فجّرها التطبيع مع أسرائيل: تضارُب القرارات.. من يُحرّك ملفات الحكومة؟

 

تقرير/ عبد الله عبد الرحيم

أكدت وزارة الخارجية أن أمر العلاقات مع إسرائيل لم تتم مناقشته في وزارة الخارجية بأي شكل كان. وقالت الوزارة إن تصريحات السفير حيدر بدوي صادق الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية أمس حول العلاقات مع إسرائيل أوجدت وضعاً ملتبساً يحتاج للتوضيح، حيث لم تناقش الوزارة موضوع العلاقة مع إسرائيل.  ووفقاً لوكيل الخارجية عمر قمر الدين، فإن ما قاله الناطق الرسمي للخارجية لم يُكلَّف به، ولم تناقش الوزارة أمر العلاقات مع إسرائيل قط، وأزاح بدوي الستار عن اتصالات تجريها الخرطوم مع تل أبيب.

فيما عبر عمر قمر الدين عن دهشته من تصريحات حيدر بدوي، ما يفتح الباب عريضًا حول الجهة التي تدير ملف العلاقات الخارجية دون علم الوزارة.. وفي وقت سابق  أزاح وزير المالية السابق إبراهيم البدوي النقاب عن رفض رئيس الوزراء عبد الله حمدوك منحه صلاحيات تنسيقية كافية لإنفاذ برنامج مراقبة لخبراء صندوق النقد الدولي. وقال إن إدارة الاقتصاد لا تتحقق بالحوكمة الرشيدة والإصلاح المؤسسي فقط، بل لابد أن تستند إلى تفويض كامل للصلاحيات من طرف مستويات السلطة الدستورية والتنفيذية. وأفاد البدوي بأنه أثار مسألة التفويض في اجتماع برئيس الوزراء في 2 يوليو، “لأن الأمر أصبح مُلحاً بعد الاتفاق مع برنامج مراقبة خبراء صندوق النقد الدولي (SMP). وأضاف: ” طلبت من رئيس الوزراء تحديد مساحة وطبيعة الملفات الاقتصادية التي يرى أن تكون تحت إشرافه المباشر، وعن طبيعة المهام التي سيضطّلِع بها مستشاروه الاقتصاديون، بغرض تعزيز التكامل وتفادي تضارب الصلاحيات”. وتابع: “حاولت أيضًا إقناعه بضرورة منحي، كوزير مالية، صلاحيات تنسيقية كافية لكي أقود عملية إنفاذ برنامج مراقبة خبراء صندوق النقد الدولي المتفق عليها خلال الستة أشهر القادمة”.

فمن يحرك دولاب العمل بالوزارات المعنية، وكيف يتم تمرير قرارات كالتي أثارها الناطق الرسمي باسم الخارجية ومن يحرك ملفات الحكومة؟ هل هو رئيس الوزراء شخصياً أم أيادٍ أخرى؟؟.

مؤشر خطير

“ربما هذه بعض التناقضات التي ظلت تحدث في دولاب العمل اليومي فيما يتعلق بشؤون وزارات يعتقد أنها سيادية، وأن من يؤتى به إليها من الوزراء أن يكون موضع ثقة تامة حتى لا تضطر الحكومة إلى تسيير دولاب عمله من تحته”، بهذه العبارات أكد الخبير الاسترتيجي الأمين الحسن لـ(الصيحة) أن عدم التناغم في أداء الدولة مؤشر خطير لانتكاستها، وقال إن ما قاله الناطق الرسمي باسم الخارجية يعتبر مناورة منه لتصحيح الأوضاع داخل الوزارة منطلقاً من مهنية محضة لا لبس فيها، حيث أن الوزارة هي المعنية بشأن كل التعاملات الخارجية خاصة الدبلوماسية منها كبناء علاقات مع إحدى الدول أو إرسال رسائل سياسية ودبلوماسية لجهة أنها من يسأل عن الشؤون الخارجية. وقال الحسن إن السودان وخلال طوال سنوات الحكومات التي أدارت مقود القيادة فيه لم تنشطر فيه القرارات السيادية إلا في السنوات الأواخر من عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، حيث وضع معايير كثيرة للعلاقات الخارجية بعد أن ذوب صلاحيات الوزير فيما يتعلق بالعلاقات مع الصين الشعبية، وقد أوكل مهامها لعوض الجاز وزير النفط وقتها. بينما تولى نافع علي نافع الموقوف على ذمة قضايا كثيرة منها تقويض نظام الديمقراطية الثالثة بالانقلاب عليها ويحاكم مع رموز الإنقاذ الآن في المحاكم، فقد تولى وقتها أيضاً مهام التطبيع والعلاقات مع روسيا. فتنكر إبراهيم غندور الوزير وقتها لهذا الأمر وطالب بجعل أمر الشئون الخارجية كلها من اختصاصات وزارته دون سواها. وقد عصف به موقفه هذا ومناداته المستمرة بإعادة الأمر إليه خارج الوزارة.

خلافات كبيرة

ولكن د. أبوبكر آدم المحلل السياسي والأكاديمي أشار إلى أن مثل هذه الأفعال تأتي في ظل تباينات حدثت بين الوزير من جهة ورئيس الحكومة من جهة أخرى في بعض القضايا المهمة. وطالب أبوبكر عبر (الصيحة) بضرورة أن ترى الحكومة “أن الرأي الفني المتخصص يجب أن يحظى بالاحترام الذي يستحق”. وأوضح أن  طلبات وزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين ودحضه لحديث الناطق الرسمي باسم وزارته بجانب حديث وزير المالية المستقيل إبراهيم البدوي يأتي بغرض تعزيز الانسجام ولتفادي خلافات كبيرة في وجهات النظر في المستقبل كما حدث بالأمس بعد تصريحات حيدر الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية. وأوصى آدم حكومة حمدوك، بأن الفترة القادمة يُفترض أن تشهد قرارات صعبة يتوقع أن تُفضى إلى تحولات عميقة في هيكل الحكومة الانتقالية، بالإضافة غلى الاتفاق على مسودة برامج لقياس أداء الوزارات المختلفة مع برامج الحكومة الانتقالية ليسهل عملية التقويم والتقييم.

وأشار أبوبكر إلى أنهم كانوا يتابعون ما يجري في الردهات بين الوزير إبراهيم البدوي وزير المالية، والدكتورعبد الله حمدوك، وطبيعة العلاقات الفاترة بينهما بعد أن تعذرت عملية الاستيثاق بالبدوي من قبل السيد رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك. وزاد أن حديث البدوي عن أن خبراً بلغه يؤكد أن هناك ترتيبات تجري وراء الكواليس وبتكتم شديد، للتفاهم مع شخص من داخل الوزارة، ليصبح وزيراً مكلفاً بديلاً عنه، فإن ذلك يؤكد عمق الخلافات بين الطرفين”.

ردود أفعال

ويرى مقربون أن بعض المهمات داخل الوزارات السيادية تكون من اهتمامات أداء ورقابة السيد رئيس الوزراء نفسه، وهو يرى أن أهميتها تأتي لأن الدولة تضع تحتها خطتها للارتقاء بها لفضاءات ترتضيها. وضرب د. أبوبكر آدم مثلاً بالعلاقات مع إسرائيل والتي تتطلب سرية تامة لحساسية الموقف. ويرى أبوبكر أن لوزير الخارجية الحق في إكمال هذا الأمر بالسرية المطلوبة، وقال إن العلاقة مع إسرائيل أمر يرفضه الشعب السوداني، وهناك ردود أفعال متباينة ولابد للقرار السيادي في هذا الأمر من أن يكون بسرية تامة لحساسية موقف السودان في إقليمه العربي والأفريقي وبعضهم يرفض هذه العلاقات.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى