمبر المجيدة بصلة، لذلك جاءت نسخة (بالكربون) لموازنات النظام البائد، وبرغم أن اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير قدمت لوزير المالية ورئيس الوزراء برنامجاً وبدائل لسد العجز، ولكن لم يؤخذ بها، وتم اعتماد برنامج النظام البائد وروشتة صندوق النقد الدولي التي أدت لانهيار اقتصاد أي دولة طبقتها.
اشتملت الموازنة على تضخيم للإيرادات بصورة متعمدة في موردين الأول هو مورد المنح (156 مليار جنيه) والثاني عائد الشركات العسكرية والأمنية ( 110 مليار جنيه)، حاصل جمعهما 267  مليار جنيه (40% من الإيرادات)، وهي إيرادات وهمية لم تتحقق.
اشتملت الموازنة على تضخيم متعمد  للإنفاق وبنسبة زيادة 200% عن العام 2019م لأول مرة فى تاريخ السودان علماً بأن الزيادة غير متضمنة لتعديل الهيكل الراتبي.
تم خلق أزمة مفتعلة بالمحروقات، علماً بأن إنتاج البلاد من البنزين يعادل 78% من استهلاكها، والجازولين يعادل 48%  وعلماً بأن الدولة تفرض ضريبة قدرها 35% على كل لتر محروقات يباع للمستهلك وذلك لتبرير زيادة أسعار المحروقات بنسبة 350%  بشهر مارس 2020م وتأتي تلك الزيادة ضمن التزام الطاقم (إياه) باتفاقه (المخل) مع صندوق النقد الدولي الذي وافقت تلك (المجموعة) على فرض رقابته على أداء الاقتصاد السوداني، مما يعني رهن إرادة البلاد للأجنبي.
عملت الموازنة على تضخيم حجم المبالغ المرصودة للدعم السلعي وبخاصة المحروقات باعتماد طريقة افتراضية خاطئة تقوم على (الحساب على الورق) وفروقات سعر العملة، وليس على التكلفة الحقيقية، وكان وزير المالية السابق يغير في الأرقام وحجم الدعم بين كل فترة وأخرى على حسب غرضه.

تجاوز صريح

وأشار التجاني  إلى عدم  الالتزام حتى بتلك الموازنة في التطبيق، بل تم تجاوزها، برغم أن الموازنة بعد إجازتها تصبح قانوناً لا يجوز خرقه، إلا بالرجوع للهيئة التشريعية التي أجازتها، فقد تم رفع الدعم عن المحروقات بمضاعفة أسعارها إلى ما يقارب خمسة أضعاف مرة واحدة، فكان الارتفاع الكبير في أسعار المواصلات من 30 جنيهاً للفرد في اليوم الواحد إلى 400 جنيه، وارتفاع أسعار كل السلع بسبب ارتفاع تكلفة النقل، وقد أثر ذلك على حياة 40 مليون مواطن سوداني، وليس على أصحاب المركبات فقط كما يدعي المروجون لروشتة صندوق النقد الدولي.. كما تم تحريك السعر الرسمي للدولار من 45 إلى 55 جنيهاً، ومضاعفة الرواتب بنسبة 560% بدون تدرج أو توفر موارد حقيقية، وبدون اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتثبيت الأسعار، فكانت النتيجة ارتفاع الأسعار لتمتص كل تلك الزيادات وأكثر منها.

ازمة أخرى

تمت إقالة وزير المالية السابق د. إبراهيم البدوي، وكان المفترض أن يكون المقصود ليس الأشخاص، إنما السياسات، ولكن جاءت الوزيرة المكلفة لتسير على ذات الطريق . وتم استغلال جائحة كورونا لتمرير روشتة صندوق النقد الدولي. وبينما الوزيرة المكلفة قد اجتمعت إلى اللجنة الاقتصادية للوصول لحلول وطنية إلا أنها كانت تضمر تمرير موازنة تم وضعها في (سرية تامة) وخارج أسوار وزارة المالية، ولم تعرض الموازنة المعدلة على قوى الحرية والتغيير ولجنتها الاقتصادية، إنما تم الدفع بها لمجلس الوزراء للإجازة، واشتملت الموازنة المعدلة ذات الأخطاء، من حيث تضخيم الإيرادات لتبرير تضخيم المنصرفات، واختلاف الأرقام بين ما هو مرصود وبين ما هو وارد في الجداول، وعلى أسوأ منها إذ اشتملت على  تخفيض قيمة العملة الوطنية برفع السعر الرسمي للدولار من 55 جنيهاً إلى 120 جنيهاً للدولار . وقد أدى ذلك فوراً إلى قفزة كبيرة في السعر الموازي للدولار من 140 جنيهاً إلى تخطي حاجز الـ 200 جنيه، بمجرد إعلان تلك السياسات وقبل التطبيق.

إصلاحات وبدائل

منذ ديسمبر 2019 ظلت اللجنة الاقتصادية تطرح جملة من الإصلاحات والبدائل التي تشكل برنامجاً للفترة الانتقالية وهي موجهات لإعداد الموازانات، وتستند على الإيمان بالقدرات الكبيرة التي يزخر بها الاقتصاد السوداني، لتكون الأساس، ثم يكون العون الخارجي عاملًا مساعداً، ولكن تلك البدائل قد وجدت التجاهل الكامل بل الرفض من وزير المالية السابق لأن اتجاهه هو إعادة صياغة الاقتصاد السوداني ليلبي متطلبات روشتة صندوق النقد الدولي بالضد من مصالح شعبنا وقد تمثلت الخطوط العريضة لتلك البدائل في: إعادة هيكلة وزارة المالية، وإزالة التمكين بالوزارة.
والإسراع في عقد المؤتمر الاقتصادي وفق ما تم الاتفاق عليه.
وتبديل العملة بالإضافة الى إلغاء برنامج مراقبة صندوق النقد الدولي لأداء الاقتصادي السوداني، وإقامة العلاقة مع المؤسسات الدولية على أسس تراعي حق السودانيين في إدارة اقتصادهم الوطني.

مكافحة التهريب

وأشار إلى أن البدائل اشتملت على مكافحة تهريب الذهب والمحاصيل الزراعية وغيرها عبر كل المنافذ المحتملة (عند إيقاف تهريب الذهب ترتفع صادراته من 20 طناً (عام 2018) إلى 100  طن وعائداته من 832 مليوناً إلى 5 مليارات دولار.
العمل على إقامة بورصة للصادرات السودانية: الذهب والصمغ العربي والسمسم وغيرها، وذلك لضمان حصائل الصادر، وأن تضع الحكومة يدها على الذهب باعتباره سلعة سيادية.

الشركات الحكومية

ودعت  البدائل  إلى إعادة الشركات الحكومية التي تعمل في مجال تصدير المحاصيل والمنتجات الرئيسية (شركة الصمغ العربي، شركة تسويق الماشية واللحوم، شركة الحبوب الزيتية، شركة الأقطان)، وإنشاء شركات مساهمة عامة لتتولى الصادرات والواردات الأساسية.
تقوية سعر صرف العملة الوطنية عبر العمل على توفير النقد الأجنبي عبر زيادة الصادرات وضبط حصيلة الصادر عبر البورصة، وإخراج شركات سماسرة التصدير المتلاعبة بحصيلة الصادرات من التجارة في السلع الأساسية.
 الوضع المعيشي

في هذا الجانب طالبت قوى الحرية والتغيير بعدم فرض أي زيادات جديدة في أسعار المحروقات والغاز والخبز تحت أي مسمى سواء كان (التجاري) أو (رفع الدعم)، وإعادة النظر في السعر التجاري للمحروقات لتخفيضه تدريجياً..
وإعادة النظر في القرارات الأخيرة الخاصة بالسياسات الدوائية باتجاه إعادة تخصيص نسبة من حصائل الصادر للدواء ودعم الصناعات الدوائية الوطنية.  دعم خطط وزارة الصناعة والتجارة لإنشاء الجمعيات التعاونية الإنتاجية والاستهلاكية، مما يساعد على تحديد الأسعار ومراقبتها، وإعادة العمل بقانون الرقابة على السلع.
معالجة أزمة المواصلات واختناقات النقل داخل المدن وبين الولايات.
تحسين وتطوير مشاريع الإمداد المائي والكهرباء ومشروعات النظافة وصحة البيئة.
دعم وتمويل مشاريع الشباب الصغيرة والمتوسطة وإدخال برامج للتدريب والتأهيل في المجالات والتخصصات المختلفة والعمل على مكافحة البطالة وتوسيع فرص العمل للشباب والمرأة وإدخال نظام التأمين ضد البطالة.

Exit mobile version