جَائحَة وَزيرين..!!

:: لعلّكم تذكرون، في ديسمبر العام 2019، عَرَضَ وزير المالية إبراهيم البدوي بعض مَلامح مُوازنة العام (2020)، وكان قد وَعَدَ بمَجّانية التعليم الأساسي مع توفير الوجبة المدرسية (مَجّانَاً)، ثُمّ وَعَدَ بمَجّانية العلاج في المشافي العامّة .. و.. و.. و.. الكثير من (أحلام اليقظة)، وَعَدَ بها وزير المالية، الناس قبل إجازة المُوازنة التي لم تُجز حتى الآن، أي نصف عام ومُؤسّسات الدولة بلا خارطة طريق مُسمّاة بالمُوازنة، وهذا ما لم يحدث في تاريخ الدُّول والحكومات..!!
:: البدوي لا يختلف عن الذين سبقوه، إذ كانوا – مثله – يقولون ما لا يفعلون، وعلى سبيل المثال شعار (مَجّانية العلاج).. كما كانت هذه المَجّانية وَهَمَاً قبل الثورة، فلا تزال وَهَمَاً بعدها.. والمُؤسف أنّ حال العلاج تحت ظل سياسات وزيري المالية والصّحة أسوأ عَمّا كان عليه قبل سياساتهما.. نَاهِيكُم عن الحُلُم المُسمّى بالعلاج المَجّاني، بل حتى العلاج بكل أموال الدنيا صَارَ (حُلُماً آخر)..!!
:: فالتِّجوال بالمريض – من مُستشفى إلى آخر – حتى الموت صَارَ طبيعياً مثل الموت بـ”كورونا”.. ومن مَاتوا أمام المشافي – وفي عربات الإسعاف – أضعاف من ماتوا بـ”كورونا”، ولا يرصدهم أحدٌ كما يرصد وزير الصحة ضحايا “كورونا” بِحِرْصٍ.. عفواً، ربما يظن وزير الصحة بأنّ الموت بغير “كورونا” حياة.. المشافي – العامّة والخاصّة – لا تستقبل المَرضى ولو كانوا في حالات طارئة، وهذا بعض حصاد سياسات وزير الصَّحة، هذا لو جَازَ وصف العشوائيات – والقرارات الارتجالية – بالسِّياسات..!!
:: ولو وَجَدَ المريض سعيد الحظ طبيباً بالصُّدفة – أو بالواسطة – فإنّ إيجاد الأدوية (حُلُمٌ آخر).. أرفف الصيدليات خلت من الأدوية، وتكاد لا تصلح إلا لتربية الحمام، وذلك بعد أن عَجزَ وزير المالية عن توفير ميزانية الأدوية للشركات والمصانع، وبعد أن فَشَلَ وزير الصَّحة في وضع تَسعيرة تُرضي كل الأطراف بما فيها المريض.. والفجوة الدوائية التي تشهدها البلاد حالياً ليست مُفاجئة..!!
:: فالوزير البدوي يعلم، وكذلك الوزير أكرم، منذ فبراير يُحذِّر الأطباء والصيادلة عمّا أسموها بفجوةٍ دوائيةٍ كبيرةٍ ونُدرةٍ في العقاقير، ثُمّ حذّروا من ارتفاع في أسعار الأدوية قد تتجاوز نسبته (100%)، ووصفوا المَوقف الدوائي في البلاد بأنّه (سَيئٌ).. وتجاوز الارتفاع تلك النسبة، واتّسعت الفجوة لحدّ العَدَم.. ولم تكن لهذه التحذيرات – موثّقة في إرشيف الصحف – علاقة بجائحة “كورونا”، بل كانت – ولا تزال – تحذيراتهم ذات صلةٍ مُباشرة بميزانية وتسعيرة الدواء..!!
:: لقد عَجزَ الوزير إبراهيم البدوي عن توفير الدولار لشركات الاستيراد والمصانع الوطنية، ومع ذلك يُلزم الوزير أكرم التوم، الشركات والمصانع، الاستيراد والإنتاج والبيع بالسعر الرسمي للدولار، فتحجم الشركات عن الاستيراد، والمصانع عن الإنتاج، ليدفع المُواطن الثمن (مَوتَاً).. هكذا صحة الناس في بلادنا، تنتظر الهلاك بين مَطرقة إبراهيم البدوي وسندان أكرم التوم، ومجلس الوزراء (لا يُبالي)، والمجلس السيادي (تشريفيٌّ)..!!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى