الولاة الجُدد.. رفض.. قبول وتحديات

بعد مَخاضٍ عَسيرٍ، وجدلٍ كثيفٍ، تمدّنت الولايات أمس الأول، بعدما أعلن رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك أمس الأول، قائمة الولاة الذين يتولّون زمام الأمور في الولايات التي تمّ اختيارهم لها.
اللافت في الأمر أنه ومنذ إعلان الولاة، ضجّت الأسافير ومواقع التواصُل الاجتماعي بتحليل للولاة، ما بين مُؤيِّدٍ ورافضٍ، الأمر الذي انعكس على عددٍ من الولايات، وبدأت بعض الولايات تتوجّه توجُّهات رافضة أو مُؤيِّدة للوالي المعني بحسب ما يرد في وسائل التواصُل…
(الصيحة) في هذه المساحة وقفت على رد الفعل ببعض الولايات…

القضارف.. فَرحٌ وطُموحٌ
القضارف- أنس
وقع الاختيار لمنصب والي ولاية القضارف في التشكيلة المدنية على الدكتور سليمان علي محمد موسى احد ابناء الولاية، فهو من مواليد العام 1980م بحي الجمهورية جنوب وعمل بالتدريس بمحليات (القلابات الغربية والبطانة ووسط القضارف)، بجانب استاذ متعاون بقسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القضارف وقدم العديد من الأوراق العلمية منها (دور القوات المسلحة في الثورات الشعبية) .
وجد خبر اختيار سليمان موسى صدىً واسعاً وقبولاً بالشارع العام بالولاية حتي وسط الاصوات التي نادت من قبل بوالٍ عسكري للقضارف لخصوصيتها الحدودية والتوتر الذي يشهده الشريط الحدودي و الإهمال الذي طال مناطق التماس في محور التنمية.
(الصيحة) اجرت استطلاعا وسط مواطني ولاية القضارف حول وقع اختيار رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك للولاة المدنيين امس الاول، والذين من بينهم والي القضارف سليمان موسى، فطالب “مبارك النور” احد قيادات الولاية بضرورة الالتفاف حول الوالي الجديد لتحقيق شعار القصارف اولاً والتعاون مع اي مكون سياسي او قبلي ومساندته من قبل شعب القضارف من مقتضيات المرحلة، ونبه النور الى جملة من المشاكل التي تعاني منها الولاية في الزراعة بشقيها النباتي و الحيواني و مياه الشرب و التنمية و الطرق الداخلية و الزراعية و طريق الحواتة الفاو المفازاة ومشاكل الشريط الحدودي ومشروع الرهد الزراعي، مشيراً الى انها كلها تحتاج لجهد كبير من الوالي، واضاف ان القضارف ولاية اقتصادية من الدرجة الاولى و غنية بمواردها و ثرواتها الزراعية و الحيوانية و خيرات ما بباطن الأرض من المعادن بالبطانة و قلع النحل، ودعا النور لنبذ القبلية و العنصرية و كل مظاهر الفتن، وقال ان الولاية عبارة عن سودان مصغر ومحتاج ان يكون الناس على قلب رجل واحد، وطالب الوالي الجديد بعقد لقاء جامع بينه والمستنيرين من ابناء الولاية للاستماع للمشاكل والاستعانة بخبراء لرسم خارطة طريق لحلحلة المشاكل بعيداً عن المشاكسات السياسية، وأوصى الوالي الجديد بالعدل بين الناس وفتح ابوابه امام ابناء القضارف (مكتبه وبيته) والوقوف على كثير من المشاكل ميدانياً و محاربة الفساد و المفسدين وكل ما يجمع اهل الولاية ويبعد الفرقة والشتات، وألمح مبارك النور، على انه كان من دعاة الابقاء على والٍ عسكري للقضارف لخصوصيتها الحدودية ولان التوغل الإثيوبي واضح في الاراضي السودانية، واعتبر الولاية مسرح حرب، واستطرد النور قائلاً: اذا اُختير وال عسكري كانت هذه رغبتنا ولكن بعد تعذر ذلك لا يوجد ما يمنع الوقوف مع الوالي مع التمسُّك بالاهتمام بقضايا و ملف الحدود والتنمية، وقطع بأن ليس من الحكمة الحكم على الرجل، وقال: ننتظر ونترقب بضعة اشهر ان استطاع ان ينهض بالولاية، مضينا معه وإلا فليتنحى ويأتي من يخدم ويقدم الخدمات لإنسان الولاية، واضاف ان الوالي يتمتع بسيرة طيبة واعتبره مؤهلاً يمكن ان ترى الولاية النور في عهده .
واتفق المواطن “بخيت عبد الله بخيت” في كثير من النقاط التي ذهب اليها سابقه، وزاد عليها بالقول: إن من اهم الملفات التي ينتظر اهل القضارف فيها نتائج جلية وملموسة ملف مشكلة المياه والقصاص لشهداء ثورة ديسمبر وملف الفساد وضرورة الاسراع في عمل لجنة إزالة التمكين بالولاية، وتابع بخيت: فيما يلي قضية الحدود فلابد من ايصال صوت الولاية للمركز، ويرى ان هنالك تقاعساً من قبل المديرين العامين بوزارات البنى التحتية والتخطيط العمراني ووزارة الصحة والتنمية الاجتماعية والمالية، وذهب الى ان التحضيرات للموسم الزراعي و التمويل لهذا العام كانت دون الطموح تتطلب الاستدراك قبل فوات الأوان، داعياً إلى تبني برنامج عمل واضح لتوجيه الولاية للمسار الصحيح، واشار إلى ضرورة التعاون والوقوف خلف الوالي الجديد “ما لم يجد الوقفة والسند من المواطن” رغم مؤهلاته لا يستطيع ان يعبر بالولاية لبر الأمان .
بينما دعت “عفاف عماد احمد”، الوالي بالاهتمام بمعاش الناس والريف وتوفير الخدمات من صحة وتعليم بالمجا وإعادة تأهيل البنى التحتية للمؤسسات الخدمية التي وصفتها بالمتهالكة، وذهبت إلى أن ابناء القضارف يعلقون آمالا عريضة على ابنهم لتحريك عجلة التنمية في مختلف المجالات بالعدالة وإرساء روح السلام والوئام بين مكونات الولاية المتنوعة وإتاحة الحرية للآخر دون محاصصة ولا إقصاء لأحد بسبب لون أو جنس أو حزبية للتفرغ لبناء ولاية بسواعد أبنائها .
//////////////////////////////////////////////////////////////

عبد الله شنقراي.. مكننة البحر الأحمر
بورتسودان: إيهاب محمد نصر
تقول السيرة الذاتية لوالي البحر الأحمر الجديد المهندس عبد الله شنقراي،
إنه من مواليد مدينة سنكات ١٩٥٠، تخرج في جامعة الخرطوم – كلية الزراعة – مكننة زراعية – قسم الهندسة الزراعية ١٩٧٥، حصل على الماجستير من جامعة نبراسكا الولايات المتحدة الامريكية – مكننة زراعية ١٩٨٢ – عمل بوزراة الزراعة الاتحادية – ادارة الهندسة الزراعية ١٩٧٥،
أـصبح مديراً لصوامع غلال البنك الزراعي بورتسودان ١٩٩٥ – ٢٠٠١، ثم مدير صوامع شركة ويتا – بورتسودان ٢٠٠١ – ٢٠١١ – رئيس اتحاد المهندسين الزراعيين لدورتين ورئيس نادي البجا لدورتين، الامين العام لصندوق دعم التعليم، والأمين العام لرابطة خريجي أبناء الشرق.
اتفق المراقبون انه يحمل سيرة ذاتية عامرة تدل على تسلحه بالخبرة والتجارب، كان مرشح قوى الحرية والتغيير طوال الفترة السابقة، ولم يخرج اسمه من قائمة المرشحين إلى أن أعلن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تعيينه رسمياً والياً للبحر الأحمر.
(الصيحة) سألت العديد من قيادات القوى السياسية والمُجتمعية عن مدى نجاح الوالي عبد الله شنقراي فى إدارة الولاية والخروج بها من نفق ازماتها المتكررة، حيث أفاد القيادي بمؤتمر البجا الحرية والتغيير عبد الله موسى لـ(الصيحة) بأن الوالي ابن الولاية الحائز على ثقة أهلها، واللصيق بهمومها عبر خدمته الطويلة ونشاطه في المجتمع المدني في قطاع التعليم والخدمات بحيث غطت نشاطاته كل محليات الولاية، وقال: في اعتقادي إن هذه المعرفة وتأييد القوى السياسية والمجتمعية له والبرنامج الذي سيعمل على تنفيذه بالاتفاق مع القوى السياسية من أهم نقاط قوته، وأضاف: أتوقع له النجاح. واقترح موسى، على قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة وكل المواطنين، منح الوالي وحكومته فترة هدنة تتيح له انجاز مشاريعه وذلك بتضافر كل الجهود لدعمه.
ولم يختلف القيادي بالحزب الشيوعي علي ميرغني كثيراً عن عبد الله موسى، حيث أكد ان الباشمهندس شنقراي جاء تعيينه بعد جدال وعراك اثمر على أن يتولى قياده هذه الولاية برؤية قوى الحرية التغيير، وأنهم سوف يتحمّلون مسؤولية إعداد البرنامج الكامل الذي يساعد الوالي في قيادة الولاية بنجاح لإزالة كل معوقات العمل والأزمات.
لكن الأستاذة الإعلامية هدى محمد عمر، تحفظت عن اختيار الولاة خاصة الولايات التي لها خصوصيتها وحوجتها الأمنية، وقالت: كان هناك تسرع في اختيار ولاة مدنيين خاصة في مناطق بها نزاعات ومازالت ترقد على صفيح ساخن.. مهما كانت حكمة من يأتي لا بد من والٍ عسكري لتلك الولايات، ويجب التروي لتفادي أي مستجدات لا يُحمد عقباها، واشارت هدى إلى أن في الشرق اتفاق ما يعرف بالقلد، وهناك ترقب وتحسب لنهاية فترته يوم 30 من الشهر الجاري، وحتى لا تكون الترشيحات وجبة سهلة لمن يسعى لتوسيع هوة التفرقة، ما يحدث في دارفور يستدعي أن تكون للعسكر الكلمة العليا لحفظ الأمن، لذا كان يجب التريُّث والتروي في اختيار ولاة مدنيين في تلك المناطق.
القيادي المجتمعي جمع ابو ريان، رحب بالمهندس عبد الله شنقراي والياً للولاية، وتوقّع أن سينفض الرجل الغبار عن مشروع دلتا طوكر ويساهم في خلق إيرادات ضخمة للولاية. وسيعمل على تخفيف وتيرة غلاء المعيشة وازمة الوقود، واضاف ان الرجل سيأتي والياً للجميع ولن ينحاز لقوى الحرية والتغيير، فهو رجل مرن وله علاقات واسعة مع جميع مكونات الولاية.
أما نزار الفاضل قال: عندما انتهيت من قراءة سيرته الذاتية، كنت اتمنى يكون وزيراً للزراعه بالمركز لخبراته المتراكمة، وان تبقى الفرصة لقيادة الولاية لأحد الشباب ذات المكون الاجتماعي ونكون أفدنا السودان والولاية، لأنه لم يكن هناك وزير اتحادي للزراعة بهذه الخبرات والتجارب العملية والعلمية. أما القيادي بالمؤتمر الشعبي محمد ابراهيم، قال إنّ البحر الأحمر ولاية معقدة ومرهقة وتشقي السعيد وتمرض المتعافي كما وصفها أحد الوزراء السابقين، فهي ولاية مأزومة بامتياز، لذلك على الوالي شنقراي ان يقف على مسافة واحدة من الجميع خاصة اجتماعياً، لان الإشكال بالبحر الأحمر اجتماعي قبل ان يكون سياسيا، لذلك يجب ان يكون حذرا من تأثيرات الكيمان والكيانات، لأن تجربتنا طيلة الفترة السابقة كانت قائمة على زعزعة الاستقرار وضرب النسيج الاجتماعي برفع سلاح القبيلة في معاركها السياسية، بالإضافة إلى التدهور الذي تشهده الولاية في جميع الخدمات أو تكاد تكون منعدمة وهذا تحد كبير، وعليه ان يُسخِّر كل امكاناته ليصنع من الفسيخ شربات، وان ينهض بالصحة والتعليم ويعالج مشكلة الولاية الكبرى -مياه الشرب -، وان يتعامل مع هذه القضايا بجدية لينجز فترة حكمه بالبحر الاحمر وينال رضاء المواطن، واشار ابراهيم انه بالنظر الى الأوضاع التي يعيشها السودان ككل، من الصعب أن نقول إنه يستطيع أن يحرز نسبة نجاح كبيرة في حلحلة هذا المشاكل، ولكن أملنا كبير في أن يخفف من الأزمات ومعاناة مواطني البحر الأحمر، وقال انّ الحديث عن الفشل والنجاح سابقٌ لأوانه.
الكاتب الصحفي عبد الوهاب مالك، مستشار تحرير صحيفة الفجر الجديد التي تصدر بالولاية قال لـ(الصيحة): اذا نجح الوالي شنقراي في استمالة المجتمع المحلي لبرنامجه واشاع منهج التشارك، فهو أقرب إلى النجاح منه إلى الفشل، شريطة أن لا تكن السلطة المركزية بمعزل عن برنامجه وبعيدة عن إسناده سواء مادياً أو معنوياً.
//////////////////////////////////////////////////////////////////

نهر النيل.. المرأة الحديدية
الدامر- عمر حسين النور
وقع اختيار الدكتورة آمنة أحمد المكي لكي تكون والياً لنهر النيل ولأول مرة في تاريخ الولاية.. آمنة من مواليد عطبرة ١٩٧٣ وخريجة جامعة الجزيرة طب، ولديها ماجستير في طب الأسرة ومن قيادات التجمع الاتحادي المعارض بالولاية.
الأستاذ أحمد سعيد ابن الدامر، قال ان الوالي الجديد عليه ان يحافظ على الرغيفة وزناً وسعراً، والامداد المائي بصيانة وتجديد الشبكات.. وعلى صحة الناس بتوفير الكوادر الطبية (ومساعدتها بالسكن والترحيل) والدواء وتأهيل المستشفيات والمراكز الصحية.. فضلاً عن الاهتمام بالتعليم، واقترح ان يدفع كل تلميذ تم قبوله “جديدا” ان يدفع ألف جنيه والتلاميذ في الصفوف الأخرى ٥٠٠ دعماً لترقية البيئة المدرسية واستقرار المعلمين في الولاية، مع عودة معاهد التدريب والتأهيل للمعلمين والمعلمات، ودعا الوالي للمحافظة على استقرار ودعم حلّة الملاح، ودعم الشباب في مجال البيوت المحمية للزراعة لإنتاج الخضروات، وتنشيط العمل التعاوني السلعي داخل الأحياء.
المواطن الفاضل حسين النور قال: أخيراً تم تعيين الولاة المدنيين بعد طول انتظار، تكملة لمستويات المرحلة الانتقالية لحكومة الثورة ومن العنصر النسائي لاول مرة وفي هذا تكريم لنضالات المرأة ضد النظام المباد بولاية نهر النيل، ونحن بالطبع نتمنى التوفيق للاخت الوالي، وبلا شك تنتظرها مهمة صعبة ولكن ليست مستحيلة من حيث معالجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها انسان هذه الولاية والعمل على توفير الخدمات الاساسية من صحة وتعليم وكهربا ومياه ومحاصرة فلول النظام البائد الذين يصنعون الأزمات وبسط الامن، واذا توفرت الإرادة حتماً سيتحقق النجاح.
المواطن يوسف الدوش – محلية المتمة قال: تابعنا باهتمام بالغ، الأصوات التي علت بالسخرية والنقد الهدام بعد اختيار د. آمنة احمد المكي والياً لولاية نهر النيل، واختزال كل ذلك في أن كيف أن تحكم دار جعل امرأة، في دلالات واضحة ومبطنة لإثارة الفتن والتمييز! واضاف: نحن في ولاية نهر النيل لسنا بتلك الصورة النمطية والرجعية باختزال كل تاريخنا وحضاراتنا في سؤال متخلف (كيف تحكمكم امرأة؟!) ولكم في التاريخ ممالك وحضارات! وقال: ودار جعل الآن هي دار كل السودانيين وولاية نهر النيل تعتبر سوداناً مصغراً بكل ألوان طيفه! وقال: لن تمر علينا مرة أخرى حيل العنصرية والتمييز والتفرقة، وليس ببعيد عن الأذهان أساليب الكيزان في تصدير الصور النمطية عن عقلية انسان الولاية بالتخلف والرجعية وفي ذاكراتكم جون قرنق (عايز يشرب جَبَنة في المتمة). واضاف: الآن نفس العقول، وبعد مرور عام على انتصار الثورة السودانية التي اشتعلت فيها نار الغضب من عطبرة، تريد تمرير تجارتها البائرة في سوق الخسة والنتانة! وزاد: هذه شرارة جديدة لثورة جديدة من عطبرة ذاتها تخرج د. آمنة أحمد المكي والياً لولاية نهر النيل! وهذه في حد ذاتها ثورة عظيمة ثورة عظيمة لكل النساء في بلادي، وثورة عظيمة لإنسان المنطقة لتخليد صورة جديدة غير التي شوّهت، وللذين لا يفرقون بين الموروث الشعبي والثقافي والعادات والتقاليد وحرصوا على تحجيم انسان المنطقة في صور (الجَلد) (وافووووو) وضجت الأسافير بصور الرجولة والبطان. وهذه ثقافتنا ونعتز بذلك! ولكنها لن تقف حجر عثرة في طريق بناء الوطن. وقال: نحن في لجان مقاومة المتمة نشد من أزر الوالي د. آمنة أحمد المكي ونبارك لها الخطوة الجبّارة في التصدي للمسؤولية التاريخية ونقدم لها كامل الدعم من أجل إرساء قيم الحرية والعدالة الاجتماعية والسلام ونهضة البلاد. ونقول لها:- (تقدمي للأمام وخلفك الآباء والأبناء والإخوان قبل النساء!)..
///////////////////////////////////////////////////////////////////////////

شمال كردفان.. رفضٌ تامٌ
الأبيض- معتصم حسن عبد الله
ما أن أنهى رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك مؤتمره الصحفي، وعلمت جماهير شمال كردفان أن الاختيار وقع على الاستاذ خالد مصطفى والياً على الولاية، ضجت الأسافير ووسائل ووسائط التواصل الاجتماعي وخروج جماهيري ليلاً ونهاراً للشارع يوم أمس في مواكب لجان المقاومة وصولاً لميدان الحرية مقر الاعتصام رفضاً لاختيار الوالي الجديد لتولي سدة الحكم بالولاية، مطالبين بتعيين والٍ يملك المؤهلات الكافية التي تمكِّنه من إدارة شؤون وحلحلة مشكلات وقضايا الولاية وأن اختيار خالد مصطفى، مقدراته وتجربته لا تناسب منصب والٍ لإدارة شؤون الولاية ولا تمكنه من تلبية تطلعات وأشواق جماهير شمال كردفان.
صحيفة (الصيحة) استطلعت مواطني وقادة رأي وقيادات سياسية وحزبية للاستماع لنبض الشارع للوقوف على اختيار الوالي والبلاد تمر بمرحلة مفصلية ودقيقة من عمر البلاد.
المواطن سليمان عبد الرحيم قال إن اختيار خالد غير موفق، مشيراً إلى أن الولاية غنية بالكفاءات المقتدرة التي يمكن أن تحقق مطالب شعب الولاية وتحقق شعارات الثورة، فيما قال الشاب حسين آدم إن الاختيار لم يرضِ طموحهم وأشواقهم، مطالباً بإعاة النظر في الاختيار.
المواطنة فاطمة عبد الله قالت:” نحن عاوزين فقط والي يحسن المعيشة”، وشكت من ارتفارع أسعار السوق، وأضافت: “الله يولي من يصلح”.
زكريا محمد قال: يجب أن نقف مع الوالي الذي تم تعيينه لتحقيق مطالبنا واذا لم ينجح في ذلك سنخرج للشارع ونُطالب بتغييره بآخر يُلبِّي وينفذ ما ينادي به شعب الولاية.
لجان المقاومة
من جهتها، أكدت لجان المقاومة بالولاية، رفضها لاختيار خالد مصطفى والياً لشمال كردفان وسيّرت مواكب متعددة رافضة للاختيار، وعقدت مخاطبات جماهيرية بميدان الحرية، وقالت إن الاختيار يجب أن يكون من نبض جماهير الثورة.
من ناحيته، أكد القيادي بالحركة الشعبية جناح الحلو شمال كردفان حامد أحمد حامد، أنهم أول قوى سياسية أيّدت تعيين الولاة المدنيين، مبيناً رفضهم اختيار خالد مصطفى والياً على الولاية ورفض جميع الأسماء المرفوعة للمركز، مطالباً أن يكون اختيار الوالي عبر لجان المقاومة، وأكد حامد أنهم كجزء من لجان المقاومة مشاركون في الاعتصام بميدان الحرية حتى يسحب د. حمدوك ترشيح خالد.
من جانبه، طالب القيادي السياسي بحزب الأمة القومي ياسر ياسين عبد النبي بإعادة النظر في اختيار خالد مصطفى والياً على شمال كردفان الذي لا يملك أي تاريخ سياسي أو اجتماعي حتى في مدينة الأبيض، وقال إن خالد تنقل بين عدد من احزاب حكومة النظام البائد، مبيناً أن الولاية غنية بالأسماء والشخصيات المقتدرة أمثال (بشير عمر ومضوي إبراهيم)، ونادى ياسر بأن يكون الاختيار وفق معايير وكفاءة، مؤكداً رفض تعيين خالد.
قادة رأي
إلي ذلك، استنطقت الصحيفة الصحفي (الزين كندوة)، موضحاً أن أمام الولاة تحديات كثيرة تمثل قاسماً مشتركاً لكل الولايات، وعن اختيار الوالي الجديد لشمال كردفان، قال إن هنالك تباينات حادة لا نعلم إلى أي مدى تنتهي، مبينا ان مقبل الأيام ستسفر عن استمرار الوالي او تنحيه أو إجراءات أخرى، وقال كندوة إن الترشيحات الخمسة التي دفعت بها الولاية وجدت الرفض من الجماهير، مشيراً إلى أن الوالي يجب أن تتوفر فيه الكاريزما التي تقود الولاية ولا بد أن يتم الاختيار وفق اتفاق أهل الولاية، وأن تُدار الولاية بعقل جمعي.
هذا وقال المحلل السياسي عبد الرحيم بلل، إن تعين الولاة المدنيين جزء مهم من استحقاقات ثورة ديسمبر المجيدة وأحد المطالب التي نادت بها الجماهير، وأضاف بلل أن هنالك بعض التطورات ومفاوضات السلام بجوبا ألقت بظلالها في عملية تعين الولاة، مُشيراً إلى أن تسمية الولاة حق دستوري سليم، لكن السؤال هل الاختيار راعى أشواق تطلعات الجماهير، مُتطرِّقاً لنماذج في اختيارات بعض الولايات، وعن اختيار خالد مصطفى لشمال كردفان، قال جاء بين الرفض والتأييد وداخل مكونات الحرية التغيير كذلك، مما يؤكد ذلك أن هنالك خللاً، ونادى عبد الرحيم بلل بإعادة النظر والرأي لإخراج البلاد من هذا المأزق حتى يأتي القرار مُراعياً لقضايا وتطلعات المواطنين، وعدم فتح الباب أمام الصراعات والبلاد تتّجه نحو السلام والاستقرار.

///////////////////////////////////////////////////

جنوب دارفور.. عدم المؤسسية
نيالا- حسن حامد
بَعد مخاض عسير وانتظار وترقُّب ومُطالبات واسعة لمكونات الثورة باستكمال هياكل السلطة المدنية، جاء المؤتمر الصحفى لرئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك بتعيين الولاة المدنيين المكلفين، وبعدها ضجّت عدد من الولايات مُعلنة رفضها وعدم قبولها لولاتهم، واعتبرت مكونات الثورة بأن هناك خروجاً عن المؤسسية فى اتخاذ تلك القرارات بالإتيان بولاة من خارج قائمة الخمسة الذين رفعتهم اللجنة المعنية بالاختيار إلى المركزية فى الخرطوم.
وفى ولاية جنوب دارفور ذات القضايا الشائكة والمُعقّدة، التي عُيِّن لها موسى مهدي اسحق عن حزب الأمة، عقب إعلانه ضجّت الأسافير ومواقع التواصل ما بين القبول والرفض، فعدد من مواقع التواصل التي تضم المُستنيرين من أبناء الولاة، منهم من أعلن الرفض، ومنهم من تمنى للرجل التوفيق، واستعرض التحديات التي تُواجه الرجل وكيفية أخذ الجميع بيدٍ واحدة والعبور بالولاية لبر الأمان.

وفي المُقابل، انقسمت الكُتل الخمس المُكونة للحرية والتغيير بالولاية، فناهضت ثلاث منها قرار رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك ووصفته بالخروج عن المؤسسية في اتخاذ القرار بتعيين موسى مهدي من خارج المرشحين الخمسة الذين رفعتهم لجنة الترشيحات بقوى الحرية والتغيير وهم: د. سيف الدين داؤود عن الإجماع الوطني، شمس الدين أحمد صالح عن كتلة تجمُّع المهنيين، طارق الشيخ عن كتلة المجتمع المدني، أحمد مختار الزين عن كتلة نداء السودان وعبد الحليم عبد الله عن كتلة التجمع الاتحادي، بينما تحفظت كتلتا نداء السودان والتجمع الاتحادي عن إعلان موقفها حيال هذا التعيين.
ويرى مراقبون بأن الرجل كان يبنغي ان يُمنح الفرصة لبداية المشوار، وإذا حاد عن أهداف الثورة يُواجه بالرفض، وكان تباين الآراء هنا في جنوب دارفور حول قبول ورفض الوالي المدني ظهرت في السطح منذ أن نُشرت التسريبات الأولية بشأن تعيينات الولاة بأن جنوب دارفور ٲصبحت من نصيب حزب الأمة في شخص العقيد شرطة معاش موسى مهدي، فضجت الأسافير مصدرة ٲنغاماً متباينة ما بين مُؤيِّد ومُعارض ومُحايد، ولكل مجموعة مبرراتها ودفوعاتها من حيث التأييد والممانعة، بحسب الكاتب الصحفي الحسين أبو جنة الذي قال لـ(الصيحة)، إنّ معرفته بالرجل يستطيع القول بأن الاختيار قد صادف ٲهله على خلفية ٲن المذكور بخلفية ٲمنية تناسب ٲوضاع وتعقيدات ولاية مازالت الفتنة فيها متبرجة تمشي بين الناس في القرى والفرقان والأسواق، هذا بالإضافة إلى ٲنه من المكونات الاجتماعية ناصعة الحضور بولاية جنوب دارفور، ويَعرف تضاريس الولاية ودروبها الوعرة. وبحكم التنشئة يكاد يحفظ عن ظهر قلب احتياجات جنوب دارفور للأمن والسلام والتنمية المستدامة ولأسباب عديدة تستقر حظوظ العقيد المهدي في خانة النجاح بالنسبة لمهامه الأمنية والسياسية والإدارية والتنفيذية في ولاية جنوب دارفور، كونه واحداً من ابنائها بخلفية ٲمنية خبرت دروب السياسة بحسب أبو جنة.
المواطن المغلوب على أمره هنا بولاية جنوب دارفور، المكتوي بنيران الغلاء الفاحش والمعيشة الصعبة، ظل مهموماً بالبحث عن لقمة العيش، ولم يلتفت كثيراً لمسألة التعيين هذه، وفي المقابل ينتظر الغالبية على أحر من الجمر تحقيق السلام أكثر من قضية التعيين، ولكن الطبقة المستيرة وقادة الحراك الثوري ولجان المقاومة قالوها واضحة برفض تعيين موسى مهدي والياً على جنوب دارفور، ليس لرفض شخصة أو حزبه، وإنما للخروج عن المؤسسية التي اُتبعت في قرار التعيين.
وفى المؤتمر الصحفي الذي عقدته الكتل الثلاث لمكونات الثورة وهي تجمع المهنيين، كتلة المجتمع المدني والإجماع الوطني أعلنت قرارها الحاسم بمُناهضة القرار.
وقال منصور عيسى درجة عن كتلة التجمع المدني، إن تعيين الرجل لم يكن ضمن قائمة المرشحين الخمسة من قِوى إعلان الحرية والتغيير، بل تم استبعاده من قبل لجنة الترشيحات التي رفعت للمركزية ولم يشاورهم احد في هذا التكليف وانهم تفاجأوا به لحظة إعلانه في المؤتمر الصحفي، وتابع: (موقفنا واضح ونحن لسنا ضد حزب أو كتلة ولكن موقفنا مبني على آلية الاختيار التي لم نستشر فيها).
بينما يقول نادر احمد يس عن قوى الإجماع، إن قرار تعيين الولاة المدنيين هو تاريخيٌّ ظل ينادي به الجميع، ولكن تم دون مؤسسية في جنوب دارفور ولذلك يعتبرونه غير مؤسس ولا يمثلهم كقوى حرية وتغيير، وأشار إلى أن الولاية فيها تعقيدات أمنية كبيرة، مُطالباً رئيس الوزراء ومجلس السيادة بإعادة النظر في هذه الخطوة، وتابع: (أي اختيار بخلاف المرشحين الخمسة اعتبره فُرض علينا وهذا الأمر تجاوزته الثورة بالإطاحة بالعهد البائد الذي يمارس هذه الأشياء).
إلى ذلك، قال محمد عبد المنعم السليمي عن تجمع المهنيين، ان هيمنة المركز في القرار في العهود السابقة هي التي دعتهم للخروج من أجل معالجتها، ومن المفترض أي قرار يصدر في شأن ولائي أن يستشار أهل الشأن، مؤكداً تمسكهم بالشرعية، وزاد: (نحن لسنا ضد سياسات ولكنا ضد قرارات، ولا بد أن تصل الرسالة واضحة لحمدوك والمركزية بالخرطوم بأن زمن هيمنة المركز قد انتهى)، وأضاف أن موقفهم ضد ومعارضتهم للقرار ليس بأن الشخص القادم من حزب الأمة أو غير مؤهل وخلافه، واختتم بأنهم لن يسكتوا على أي خطأ ولو أدى الى تفكيك قوى الحرية والتغيير نفسها.
أما عضو لجنة اختيار المرشحين بالولاية، مها محمد رمضان، فقد تناولت ما قامت به اللجنة بحيادية في فرز ملفات المرشحين من الكتل الخمس، وان الوالي المُعيّن استبعدته اللجنة لعدم اجتياز المعايير الأولية للاختيار وتم رفع قائمة الخمسة للخرطوم، لكنها قالت: التعيين تم بأي كيفية هي غير مسؤوليتهم، وأعلنت مها، رفضهم لأي قرارات فوقية تأتيهم من حمدوك أو الأحزاب بالمركز أو المركزية، مُطالبة بإعادة النظر لهذا القرار الذي لا يمثل قوى إعلان الحرية والتغيير بولاية جنوب دارفور.. على أية حال فإن قرار تعيين والي جنوب دارفور ظل ما بين الرفض والتأييد، وقد أعلنتها الكتل التي أوضحت موقفها الرافض بأن الخطوة حال عدم إعادة النظر فيها، فإنها تراهن على آليات الشعب بعدم تمرير أي موقف غير صحيح، وقد أعلن البعض عن عودة حرق اللساتك حال الاستمرار في هذا القرار.

///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////

شمال دارفور.. تحدي الأمن والتنمية
الفاشر- مالك دهب
أخيراً وفي إطار استكمال هياكل السُّلطة المدنية، أعلن رئيس الوزراء عن قائمة أسماء الولاة المدنيين، والذين سيتولّون مهامهم في الساعات القليلة القادمة، واعتمدت هذه القائمة بشكلٍ كبيرٍ على ترشيحات قِوى إعلان الحرية والتغيير.
ولاية شمال دارفور من الولايات السّاخنة والتي تمّ ترشيح محمد حسن عربي لها وهو المتحدث باسم المؤتمر السوداني والقيادي بتجمع المهنيين.
يقول الصحفي محمد حقار، إن المهمة صعبة على الوالي وتحتاج إلى تضافُر الجُهُود بين كل الحادبين على مصلحة الولاية لتحقيق التطلُّعات الذي نسعى اليه جميعاً وتحقيق الأمن والاستقرار والإسهام الإيجابي في نزع سلاح المتفلتين وتفكيك دولة التمكين وبسط هيبة الدولة وسيادة حكم القانون وتحقيق العدالة .
وفي بيان لمُبادرة استعادة نقابة المهندسين فرعية شمال دارفور حول تعيين الولاة، أكدوا تأييدهم للوالي الجديد، وأعربوا عن أملهم أن يُساهم ذلك في تحقيق مطالب الثورة المجيدة، واكدوا انهم سيكونوا سنداً وداعمين لكل من تختاره حكومة الثورة وفي نفس الوقت رقيبين ومتمسكين بأهداف الثورة لترسيخها.
فيما قال عضو الحرية والتغيير وأحد الذين كانوا مرشحين لمنصب والي شمال دارفور المحامي محمد نروما في تغريدة له: من المؤكد المهمة صعبة وولاية شمال دارفور بها من التعقيدات ما بها والوضع حساس جداً، وتمنى لعربي النجاح والتوفيق، وقال: واجب علينا مُساندة تنمية الولاية والوطن من أي موقع كنا فيها وبالتوفيق لإحداث التغيير في كل أرجاء الوطن والتغيير يبدأ بخطوة.
فيما قالت الصحفية عايدة عبدالقادر إن مدنيااااو، مطلبٌ بُحّت عنده الحناجر وعلَت على إثره الأصوات، ولعل هذه هي اللحظات الحاسمة التي كانت تشرئب لها الأعناق، حيث أن الولاة المدنيين هم مطلب الثورة والثوار الذين سطّروا أحلامهم حرفاً ونصاً ومهروها على جدران الطرقات وضمخوا الأرجاء بدمائهم مُستمسكين بمطالبهم دون استثناء أو تبعيض، إلى أن تم إعلان الولاة المدنيين إثر مخاض عسير نفد فيه صبر الصابرين. واضافت أن عاما ونيفا من حكم الولاة العسكريين كان نصيب شمال دارفور منها صفر كبير في إحداث تغيير ولو طفيف يحقق بعض رغبات الأهالي في أبسط شؤون الحياة، سيما لقمة العيش التي أشعلت شرارة الثورة من أمام مدرسة دارفور الثانوية بنين بالفاشر شأنها شأن كل المُدن التي خرجت لذات الأسباب. وقالت عايدة: ما أفشل الوالي العسكري المكلف وما عابه عليه أهل الولاية الولاية هو استعانته برموز النظام السابق بالولاية وتمسكه بالصف الأول من شاغلي المواقع الحسّاسة، الذين عملوا في ظل كل الولاة السابقين والتغاضي عن تغييرهم مع سبق الإصرار والترصُّد، إضافةً إلى موظفي مكتب الوالي نفسه الذين يمثلون الحرس القديم دون إحلال أو إبدال. واضافت عايدة: الآن قد تحقق حُلم الكثير من المواطنين إلا قلة من المُنتفعين والوصوليين الذين يجرون وراء أهوائهم ومنفعتهم الشخصية. وأوضحت أن تعيين عربي يجئ في ظل تعقيدات اقتصادية وسياسية ومناطقية وقبلية، والجميع إلى الأمن والاستقرار والرفاه ما أمكن، وقالت إن عربي أمام محك عصيب، (إما أن يكون طوق نجاة أو سفينة الطوفان والغرق).
فيما قال الأستاذ محمد سليمان طاهر شعيب، ان هذه الخطوة الكبيرة التي تمّت بتعيين الولاة المدنيين انتظرها الثوار والثائرات أمداً طويلاً، لتكن البداية الفعلية لمدنية السلطة والحكم بالولايات التي لم تشهد تغييراً قط، بل ازداد الطين بلَّه في تردي الخدمات، وفوضوية السوق، وزعزعة الأمن والاستقرار في بعض المدن والولايات بالبلاد؛ ممّا استشاط غضب الثُّوّار بتنظيم سلاسل الوقفات الاحتجاجية تُزيِّنها لافتات تحمل خطوطاً عريضةً تدعو لإقالة الوالي، واعتصامات تهزّها هتافات تُطالب بإقالة الوالي، ومُذكِّرات مظرفة تُرفع لمجلس الوزراء يُناشد فيها بإقالة الوالي. وأضاف سليمان: لقد تحقق مطالب الثوار أخيراً بترجمة مطلب الولاة المدنيين المكلفين بالولايات عامة، تَوطئةً للتوصل إلى إبرام اتفاق سلام نهائي بمنبر جوبا، وهذا التعيين قُصد منه ملء الفراغ الدستوري بالولايات في أعقاب إحياء روح ثورة ديسمبر المجيدة في الثلاثين من يونيو المنصرم.. فجاء من نصيب ولاية شمال دارفور تعيين محمد حسن عربي والياً مكلفاً في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها ولايات دارفور خاصة في الصراعات والنزاعات التي راح خلالها عدد من الضحايا. وقال إنّ هذا الوالي الجديد في موقف لا يحسد عليه، وإنّ طريقه ليس سهلاً، وغير مفروش بالسجادات الحمراء وعلى جانبيها الورود، إلا أنه قَبِلَ هذا التحدي، والكل ينتظر بم يأتي الحسن العربي لهذه الولاية؟ والكل يأمل في إحداث التغيير في الوضعية القاتمة القائمة على ولاية شمال دارفور لعقود من الزمان من ظلم صارخ وتهميش واضح، والكل يأمل في انتشال هذه الولاية من مُستنقع اللا مبالاة إلى هضب الاهتمام والرعاية. وقال: هناك آمال عراض من شعارت الثورة معقودة على أعناقكم، فاهتموا بالحرية خصوصاً حرية التعبير في الرأي ولا ضير في ذلك، واهتموا بالإعلام وملّكوه الحقائق المبرأة من غير زيف أو تزييف، حققوا السلام المُجتمعي بين الناس، بادروا بعقد مؤتمرات، وورش للمُصالحات بعقلية علمية قابلة للتطبيق تناقض تماماً العقلية البائدة، والتشديد والتمسك بحصر الأسلحة في أيادي القوات النظامية والعسكرية دون سواهم، وبسط هيبة الدولة بسيادة حكم القانون، وتحقيق العدالة في التنمية، وفي الخدمات الصحية، والتعليمية، بل إعطاء الأولوية لقضايا معاش الناس بضبط الأسواق المُتفلتة بقوانين منصفة للمُستهلكين وللتجار على حدٍّ سواء، وتحقيق العدالة في فرص ملء الوظائف الشاغرة مع مُراعاة التمثيل لكل الشرائح المُجتمعية وفقاً لمعيار الكفاءة، والمقدرة والمؤهل الأكاديمي، ومنح حياة جديدة كريمة لهذه الولاية، وتشييع وترك كل الخلافات.

/////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
غرب دارفور.. ظُروفٌ استثنائيةٌ

الجنينة- محيي الدين زكريا
تحت زخّات البارود وأصوات الرصاص ورائحة الدم والحُزن الذي يُخيِّم على مواطني غرب دارفور وعشرات السيارات والدبابات المنتشرة في الشوارع بالإضافة إلى حظر التجوال الشامل في (2) من محليات الولاية الثماني، وفي هذه الظروف البالغة التعقيد من تاريخ غرب دارفور، تم تعيين الأستاذ محمد عبد الله الدومة والياً عليها.
تباينت ردود الفعل حول التعيين الذي لم يكن مفاجئاً لكثير من المراقبين، يمتلك الدومة تجرية إدارية ثرة، وخبرات تراكمية بحكم السنين في العمل القانوني، تمكنه من ادارة سدة الحكم إذا استطاع إدارة الملفات العالقة والقضايا الملحة والمهددات الماثلة.
تعيين الأستاذ محمد عبدالله الدومة يأتي في مرحلةٍ صعبةٍ ومُعقّدة تمر فيها الولاية بحرب أقل ما يمكن وصفها بأنها قبلية، راح ضحيتها خلال ثلاثة أيام أكثر من عشرة قتلى وعشرات الجرحى، وسط انتشار كبير للسلاح الناري في أيدي المواطنين واتهامات مُبطّنة لبعض عناصر الأجهزة الأمنية بالاشتراك في القتال لصالح قبائلهم.
يأتي الدومة وأمامه ملفات شديدة التعقيد، أهمها قضية النازحين واللاجئين.. ويرى بعض المراقبين أن القادم الجديد المحسوب إثنياً على هذه الشرائح ربما ينجح في تسجيل اختراق في هذه الملفات والعمل على طيِّها بصورة نهائية إذا استطاع التعامل بصورة حاسمة مع أصحاب الأجندات والمصالح الخاصة.. والعقبة الأكبر التي تواجه الوالي مباشرة، حماية الموسم الزراعي والذي تأثر بالأحداث الأخيرة، وترك بعض المزارعين مزارعهم بعد اشتداد وتيرة الاشتباكات الأخيرة.
في ذات الصعيد، يرى المحلل السياسي مصطفى عليش، أن فرص نجاح الدومة ضئيلة لعدة أسباب، أهمها الشرخ الاجتماعي الذي حَدَثَ في الأيام الفائتة بالمدينة، والاستقطاب الحاد الذي صاحب عملية الترشيحات لإعلان التكليف قد يضيِّقان فرص نجاحه، فضلاً عن التطورات الأمنية المتسارعة والرفض الموثق من قبل كيانات عدة جميعها تعجل بذهابه قبل إكمال الفترة المقررة، واشار إلى أنّ الدومة رجل كادح ومصادم وعفيف يد، إلا أن هذه المعايير لم تكن كافية في غرب دارفور ما لم يتم تعضيدها بروح القومية والوقوف بين الجميع في مسافات متساوية تعطر وحدة المصير والعيش المشترك بعيداً من إذكاء روح القبيلة في العمل العام، وإذا فطن الدومة لهذه الأشياء يمكن أن ينجح، ولكن سيُواجه بتحدٍ آخر وهو كيفية إرضاء عشيرته وتلبية مُتطلباتهم دون المساس بحقوق الآخرين لأنّهم يعتبرونه المُنقذ بعد سنين من الحرب والتضحيات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى