Site icon صحيفة الصيحة

الموسم الزراعي الصيفي .. الخطر القادم (1)

وزير زراعة سابق: 25% فقط نسبة ما تمت زراعته حتى منتصف يوليو من المساحة المستهدفة
ارتفاع كلفة تحضير الفدان بنسبة 275% عن الموسم الماضي
وزير الزراعة والموارد الطبيعية المكلف: الوزارة وفرت المدخلات الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي
خبير زراعي: القطاع المطري التقليدي والآلي يمر بظروف في غاية التعقيد

شواهد كثيرة تشير إلى فشل الموسم الزراعي الصيفي إذا لم يتدارك المسؤولون على وجه السرعة المصاعب الجمة التي تواجه المزارعين الآن.
وفشل الموسم الزراعي ينبئ بخطر قادم على الاقتصاد والأمن الغذائي في السودان ويدخل الحكومة الانتقالية في نفق لم تتحسب له، حيث تبين أن 25% فقط هي نسبة ما تمت زراعته حتى منتصف يوليو من المساحة المستهدفة.. وانتهت المواعيد الموصى بها لزراعة الفول السوداني والقطن من الأنواع المحورة.. وشارفت مواعيد الذرة على الانتهاء ونحتاج لمعجزة لتدارك الوضع.
وكشف التحقيق أن فشل الموسم الزراعي في مشاريع الجزيرة والرهد والسوكي وحلفا يعود إلى مشاكل الوقود ونظافة القنوات وإشكالات الري والبذور المحسنة والأسمدة وطريقة الإدارة.
وحذر مختصون بأن يواجه السودان مجاعة في محاصيل الحبوب.
تحقيق محيي الدين شحر

تهديدات
قال وزير زراعة سابق بولاية الجزيرة إن ضعف المنفذ من أعمال الصيانة الصيفية تسبب في سوء حالة مواعين الري من ترع وقنوات ومصارف مما انعكس في حدوث نقص كبير في مياه الري خاصة في الأقسام الطرفية وفوات المواعيد الموصى بها لزراعة الفول والذرة.
وأوضح في حديثه لـ (الصيحة) أن ضعف المنفذ في أعمال صيانة المصارف يهدد بغرق مساحات مقدرة وعزل بعض القرى خاصةً على امتداد مصرف ود مطر ومصارف غرب الماطوري الفاصلة بين المشروع وسكر النيل الأبيض.
وذكر أن المساحات التي تم تحضيرها حتى الآن مازالت بعيدة عن المساحات التأشيرية لكل محصول بسبب تذبذب معدلات توفر الوقود وأصبحت ظاهرة حرث جزء من النمرة وترك الباقي بدون حرث ظاهرة واسعة الانتشار في المشروع وسيكون لذلك آثاره السالبة على العمليات الفلاحية اللاحقة.
وأضاف قائلاً: فيما عدا المساحات الممولة من البنك الزراعي فإن قطاعا واسعاً من المزارعين يعانون من ارتفاع أسعار الأسمدة والتقاوي حيث بلغت أسعار السماد بنوعيه حوالي الثلاثة آلاف جنيه للجوال ، وزادت رسوم ري الفدان من 250 الى 750 جنيهاً وتضاعفت أسعار مبيدات الحشائش بنسبة مائة بالمائة.
وزاد قائلاً: أما التقاوي فضلاً عن تفاوت أسعارها وجودتها فإن سوقها يشهد فوضى عارمة وانفلاتاً سيؤثر بلا شك على أصولها وأنواعها بالفقد والاختلاط، وفيما يتعلق بالزراعة التعاقدية قال إن تدهور سعر الصرف وغياب اهتمام الدولة وتشجيعها انعكس على إحجام العديد من هذه الشركات عن دخول الموسم وإخلاء ظهر قطاع كبير من صغار المزارعين كانوا يعتمدون عليها في زراعاتهم.
وأضاف: على صعيد الإشراف الإداري والفني، فإن صغر حجم الأطر الفنية وضعف انتشارها بالمشروع – مشكلة موروثة من النظام السابق – تركت المزارع وحده في وضع لا يحسد عليه، وكانت الطامة الكبرى أن تنظيمات المزارعين التي كانت تنشط في مثل هذه الحالات في مساعدة المزارعين وإسناد الإدارة ضربها شيطان الخلاف وظهرت ثلاثة تنظيمات تتصارع الآن حول أحقية كل منها في تمثيل المزارع المغلوب على أمره، وأوقعت الإدارة في حيرة وفقدت أو كادت مؤازرة هذه التنظيمات في ظل هذا الواقع المعقد.
مشروع الرهد
وتطرق وزير الزراعة السابق إلى موقف الموسم في مشروع الرهد قائلاً: في مشروع الرهد الزراعي تسبب ضعف التيار الكهربائي في تعطيل عمل الطلمبات مما انعكس سلباً على المساحات المزروعة بالفول السوداني فنقصت مساحتها مقارنة بالموسم الماضي، وأدت الى حدوث شيء من التداخل في عمليات زراعة الذرة والقطن مما يجعل عمليات ريها متزامنة بصورة تتقاطع مع كميات المياه التي توفرها الطلمبات بما ينذر بمشاكل عطش مقدرة، سيما وأن أكثر من 100 قرية من قرى المزارعين تعتمد على نفس هذه الترع في الحصول على مياه الشرب.
وقال إن القطاع المطري أيضاً يعاني من مشاكل لابد من لفت النظر إليها حتى يتمكن من اللحاق بموسم الخريف الذي كادت أول فصوله (عينة الضراع) أن تنقضي بدون معدلات الهطول المعتادة مع غياب تام لصيانة الحفاير وحملات تطعيم الحيوان ضد أمراض الصيف وبرامج إعمار المراعي بزراعة البذور.
وذكر: من كل ماتقدم، فإن من المتوقع أن تتضافر كل هذه المشاكل لتنعكس على ضعف المساحات المزروعة بمحاصيل الحبوب والقطن مما سيتسبب بلا شك في حرج لحالة الأمن الغذائي المتردية.
وقال: تلخيص الوضع في مشروع الجزيرة أكبر مشاريع البلد والذي يمثل وحده 50 بالمائة من المساحة المروية بالبلاد
أولاً: ارتفاع تكلفة تحضير الفدان بنسبة 275 بالمائة عن الموسم الماضي.
ثانياً: ارتفاع رسوم ري الفدان بنسبة 300 بالمائة عن الموسم الماضي.
ثالثاً: انخفاض حاد في مناسيب المياه في الترع يعزوه البعض لفشل أعمال الصيانة الصيفية بينما تعزوه سلطات الري لضعف المساحة المزروعة.
25 بالمائة فقط هي نسبة ما تمت زراعته حتى منتصف يوليو من المساحة المستهدفة.. انتهت المواعيد الموصى بها لزراعة الفول السوداني والقطن من الأنواع المحورة .. وشارفت مواعيد الذرة على الانتهاء ونحتاج لمعجزة لتدارك الوضع …
رابعاً: ما تزال إمدادات الوقود متذبذبة وربما لا يجدي كثيراً انتظامها بعد الآن.
(خامساً: الزراعة مواقيت) لم تكن أبدًا عبارة والسلام إنما هي من قوانين الطبيعة التي لا تعرف حكومة انتقالية ولا جائحة كورونا .
وختم وزير الزراعة السابق حديثه بقوله: (الجائحة) الحقيقية هي عقلية (الترزي يوم العيد) و(التباعد السياسي) عن تعلم دروس الماضي و(الحجر) على التفكير المنهجي الخلّاق لدولة تجاوز عمرها عمر النبوة وما زالت تخوض في الضلالات.
عوامل النجاح
فيما أشار المهندس الزراعي خضر محمد أحمد في حديثه لـ (الصيحة) إلى الأسباب التي تهدد الموسم الزراعي بالفشل، وقال: تقدر المساحة المستهدف زراعتها هذا الموسم بحوالي بـ63 مليوناً منها 4 ملايين فدان في القطاع المروي، و59 مليون فدان في القطاع المطري، وذلك لزراعة محاصيل الذرة والفول السوداني والسمسم والقطن ودوار الشمس.
وأوضح أن القطاع المطري يمثل حوالي ٩٤٪ من المساحة الكلية المستهدفة، وظل هذا القطاع يعاني في كل عام من مشاكل تحد من التوسع والإنتاجية، ولكن هذا الموسم تضاعفت تلك المشاكل بمتوالية هندسية ومن تلك المشاكل والصعوبات توفر الوقود والتمويل والتقاوي المحسنة والأسمدة والمبيدات والآلات الزراعية لعمليات التحضير والزراعة والرش والحصاد إضافة إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج نتيجة الأوضاع الاقتصادية.
وزاد قائلاً: على الرغم من القناعة بأن الزراعة هي المخرج ولكن في نفس الوقت لم تتوفر لها عوامل النجاح، فلا توجد رؤية واستراتيجية كلية لتطوير القطاع الزراعي عموماً بشقيه المروي والمطري من حيث المساحات والتوسع السنوي وزيادة الإنتاجية وتقليل التكلفة والتسويق والتصنيع الزراعي والزراعة من أجل الصادر لذلك تظل الكثير من الخطط والبرامج فقط شعارات غير مقاسة ومحسوبة حسب مؤشرات قياس محددة مدعمة بالبيانات والمعلومات والتحليل.
تعقيد
واضاف بقوله: فالقطاع المطري التقليدي والآلي يمر بظروف في غاية التعقيد على رأسها الجازولين الذي أصبح يهدد هذا الموسم على الرغم من تطمينات الجهات الحكومية ممثلة في وزارة الطاقة والزراعة، ولكن تظل الآلية وعدالة التوزيع والتكلفة والتوقيت من أهم ضمانات توفير الجازولين، وكما هو معلوم أن الزراعة مواقيت يمكن أن تصل الحصة من الوقود، ولكن بعد الوقت المعلوم، وفي مثل هذه الأيام يفترض أن تكون اكتملت عمليات التحضير وبدأت الزراعة خصوصاً في القضارف وسنار وكردفان والنيل الأزرق وغيرها من الولايات.
إضافة إلى توفير التمويل، فالبنك الزراعي قد وفر التمويل لحوالي (9) ملايين فدان من جملة (59) مليون فدان ويعزى الأمر إلى محدودية رأس مال البنك وعدم وجود جمعيات تعاونية زراعية تساعد في استغلال التمويل الاستغلال الأمثل والتوسع في الإنتاج.
وهناك أيضاً عدم كفاية الآلات الزراعية وشح الشركات التي تقدم الخدمات الزراعية خصوصاً مع زيادة آسعار الآلات وقطع الغيار.
نتيجة لتلك العوامل وعوامل أخرى نجد أن الإنتاجية دون الطموح لعدم تطبيق التقانات الزراعية في القطاع المطري، وقال: إذا نظرنا للعائد الذي يمكن أن يحققه القطاع المطري ومساهمته الكبيرة في الأمن الغذائي والمخزون الاستراتيجي والذي يتضمن محاصيل صادر مثل السمسم والكركدي وغيرهما كل ذلك يتوجب علينا دعم هذا القطاع وجعله من الأولويات.
لماذا تشكيل لجان طوارئ
وتساءل قائلاً: لا أدري لماذا يتم تشكيل لجان طوارئ ولجان عليا لإنجاح المواسم الزراعية، ووصف تلك اللجان بالأسلوب المعوج لإدارة العمل الزراعي، ومضى يقول: أين وزارة الزراعة وإدارة المشاريع التي يجب أن تتضمن خططاً واضحة كل عام لتوفير التمويل والوقود والأسمدة والبذور، لماذا تدار المواسم الزراعية باللجان، ومن هنا يجب أن نتحدث عن الخطط الاستراتيجية للنهوض بالزراعة وليس عبر لجان تشكل وتنفض وأحيانا تسمى لجان طوارئ، ما هو الطارئ في العمل الزراعي ونعلم أن العمل الزراعي خطة وبرنامج وتنفيذ وإدارة معلومة الأوقات والكميات والتوقعات.
وأضاف قائلاً: أما بالنسبة للقطاع المروي والمخطط زراعة حوالي ٤ ملايين فدان بمحاصيل الذرة والفول السوداني وزهرة الشمس والقطن وغيرها من المحاصيل والمشاريع القومية المعروفة مثل مشروع الجزيرة والرهد والسوكي وحلفا وغيرها، فإن أسباب الفشل المتوقع للموسم الزراعي فيها يعود إلى مشاكل الوقود ونظافة القنوات وإشكالات الري والبذور المحسنة والأسمدة وطريقة الإدارة وغيرها من العوامل على الرغم من تصريحات وزير الزراعة والموارد الطبيعية المكلف عبد القادر تركاوي، أن الوزارة وفرت المدخلات الزراعية خاصة الوقود والتمويل، في إطار السياسة المعلنة للدولة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والقمح، وأضاف: «الوضع مطمئن لإنجاح الموسم الزراعي، معلنا توفير الوزارة لكل مدخلات الإنتاج الزراعي من التقاوي والأسمدة لإنجاح الموسم، وأن وزارة الزراعة بالتنسيق مع وزارة الطاقة والتعدين، أمنت موقف الوقود للزراعة وبدأت عمليات تسليمه في المشاريع الزراعية المختلفة”.
وأشار تركاوي إلى أن الوزارة في إطار سعيها لضمان نجاح الموسم الصيفي، قامت بتشكيل غرفة طوارئ تختص بتوفير ومتابعة وصرف الوقود للعمليات الزراعية.
ويعلق المهندس خضر على حديث الوزير بقوله: إن الواقع غير ذلك، والكل يعلم أزمة الوقود وتأثيرها على القطاع الزراعي وإن نسبة المساحات الزراعية المفترض يكون تمت زراعتها لا تتجاوز الـ ٢٠٪ في الجزيرة والرهد خصوصاً محصولي الذرة والفول السوداني المخططة لهذا الموسم.
وقال: (كل تلك المتلازمات تواجه الموسم الزراعي كل عام بنفس الطريقة بتكوين لجنة لإنجاح الموسم كل عام.
إذن أين المؤسسات أين النظام والترتيب والتخطيط، نعم يمكن تشكيل اللجان في حالة وجود طوارئ مثل الآفات العابرة والسيول وغيرها، ولكن العمل الروتيني والمتكرر سنوياً لا يحتاج الى لجان، يحتاج إرادة قوية وأن يقوم كل مسئول بملء وظيفته بتجرد ).
ومضى يوضح: في مثل هذه الأيام يفترض يكون بدأ التجهيز للموسم الشتوي وانتهت خطط تصدير منتجات الموسم الصيفي
لماذا يشكو مزارعو المشاريع المروية من نظافة قنوات الري في حين كان يفترض نظافتها مع انتهاء الموسم الشتوي السابق.
وأضاف: (بهذه الطريقة يمكن أن تواجه السودان مجاعة في محاصيل الحبوب دعك من التفكير في تصدير المنتجات الزراعية، وعلى الرغم من قناعتنا بأن الزراعة هي المخرج لكن طريقة إدارة الزراعة بالشكل الحالي وتفاقم الأزمات ستكون الزراعة معيقاً للتنمية، كل الدول التي تطورت بالزراعة غيرت طريقة العمل في الزراعة بالتخطيط والتطوير المستمر والإدارة بالمؤشرات والنتائج وليس رزق اليوم باليوم).
وقال: عندما نكوّن لجنة عليا برئاسة رئيس الوزراء لإنجاح الموسم الصيفي مثلاً كم سيكون نصيب الوقت الذي يقضيه رئيس الوزراء في هذا الملف وهو يدير البلاد بمجموعة ملفات ذات أولوية مثل السلام ومعاش الناس والعلاقات الخارجية وبهذا الأسلوب تم تكرار نفس طريقة النظام البائد في تشكيل لجان برئاسة رئيس الجمهورية ومن هنا يكتب الفشل وتساءل قائلاً :
لماذا لجنة إزالة التمكين الآن تعمل ليل نهار وتحقق نتائج.
أين إدارات وزارة الزراعة وهناك إدارة للتخطيط أين إدارات المشاريع الزراعية وماذا تعمل .
التباكي
وزاد: للأسف مازلنا في الأمر الزراعي نتباكى ونتحدث عن أرقام منذ الحكم الثنائي مثل المساحة الصالحة للزراعة ٢٠٠ مليون فدان المستغل منها ٤٠٪ وإنتاجية الفدان.. و..
وحول القطاع المطري ذكر: القطاع المطري يعتمد على معدلات الأمطار، غداً إذا قلت معدلات الأمطار سوف نجعلها شماعة نعلق عليها كل فشلنا الإداري والفني واللوجستي وإذا كانت معدلات الأمطار عالية لا نتتبه لكيفية زيادة الإنتاجية سوف نقبل بالواقع.
ولكن الإدارة بالمؤشرات تجعلنا نحلل أن الموسم السابق كانت المعدلات كذا والإنتاجية كذا وهذا الموسم المعدلات كذا والإنتاجية كذا، ومن هنا تأتي لماذا هذه النتائج، وكيف نحسن ونطور وأين مواضع الخلل ومواطن التطوير هكذا يدار الأمر الزراعي .
أزمة ري
فيما كشف أحد المزارعين لـ(الصيحة) واقع مشروع الجزيرة الآن، وقال سفيان الباشا مزارع بمكتب شندي قسم الهدى، إن المشروع يعيش هذه الأيام أزمة ري لم يشهدها من قبل، مبيناً في حديثه لي بأن التدهور الذي اعترى قنوات الري كان بسبب عدم الاهتمام منذ بداية الموسم حيث غابت الصيانة الدورية المعروفة بأعمال الصيف، ولم تقم إدارة الري بعمل في هذا المجال مما انعكس سلبا على المؤسم الصيفي الحالي.
ونواصل
في الجزء الثاني من التحقيق
مزارعون: الموسم الزراعي سيذهب أدراج الرياح
نطالب نائب رئيس المجلس السيادي بتوفير قوة من قوات الدعم السريع لحراسة القناطر
لا وجيع له واللجنة العليا في بيات شتوي

Exit mobile version