العمالة والخيانة .. طُرق مُظلمة واتهامات قاتلة!

 

تقرير- صلاح مختار

فتح إعلان المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، فائز السليك، عن تحريك إجراءات قانونية وبلاغات بإشانة سُمعة، وإثارة الفتنة ضد عددٍ من الذين نشروا أخباراً كاذبة ضد شخصه، واتّهامه بالعمل مع المُخابرات الإرتيرية، فتح ذلك الاتهام قضية المعارضة خارج الحدود وخطورة ذلك على المُعارضين بالوقوع في براثن المخابرات، واتهامات العمالة والارتزاق، علماً بأنّ مُعظم المعارضة السودانية اتخذت من عواصم دول أخرى ومجاورة مقرات لها، ومنها انطلقت أنشتطها ضد الأنظمة الداخلية، ما يطرح التساؤل حول حقيقة الاتهامات بـ”العَمَالة” بين الواقع والإداعاء، وبين الطرق المظلمة والاتهامات القاتلة…؟

 بداية القانون

السليك كما قال، سيبدأ اعتباراً الأسبوع المقبل في تحريك إجراءات قانونية تجاه الذين أساءوا اليه، وقال في منشور على صفحته بـ(فيسبوك)، إنّ غرضه من الإجراءات القانونية وضع الذين يستسهلون الكلام عند حدّهم، ومُلاحقة الذين يطلقون القول على عواهنه، وأضاف: (إن هؤلاء يعملون على تسميم فضاءات العمل العام بضخ أكاذيب حتى يصير الجو طَارداً وإبعاد كل الذين يُفكِّرون في خدمة البلاد، كما يَسعى هؤلاء الكاذبون على تأجيج الخلافات القبلية وصَبّ الزيت على نيرانها)، وتابع: (سوف أذهب إلى المحاكم كمُواطنٍ سوداني، ولم استشر أيِّ مسؤول في الحكومة، فأنا أعرف ما أُريد، وأدرك قوانين وأخلاقيات النشر من خلال عملي كصحفي لقرابة ربع قرن ودراستي الأكاديمية لقوانين النشر. ونصيحتي إلى الذين غرقوا في هذا الوحل تجهيز أدلتهم أمام المحاكم داخل وخارج البلاد عن عمالتي)، وتابع: (شخصياً أفرِّق بين النقد الموضوعي وهو مطلوبٌ، وبين ساقط القول والافتراءات. نحتاج إلى معركةٍ للحد من الأكاذيب، إثارة الكراهية وتسميم الأجواء). وزاد: (الصمت يُغري ضعاف النفوس على استسهال القول، وإيقاد النيران لحملات الشواء الإلكترونية)، وأشار إلى أنه منذ إعلان خبر تعيين الولاة المدنيين بدأ بعض ذوي الغرض شن حَملات تَشويه مُنتظمة ضد شخصه وضخ أكاذيب مستمرة وصلت حدّ اتهامه العمل بالمُخابرات الإريترية، وشملت الحملة كتابات وصوراً وتسجيلات صوتية.

العَمَالة والخيانة

ما أسهل اتهام أصحاب الرأي الآخر بـ”العَمَالة والخيانة”، وربما الكفر، لمجرد أنهم لا يسيرون في الركاب السلطاني للرأي الواحد. لذلك تعرّض كثيرٌ من الناس الى ما يُسمى بالتصنيف الضار و”العَمَالة” بمُجرّد أنهم ينطلقون في معارضتهم من خارج بلادهم، وقد اتّخذت المُعارضة في السابق كلاً من عواصم مصر وإرتيريا وإثيوبيا ويوغندا وكينيا وحتى في ليبيا مكاتب للمُعارضة ودائماً ما يدمغ رئيس النظام البائد المُعارضة بـ”العَمَالة” وعندما وقعت المُعارضة السودانية في السابق وثيقة الفجر الجديد في العَاصمة اليُوغندية كمبالا اتهمت الحكومة المُعارضة بالخيانة والعمالة.

التفافٌ داخليٌّ

ورغم تشكك حكومة الإنقاذ البائدة في تجمُّع المهنيين وتتّهمه بـ”العَمَالة” للخارج، لم يمنع ذلك عدداً كبيراً من السودانيين من الالتفاف حوله، وتأييد مطالبه بالتغيير. والإطاحة بنظام الإنقاذ. ويقول المحلل السياسي د. أبو بكر آدم لـ(الصيحة) إن مُعظم المُعارضات تنطلق من الخارج، خَاصّةً من الدول التي بها أنظمة قابضة تُسيطر فيها الأجهزة الأمنية على مَفاصل الدولة، ولذلك يستحيل معها العمل السِّياسي.

وبحسب المصدر بعض تلك المُعارضات تصنعها دولٌ لتنفيذ أجندتها داخل تلك الدول التي تتقاطع معها مصالحها. وتنفق بعض الدول أموالاً ضخمة على المعارضة في سبيل تغيير الأنظمة الحاكمة لتلك الدول. ولذلك تتّهم تلك المُعارضة بالعمالة والخيانة, وقال: عند البحث عن تشكيل معارضة لا بد أولاً من البحث على حاضنة دولية أو اقتصادية وإعلامية التي تُشكِّل من الأهمية بمكانٍ للترويج لأنشتطها ولذلك كثيراً ما تنشئ المعارضة اذاعات أو قنوات فضائية للترويج لها بالإضافة إلى عكس ما يدور بالداخل وفي ظل غياب وتعتيم داخلي لكل ما يدور عن الرأي العام.

استعدادٌ بالتسليم

الراحل علي محمود حسنين، رئيس الجبهة الوطنية العريضة، قال إنّه مُستعدٌ لتسليم نفسه للأجهزة الأمنية لتفعل فيه ما تريد إن شعرت بالفشل وعدم جدوى ما يقوم به من عملٍ مُعارضٍ بالخارج، يهدف لإسقاط النظام. وفنّد حسنين في حواره نشره (باج نيوز) وقتها، الاتهامات التي تُوجّه له ولكل المعارضين بالخارج بالتورُّط في العَمَالة للأجنبي، وأوضح أنه الشخص الوحيد الذي قال للأوروبيين في عقر دارهم: (ابعدوا عن القضية السودانية، واتركونا كشعب سوداني نحل قضيتنا لوحدنا)، مشيراً إلى أنه طالب الدول الأوروبية بوقف دعمها للمُعارضة وللنظام، وقال: (أولئك الأشخاص إن تركونا في حالنا لكرّرنا تجارب إسقاط النظام كَمَا حَدَث في أكتوبر وأبريل، وذلك دُون دَعم من المُجتمع الدولي). وكشف علي محمود أنّه خارج السودان يعيش على الكفاف ويسكن في أرخص أحياء المُدن، ويستقل المواصلات العامة مثل البص والمترو في مصر للتنقل بين الأماكن.

الإنفاق المظلم

تساءل بعض المراقبين من أين تنفق المعارضة على أنشطتها بالخارج؟ اذا لم تكن هنالك استثمارات ضخمة وجهات تدفع بسخاء، علماً بأنّ هنالك معارضة مسلحة وأخرى سياسية والاثنان يحتاجان إلى أموال ضخمة لتسيير أنشتطها سواء كان بالخارج أو الداخل، ويرى مراقبون أنّ بعض المعارضات على صلة بأجهزة المُخابرات لتلك الدول ومنها يتم توجيه أنشطتهم المُعارضة لدولهم، ويؤكد البعض ان عملية ضرب مصنع الشفاء بالخرطوم كان عبر معلومات استخباراتية تحصّلت عليها من سودانيين مُقيمين بالخارج، حيث أشارت تقارير أمريكية شبه رسمية إلى أن المصنع قُصف خطأ وبناءً على معلومات استخباراتية غير صحيحة مُستقاة من دوائر سودانية معارضة للنظام الإسلامي الحاكم في الخرطوم والمتهم غربياً برعاية الإرهاب.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى