الوقود.. الاعتراف بالفشل..

 

الحكومة عاجِزة عن توفير ملياري دولار للوقود والخزينة خاوية

الرمادي: القصور وسوء الإدارة والفساد سبب الأزمة

خبير اقتصادي: الضائقة المعيشية أطاحت بالنظام السابق والآن الوضع زاد سوءًا.

سائق: القرارات غير مدروسة وساد الهرج والمرج القطاع

الخرطوم: سارة إبراهيم عباس

واجهت البلاد طيلة السنوات الماضية أزمات اقتصادية طاحنة ساهمت في خلق ندرة في سلع استهلاكية كالخبز والوقود والغاز وغيرها، أرجعها المتابعون للشأن الاقتصادي إلى اتباع السياسات الخاطئة التي وضعتها الحكومة ولم تفلح جهودها في المعالجات والتي من ضمنها ملف الوقود، والشاهد أن الأمر اصبح يتأزم كل يوم،  ما أدى إلى خروج الشارع والإطاحة بالنظام السابق، وبعد أن تسلم النظام الجديد الحكم استبشر المواطنون خيراً بإصلاح الحال خاصة الاقتصادي، ولكن اللافت أن الحكومة تسعى إلى رفع الدعم والذي أدى  بدوره إلى بروز أزمة جديدة، وذلك لمساهمتها في رفع أسعار السلع ومفاقمة الأزمات المعيشية والتي تعاني في الأصل منها البلاد منذ زمن، وتأتي هذه التطورات، في ظل ضغوط تتعرض لها الحكومة من صندوق النقد الدولي الذي يعتبر رفع الدعم أحد المتطلبات الأساسية للتعاون مع السودان لكي يمده بتمويلات تساهم في مساندة اقتصاده.

عجز الحكومة

وتتمثل إحدى أهم مشكلات البلاد في الزيادة  السنوية لمعدل الاستهلاك وفقاً لعوامل موضوعية مع تناقص الإنتاج أو بقائه على معدل ثابت لعدة سنوات، وهو ما يتجلى بالفعل في قطاع المشتقات النفطية، حيث أثر نقص الوقود المنتج في مصافي التكرير في مشكلات، كبيرة عجزت الحكومة الانتقالية عن إيجاد حلول لها. وحديث رئيس مجلس الوزراء أمس الأول عن الشأن الاقتصادي يؤكد أن ملف الوقود ما زال يمثل معضلة أساسية للحكومة، مؤكداً على رفع الدعم عن البنزين والجازولين، وقال إن رفع الدعم عنهما له آثار سالبة لكنه يكفل نوعاً من العدالة لمستخدمي السلعتين، وقال “نجيب من وين 3 مليار دولار للوقود والخزينة خاوية”.

كارثة حقيقية

ووقفت جولة الصحيفة على عدد من محطات الوقود على الموقف الآن، والمتابع لملف الوقود منذ بداية العام ما زالت الصفوف هي ذات الصفوف وتكدس المركبات ووسائل النقل العامة وعربات الملاكي في انتظار مدها بالجازولين والبنزين، حيث أفاد صاحب طلمبة  ببحري ــ فضل حجب اسمه لـ (الصيحة)، أن الموقف الآن غير مطمئن لأن الوقود يمكن أن يتوقف في أي لحظة، مشيراً إلى ارتفاع كلفة الترحيل والذي يجري الآن من نقص كبير في الوقود ينذر بكارثة حقيقية إذا لم تتدخل الدولة وتكبح جماح المتعاملين في السوق السوداء، وقال إن هناك جهات لم يسمها أنها تتسبب في الأزمة لبيعها الوقود في السوق السوداء  وتجاوز سعر البرميل الواحد 25  ألف جنيه.

هرج ومرج

عدد من سائقي المركبات جأروا بالشكوى من الحصول على الوقود وأجمعوا في حديثهم لـ(الصيحة) على أن الآمر بات “مهمة صعبة”، وعابوا على الحكومة ترك الأمر للتجار، وقالوا إن القرارات أصبحت غير مدروسة، وساد الهرج والمرج القطاع، وكل ذلك تحت نظر وسمع  الأجهزة الأمنية، مشيرين إلى أن البعض منهم  اضطر  للبقاء ساعات طويلة في صفوف ممتدة  حتى يتزود بالوقود، كما عمقت الأزمة من صعوبة المواصلات،  والتي بدورها زادت من التسعيرة  لتغطي احتياجات الرحلة والاسبيرات للمركبات العامة، ونتيجة أيضاً للوقوف ساعات طويلة مما يقلل العائد المالي لأصحاب المركبات.

وقال صاحب مركبة عامة لـ(الصيحة)، إن الأزمة تتجدد في أوقات متقاربة وخلال الأسبوع الماضي يظل في انتظار دوره للحصول على وقود لما يقارب 10 ساعات، وفي بعض الأحيان لا يحصل على حصته لنفاد الوقود من الطلمبة مما يضطره للجوء إلى السوق الأسود لشراء حاجته بسعر مضاعف، مشدداً على أهمية تدخل الحكومة ومكافحة المتعاملين في السوق الأسود لأنهم هم من يتسببون في الأزمة.

التهريب والفساد

وفي ذات السياق قال الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي: ما يحدث الآن من أزمات نتيجة واضحة لإفرازات القصور في  إدارة ملف الاقتصاد من الدولة وسوء الإدارة والتخبط والفساد الذي ما زال موجوداً بنسبة أشبه بفساد النظام البائد وعدم استطاعتها فك الاختناقات، لافتاً إلى أن عمليات الصادر لا تعود بعائدات إلى خزينة بنك السودان المركزي، وقال إن هناك عصابات وشركات تمتهن التهريب المقنن بإشراف متخصصين في هذا المجال واتهم شركات لم يسمها تُؤسَّس دون ضوابط ومتخصصة في هذا الشأن وبأوراق وهمية وأصبحت تجارة العملة وتهريب الأموال للخارج أمراً طبيعياً في وقت تشهد فيه  خزينة البنك المركزي فراغاً من العملات إضافة إلى الإهمال والتقصير خاصة في ملف الماشية التي تم إرجاعها من السعودية 22 مرة بسبب الإهمال، ولم نسمع بأي جهة تمت محاسبتها بعد الأضرار الكبيرة التي لحقت بالاقتصاد السوداني وحرمته من عائدات الصادر.

وقال إن السبب في تفاقم الأزمة تهريب مشتقات النفط ووقف الصادرات وتضارب التصريحات التي أفقدت البلاد مليارات الدولارات وقلة الخبرة التي وضعت اقتصاد البلاد في أسوأ حالة، وقال لـ(الصيحة)، إن الضائقة المعيشية هي التي أدت إلى خروج الشعب إلى الشارع وأطاحت بالنظام السابق، والآن الوضع زاد سوءًاً، فبدلاً عن المغالطات السياسية والمفاوضات الدائرة الآن يجب الالتفات إلى الإصلاح الاقتصادي، مشددأ على أهمية إغلاق الحدود وتوقيف نزيف التهريب من السلع الاستهلاكية والقمح والمشتقات البترولية ليس من دول الجوار فقط وإنما من كافة الدول الأفريقية، مستغرباً إقامة بورصة الصمغ العربي في أديس أبابا وهي دولة ليست منتجة للصمغ، لافتاً إلى فقدان البلاد (8) مليارات دولار سنوياً جراء تهريب الذهب، وقال إن هنالك حلولاً واضحة وضعها خبراء اقتصاديون للخروج من الأزمات لماذا لم يلجأوا لها، وقال إن حكومة الإنقاذ قضى  عليها الفشل والفساد، والآن مظاهر الفشل واضحة باعتراف من قادة الحرية والتغيير في إدارة شؤون البلاد الاقتصادية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى