حظر التجوال.. أزمات تهدد التنفيذ

 

الخرطوم: أم بلة النور

الأزمات التي يعيشها الشعب السوداني منذ أاكثر من ثلاث سنوات والتي قادت الى ثورة شعبية انتهت بإسقاط الإنقاذ تفاقمت هذه الأيام بصورة مخيفة رغم التغيير الذي طرأ على الساحة السياسية،  وعند دخول جائحة كورونا البلاد زادت قائمة هموم الشعب هماً جديدًا، ويعيش النظام الصحي تدهورًا مريعًا ووضعاً اقتصادياً أكثر هشاشة،  لتعلن الحكومة حظر التجوال الشامل داخل ولاية الخرطوم،  وسط قضايا تهدد حظر التجوال المفروض قضايا شح الغاز والخبز وغلاء السلع الأساسية من دقيق وسكر..

فهل يلتزم الناس بقانون حظر التجوال أم يقودهم الجوع إلى كسره والخروج للشارع بحثاً عن الحياة رغم كابوس كورونا؟

 

الخبز

من أكثر الأزمات التي تهدد كسر حظر التجوال الشامل سلعة الخبز التي ظلت تؤرق المواطنين على مر الشهور الماضية، حيث أصبح المواطن يستيقظ منذ الثانية صباحاً ليتبوأ مركزاً متقدماً في صفوف الخبز ليظفر بما لا يزيد عن 30 قطعة خبز بعد كل تلك المعاناة والسهر،  وبعد صراع طويل وضعت الجهات المسئولة حزمة من الحلول لتخفيف حدة الأزمة في هذه السلعة،  لتعمل على سحب كافة الرخص والتواكيل من وكلاء الدقيق المدعوم،  كما يعمل البعض على تهريبه خارج السودان عبر حدوده المفتوحة،  لتنتقل تلك الجهات إلى رفع سعر الخبز من جنيه الى جنيهين بعد أن لوح أصحاب المخابز بالإضراب عن العمل بحجة عدم تغطية تكاليف الإنتاج والتي ارتفعت للضعف بعد أن ظلوا أيضاً يعانون من ندرة الغاز وانقطاع التيار الكهربائي وانعدام الوقود، إلا أن كافة الحزم التي طرحت من قبل وزارة الصناعة والتجارة لم تفلح في القضاء على صفوف الخبز الممتدة منذ الثانية صباحًا وحتى دخول ساعات الحظر المضروبة سابقاً عند السادسة مساء، وقد يعود المواطن بخفي حنين دون أن يحصل على قطعة واحدة من الخبز، الأمر الذي قد يجعله أمرًا واقعًا لكسر حظر التجوال الشامل المقرر له السبت المقبل .

الغاز أزمة عالقة

من السلع الاستراتيجية والتي يعتمد عليها المواطن أيضاً في حياته اليومية غاز الطهو والذي أصبح في أزمة عالقة منذ أكثر من ثلاثة أشهر ويقف لها المواطن ساعات طويلة  من الليل والنهار، حيث لجأ العديد من أصحاب المحلات إلى بيعها في السوق السوداء، ليصل ثمن الاسطوانه إلى أكثر من 500 جنيه، ولا تتوفر إلا عبر معارف أو واسطات، ويرى الخبراء أن هذا السبب كافٍ لكسر حظر التجوال الشامل.

قطوعات الكهرباء

من المسائل التي قد  تقلق مواطني الخرطوم وتدفعهم للخروج من البيوت قطوعات الكهرباء المتكررة التي لم تجد حلًا من إدارة الكهرباء بالولاية حتى الآن..

معادلة صعبة

فيما يرى المواطن هشام محمد أن المعادلة صعبة في ظل عدم وجود رعاية صحية فضلًا عن فشل الحكومة في توفير المتطلبات الأساسية للبقاء بالمنزل من السلع الأساسية،  حتى تكون في متناول يد المواطن خلال فترة حظر التجوال الشامل  وأضاف: نحن لا نريد سلعاً مجانية على الجهاز التنفيذي توفيرها قبل يوم السبت، لأن الشعب السوداني يواجه الموت المباشر في حالة خروجه من المنزل والموت البطيء في حالة بقائه بالمنزل دون أن تتوفر له متطلباته الرئيسية.

هجمة شرسة

وأرجع الخبير الاقتصادي ورئيس اللجنة الاقتصادية بجمعية حماية المستهلك دكتور حسين القوني الهجمة الشرسة على المواد الاستهلاكية نتيجة لعدم وجود الاطمئنان لدى المواطن الذي ظل يخشى فرض حظر تجوال شامل، وأضاف أن تلك الهجمة سوف تؤثر على المخزون الاستراتيجي للسلع، وتنبأ بوقوع نقص في السلع حتى انجلاء الأزمة،  ويعود ذلك النقص إلى أن التجار بطبيعتهم يعملون على جدولة السلع المحلية والمستوردة لذلك سوف يكون هناك نقص مؤقت، وشدد على ضرورة تشجيع الجمعيات التعاونية والاستهلاكية بالأحياء وأماكن العمل والاهتمام بالمشاريع الإنتاجية والزراعية حول العاصمة لتخفض تكاليف السلع كما شدد على ضرورة إقامة مواقع للبيع المخفض حتى تكون في متناول اليد خلال هذه الأزمة .

انفلات أمني

وحول إمكانية صمود المواطن خلال فترة الحظر الشامل للتجوال يرى الخبير الاستراتيجي اللواء إبراهيم شاشوق، أن فترة الحظر تعتبر طويلة جدًا مقارنة بمستوى دخل الفرد الذي يعد أقل من المستوي العام،  وأن الخرطوم والتي تضم أكثر من 12 مليون نسمة معظم سكانها يعملون في الأعمال الحرة والهامشيةـ ولا يستطيعون الصمود أمام ذلك الحظر طويل الأجل والذي قد يقود إلى انفلات أمني مستشهدا بالمثل الذي يقول (الجوع كافر)، ويري أن الإجراءات التي اتبعت لتخفيف العبء على الفقراء غير مجدية، لأن الجهاز التنفيذي ليس لديه المعلومات الكافية بعدد الفقراء والمتعففين وأصحاب المهن الهامشية،  كما يرى عدم وجود مخزون استراتيجي لكافة السلع الاستهلاكية لعدم قدرة الحكومة على تفكيك النظام السابق،  إلى جانب عدم توفر العملات الأجنبية للاستيراد لتأتي جائحة كورونا لتعمل على خفض العمليات الإنتاجية داخل وخارج السودان واحتفاظ الدول بإنتاجها لمجابهة الفايروس،  كل تلك المؤشرات توحي بتخطي حاجز الحظر.

ويرى شاشوق أن على الحكومة تخفيف الفترة الزمنية للحظر حتى يتمكن صاحب كل مهنة من مزاولة نشاطه،  كما عليها زيادة عمليات الرقابة على السلع الاستهلاكية وتوجيه كافة الدعم خلال هذه الفترة للشرائح الفقيرة عبر منافذ الزكاة بالمحليات والأحياء،  ونبه شاشوق إلى ضرورة أن يقف الصندوق القومي للمعاشات والضمان الاجتماعي مع المواطنين في هذه الأزمة والذي لم يكن له أي دور خلال السنوات الماضية سواء للمعاشيين أو المشتركين، واعتبر أن سرطان الأزمات قد (دخل العظم).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى