Site icon صحيفة الصيحة

  كنز البحر الأحمر (أطلانتس 2) في مهب الريح

مدير عام جيولوجيا سابق: عدم تنفيذ المشروع يطرح ألف سؤال

تقرير صادِم من شركة “منافع” السعودية واختفاء 36 تقريراً سابقاً

متأخّرات مالية ضخمة لم تُسدَّد للسودان نتيجة الإهمال وعدم المتابعة

شركة “منافع”: لم يتم استغلال الخام بعد ولا زلنا في انتظار اجتماع اللجنة المشتركة

وزير سابق: كل الدراسات والاستكشافات الفنية كانت قد اكتملت

تحقيق- محيي الدين شجر

معلومات كثيرة تفيض بها وسائط التواصل الاجتماعي عن المشروع الذي كان من المفترض أن يكون النظام المخلوع قد استثمره  ليضخ نحو 20 مليار دولار تُنهي كل مشكلات السودان إلى الأبد.. مشروع “كنز البحر الأحمر” (أطلانتس 2)  الذي يُعد أضخم استثمار مشترك بين السودان والمملكة العربية السعودية لاستخراج المخزون المعدني الأكبر في العالم.

أين هو مبلغ العشرين مليار دولار؟ وما حجم الأموال التي صرفت بالمشروع الذي بدأ العمل فيه  منذ العام 1974؟ وما قصة نيْل شركة سعودية لرخصة الاستخراج والتعدين، وهل هنالك إنتاج فعلي وما حجمه؟ وما موقف شركة (نوتليس) الكندية التي تردَّد أنها الشركة التي تم الاتفاق معها للقيام بتكنلوجيا استخراج الخام من قاع البحر الأحمر؟

تابعوا معنا قصة مشروع الـ20 مليار دولار والذي استغرق أكثر من  46 عاماً حتى الأن ولم ير النور بعد.

تقرير مثير

تحصلت “الصيحة” على آخر تقرير قدمته الشركة السعودية “منافع” التي نالت رخصة القيام بعمليات استخراج الخام ضمن مشروع “اطلانتس 2” وعنوَنتْ الشركة  تقريرها والذي صدر بتاريخ 31/12/2019 الى (اللجنة الدائمة السعودية السودانية المشتركة) إلى سعادة الأستاذ (محمد علي العيدروس) وسعادة الأستاذ (صديق عبد القادر)، وتقول المقدمة: نرفق لكم النسخ المطلوبة من التقرير الثامن والثلاثين (38) للربع الرابع من عام 2019 للفترة من 1/10/2019 إلى 31/12/2019  حول مشروع استغلال الثروة الطبيعية الموجودة في قاع البحر الأحمر في المنطقة المشتركة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية السودان وذُيِّل التقرير باسم  (بدر الدين عثمان السميط) المدير العام لشركة “منافع” .

30 عاماً  

وفي فقرة  معلومات عن حامل الرخصة، رصدت “الصيحة” أن اسم حامل الرخصة هي شركة “منافع” العالمية المحدودة ــ المملكة العربية السعودية .. موقع الرخصة اطلانتس 2 … تاريخ الإصدار 29/5/2010 مدة الرخصة ثلاثون عاماً، وأشار التقرير إلى محادثات واجتماعات تمت خلال الفترة المذكورة.

دراسات أولية

وقال التقرير إن شركة منافع ما زالت بانتظار موعد اجتماع اللجنة السعودية السودانية المشتركة للحصول على مساعدة الوكالة في تمكين شركة منافع من الوصول إلى الدراسات الأولية والعينات المتوفرة لدى هيئة المساحة الجيولوجية والتي تشكل منطلقاً أساسياً لتنفيذ المهام اللاحقة، حيث يعد استكمال حصول منافع على هذه الدراسات والعينات خطوة هامة للمضي قدماً في بناء دراسة الجدوى الاقتصادية الخاصة بالمشروع وذكر التقرير الآتي:  

– لم يتم إجراء أي أعمال ميدانية خلال فترة التقرير.

لا زالت هنالك محادثات بين منافع وcapivest group بخصوص التمويل أو الاستثمار في أطلانتس 2

– لم يتم الرد من قبل شركة (تيسلا) التي تم التواصل معها بخصوص الشراكة أو الاستثمار في مشروع أطلانتس 2

وقال التقرير: بعد أن اكتشفت منافع في الربع الثالث من عام 2019 بخصوص الدراسات التي تمت بالقرب من موقع اطلانتس 2 وطلب نسخ من هذه الدراسات لم يتم الرد حتى الآن من قبل الدكتور مدثر في السودان.

وأوضح التقرير بخصوص شركة نوتليس فقد كان العام 2019 صعباً على الشركة وبه الكثير من المشاكل والأخبار المتداولة أن الشركة على حافة الانهيار.

وأضاف: بخصوص الإيجار السطحي لحوض اطلانتس 2 وبعد السداد للجانب السعودي وإرسال عدة استفسارات وإيميلات من قبل شركة منافع عن طريقة التسديد للجانب السوداني تم التواصل خلال الربع الأخير مع السودان لإرسال خطاب رسمي من الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية في السودان إلى شركة منافع يفيد برقم الحساب المراد التحويل إليه.

وفي فقرة النتائج الفنية والمالية والإحصائية لفترة التقرير جاء ما يلي :-

إحصائيات الخام المستغل من الموقع

نوع الخام المستغل: لم يتم الاستغلال بعد – كمية الخام المستغل: لا يوجد – كمية الخام الاحتياطي 91000000 طن .

وأكد التقرير عدم وجود معادن منتجة من المعالجة، وأشار التقرير إلى نفقات مالية في المشروع وجاءت كما يلي:-  

مقدار الاستثمارات: 18،778،131 ريال سعودي, تكلفة الإنتاج: لا شيء.

مقدار النفقات :1،957،218 ريال سعودي

مقدار الإيرادات: لا شيء.

وأبان التقرير أن المصروفات اقتصرت في الفترة من 1/10 ـ31/12/2019 على النفقات الدورية وبنودها الرئيسة على النحو التالي:-  

الرواتب والأجور 249563 ريالاً، الرسوم الإدارية 31108 ريال،  رسوم مصرفية 117 ريالاً  فاتورة الهاتف 1050 ريال تأمينات اجتماعية 13174 ريالاً، إيجار المكتب 8500 ريال بإجمالي 303512 ريال سعودي، وأشار التقرير إلى إجمالي عدد العمالة وجنسياتهم وتخصصاتهم بينهم سوداني واحد هو (حاتم صلاح) يعمل في وظيفة مسؤول (العلاقات الحكومية). وختم التقرير: لم يبدأ الاستخراج والتعدين بعد، وتضمنت الخطة المجازة المعدلة إعداد الدراسات البيئية المتكاملة مع دراسة الجدوى.

أين التقارير يا سادة  

وقال مصدر مسؤول بهيئة الأبحاث الجيلوجية، إن تقرير شركة منافع رقم 38 يشير إلى أن هنالك 37 تقريراً قبله، لكنهم في عمليات التسليم والتسلم  من الإدارة السابقة لم يجدوا أي تقارير أخرى عن المشروع،  وذكر في حديثه لـ (الصيحة)  أن مشروع اطلانتس 2 كان في عهد النظام المخلوع من المشروعات السرية، حيث تكتموا عن نشر أي معلومات عنه. وأبان أن المشروع وفق تقرير شركة منافع ورقم مضي عشر سنوات من بداية عملها لا يزال في طور دراسة الجدوى وإعداد الدراسة البيئية، وهي الخطوات الأولية لعمليات التنقيب عن المعادن، وأوضح أن شركة نوتليس التي قيل إنها ستوفر تكنلوجيا الاستخراج الآن  على حافة الانهيار كما ذكر التقرير.

وقال إن المشروع وجد إهمالًا من الجانب السوداني بدليل أن كل الاجتماعات التي قامت بها شركة منافع لم يحضرها مسؤول أو ممثل سوداني بل حتى السوداني الوحيد الذي يعمل بالمشروع لا ينتمي لهيئة الأبحاث الجيلوجية وهو شخص غير معروف.

وأوضح أن الجيلوجيا مؤخراً راجعت الإيجار السطحي لحوض اطلانتس 2 لمعرفة نصيب السودان، ووجدت أن شركة منافع مطلوبة بمبلغ 600 ألف ريال سعودي نصيب السودان من الإيجار متأخرات عامين حيث تبين أن آخر إشعار  كان للفترة من  14/3 لغاية 2/3/2018، وهذا يشير إلى عدم المتابعة من الجانب السوداني، موضحًا بأن هيئة الأبحاث الجيلوجية السودانية قامت مؤخرًا بمخاطبة منافع وتم دفع ايجار سنة عبارة عن 300 ألف ريال سعودي.   

معلومات جديدة

لمعرفة حقيقة هذا المشروع الضخم وأسباب عدم إنتاجه حتى الآن، أشار  الدكتور محمد أبو فاطمة مدير عام سابق لهيئة الأبحاث الجيلوجية ووزير معادن أسبق إلى  وجود اتفاقية مسجلة في الأمم المتحدة مع شركة سعودية اسمها منافع تعمل في هذا المشروع، لكنها لم تتقدم إلى الأمام حسب البرنامج الذي تم الاتفاق حوله بين الجانبين السوداني والسعودي في آخر اجتماع بحضور وزير المعادن وقتها الكاروري، حيث ذكرت بأنها ستنتج بعد أربع سنوات أي في هذا العام 2020 وأضاف قائلاً:  لم يحدث إنتاج ولم يتم أي تطوير في البرنامج. وقال متحدثًا عن تفاصيل أكثر دقة: استخراج الخامات من أعماق البحر 2 ألف متر يتم بعد الدراسات البيئية وتوفير التكنلوجيا المطلوبة والتي كانت تتطلب دفع أموال في مقابلها في الصين،  ثم لابد من أخذ الإذن من منظمة تنظيم العمل في البحار لبدء عمليات الاستخراج، وحسب علمي أنها لم تمنح الإذن بعد.. وقال لـ(الصيحة): كل الدراسات والاستكشافات الفنية كانت قد اكتملت وهي خامات مقدرة بكمياتها ونسبها وتبقت فقط تكنلوجيا استخراج المعادن من أعماق البحر.  وأضاف: كان هنالك اتفاق مع شركة كندية معروفة تدعى نوتليس خاصة بتكنلوجيا الاستخراج  كان معها تعاقد لتوفير التكنلوجيا من الصين وتم تصميم (المودل) لتسحب الخامات من باطن البحر، والذي يكون في درجات حرارة عالية فوق الخمسين والستين درجة، مضيفاً:  ثم تأتي بعد ذلك مرحلة التمويل والتنفيذ بعد الحصول على التراخيص البيئية وتراخيص التعدين،  ثم يتم الاتفاق حول مكان الاستخراج في أي منطقة يكون . وقال: كان من المفترض أن يُنفذ ذلك خلال السنوات الماضية، ولكن للأسف لم  يتم أي شيء.

 وذكر: (المشروع كبير فيه خامات ما يعادل 20 مليار دولار (نحاس، ذهب، فضة، زنك) و”منافع” هي شركة سعودية وقع عليها الاختيار في التنقيب والاستخراج، وكان متوقعاً أن يتم الإنتاج في 2020 أول إنتاج لها بعد توفير التكنلوجيا اللازمة بعد ذلك توقفت الاجتماعات فترة  لظروف الكورونا وما قبلها  ولم يحدث شيء للاستمرار في الاتفاق أو إلغائه،  والآن هنالك وزارة جديدة وعليها الجلوس مع الجانب السعودي وهنالك لجنة مشتركة بين الحكومة السودانية ممثلة في وزارة المعادن، ووكالة التعدين الموجودة في السعودية وهنالك لجنة مشتركة لتراقب الشركة التي وقع عليها العطاء).

شروط جزائية  

وحول ما إذا كانت هنالك شروط جزائية، قال: (هنالك شروط كثيرة في العقد ومن ضمنها إلغاء رخصة شركة منافع، وهذا يعتمد  على الدفوعات التي تقدمها الشركة حول الصعوبات التي واجهتها من قبل سلطات البحر أو من حيث عدم توفر التكنلوجيا.

 وأضاف:  كان من المفترض أن ينعقد اجتماع بين الجانبين كل ستة أشهر للترتيب، ولكن الاجتماع لم ينعقد منذ عامين كاملين.

عمل كبير

   فيما ذكر المدير العام لهيئة الأبحاث الجيلوحية سليمان عبد الرحمن  كنز البحر الاحمر ليست مشكلة أن ينتج لأن الإنتاج يتم وفق  تكنلوجيا لم تعرف بعد في العالم، لأن الخام موجود في أعماق (ألفا) متر تحت البحر الأحمر، مبيناً أنه يحتاج إلى عمل كبير، وذكر  أن المشكلة ليست مشكلة إنتاج بل في التكنلوجيا المستخدمة في الإنتاج.

بداية العمل

عمار سيد أحمد المدير العام الأسبق بالجيولوجيا البحر الأحمر  ومدير عام شركة  “سودامين بورتسودان” ذكر لي أن استكشاف رواسب البحر الأحمر في المنطقة المشتركة بين السعودية   والسودان يرجع إلى توقيع الاتفاقية بين البلدين في عام 1974 لأغراض استكشاف واستغلال ثروات البحر الأحمر والتي نتج عنها رصد مناطق عميقة في قاع البحر تتميز بدرجات ملوحة 

عالية وحرارة مرتفعة في نطاق الأخدود المحوري لقاع البحر

 الأحمر وقد توالت الاكتشافات الجيولوجية التي أثبتت وجود ما يزيد عن 30 موقعًا في قاع البحر تحتوي على رواسب طينية متمعدنة

 بتركيزات مرتفعة من المعادن الفلزية مثل الزنك والنحاس والفضة والذهب والكوبلت والكاديوم .

وقال إن الدراسات لدرجة الحرارة والملوحة في البحر الأحمر اشارت لوجود ثروات وكنوز مدفونة تحدث عنها رئيس هيئة المساحة الجيلوجية السعودية الدكتور زهير بن عبد الحفيظ نواب.

إذ كشفت الدراسات عن تركيب صخور البحر الأحمر في الجزء الأوسط من البحر المسمى باطلانتس والواقع بين السعودية والسودان وتقدر كمية الرواسب فيه بـ 664 مليون طن مقسمة على الشكل التالي 94 مليون طن معادن – 2 مليون طن زنك – 425 الف طن نحاس – 5230 طن كوبلت 3425 طن فضة و80 طن ذهب . 

وقال إن اطلانتس منخفض سحيق في البحر الأحمر على عمق يزيد عن 2200 متر عن مستوى سطح البحر الأحمر وبسماكة تتراوح بين 12-15 متراً.

 مضيفاً : جرت الأبحاث الحيوفيزيائية منذ بداية التوقيع في 1974 بواسطة سفينة أبحاث فرنسية لتقييم الخامات وشارك فيها الجيوفيزيائيون والفنيون من مصلحة الجيولوجيا والثروة المعدنية الخرطوم وبورت سودان.

وقال: في العام 2010 وقع السودان والسعودية اتفاقًا يعطي شركة منافع الحق في استغلال كنز البحر الأحمر لصالح الدولتين ويبدأ الاستغلال كما أعلن في هذا العام 2020 لإنتاج ما يقدر قيمته بعشرين مليار دولار، لكنه لم يبدأ حتى الآن وذكر أن رئيس الجانب السوداني  عبر مراحله كان هو الدكتور أسامة علوب، ومؤخراً صديق عبد القادر.

ويمضي عمار قائلاً: اتفاقيات كنز البحر الأحمر مضى عليها بالتمام والكمال 48 عاماً ونيف تلتها مشاريع الفرنسيين والألمان ومينكس وشركات البترول وقبلها المشروع الروسي وكل هذه نفذت مشاريعها إلا مشروع أطلانتس مما يطرح أكثر من سؤال ماذا هناك!!

وأضاف: بنظري المسألة إدارية داخل المشروع من الجانب السوداني، فهناك كفاءات أبعدت من رئاسة الجانب السوداني مثل العالم الدكتور أسامة عبد الكريم علوب، وهناك أشخاص لا كفاءة لهم معروفة من أمثال عباس الشيخ وصديق عبد القادر البعيدين عن الفكر الجيولوجي والجيوفيزيائي وتعيينهم كان وفقًا لانتمائهم للحزب والمؤتمر اللاوطني البائد.

وأضاف: كانت الشراكة بين السودان والسعودية وفرنسا التي مدت 

المشروع بالباخرة (اسولا) التي ظلت بقاع البحر الأحمر منذ العام 1974 تجري أبحاثاً عن الموقع المحدد .

 

 

 

 

Exit mobile version