Site icon صحيفة الصيحة

صلاح الدين عووضة يكتب : المنســــي !!

 

 

 وأعني منسي الثورة..

ولولاه لما كان هذا الذي حدث بالأمس ممكناً… التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق السلام..

بل ولما كانت هنالك مرحلة انتقالية من الأصل..

ولما كانت هنالك مناصب… وكراسي… ومزايا… وفارهات؛ يتهافت عليها المتهافتون..

وهو منسي ؛ نسوه خلاص..

المنسي قتلاً… والمنسي جرحاً… والمنسي… فقداناً… والمنسية اغتصاباً… والمنسي نسيانا..

 

وفي غمرة  نشوة التوقيع البارحة – وسكرته – نسوه تماماً..

لم يذكرهم – على ما أذكر – سوى قلة… وعرضاً؛ منهم جبريل إبراهيم في سياق كلمته..

رغم إن قاعة الاحتفال كانت تعج بالموقعين..

تعج بهم إلى درجة أن مقدم الحفل الظريف اعتذر أكثر من مرة بقلة كراسي منصة التوقيع..

فهو ظريف… ودمه خفيف؛ وتقديمه لا يخلو من قفشات..

ولكم تمنيت أن يصمت مذيعو تلفزيوننا القومي – المعسمون – كي يتعلموا متعة التقديم..

 

وكيلا يحرمونا نحن – من جهة أخرى – متعة الاستماع..

كانوا كثيرين جداً – الموقعون – إلى حد تذكرت معه بص (سفريات السلامة) بمنطقتنا..

ولكنها – في نظر الناس – كانت سفريات (الندامة)..

ويكفي – دلالة على الندامة هذه – أن نشير إلى أكثر المفردات تداولاً أثناء زمن السفرية..

وهي مفردة (ضايروها)…وما يتفرع عنها..

وفي مرة – وكنت شاهد عيان على ذلك – تمت (مضايرة) جمل…مع (المتضايرين)..

ضايروه من تحت أرجل المسافرين…ومن فوقها أيضاً..

فاختلط صراخ (المعفوصين) برغاء الجمل…بزئير المحرك… بمفردات اللعن النوبية..

فكانت سيمفونية لم أسمع أبشع منها في حياتي..

وحكومة الجنوب (ضايرت) – مشكورة – كل هؤلاء الموقعين…. بما يشبه المعجزة..

وتساءلت : كيف لم يُسقط هؤلاء وحدهم البشير؟…دون جيوشهم؟..

وأحد الموقعين هؤلاء دهشت لرؤيته (يتضاير) مع مجموعة مناطقية لا ينتمي إلى منطقتها..

وهي التي تمثل مسار الوسط..

 

وأعني الكاتب الصحفي – أو المحامي – حيد خير الله… فهو من (أرقو) بأقصى الشمال..

المهم أن السلام تحقق بالأحرف الأولى..

وأتمنى ألا تقود التفاصيل إلى (تفاصيل) المحاصصة كما كان يحدث أيام النظام البائد..

وكما يحدث الآن – أيضاً – أيام ثورتنا هذه..

فلا الأحزاب كبحت جماح شهوتها السلطوية حتى أوان الانتخابات… ولا قحت كذلك..

وقالوا للوثيقة الدستورية (نبلك ونشرب مويتك)..

والآن إذا جاء (كل) الموقعين هؤلاء بالشهوة ذاتها فسوف نسير في درب الإنقاذ ذاته..

وربما نُضطر – مثلها – إلى تجزئة الوزارات… وابتداع المسميات..

ويكون القاسم (المنفعي) الأعظم بين مسيرة السلام وسفريات السلام مفردة (ضايروها)..

ثم لا أحد (يتضاير) خجلاً من الذي جعل كل هذا ممكناً..

المنســــــــــي !!.

Exit mobile version