الدعم النقدي.. متاريس أمام الفقراء

 

 تقرير: رشا التوم

لا حديث هذه الأيام في مجالس المدينة سوى جائحة كورونا والتي خلفت ركوداً كبيراً في العمل التجاري ونشاط العمال في القطاعين العام والخاص وتأثر بها السودان كافة وبالتزامن مع الاحترازات الصحية بتقليل أعداد المواطنين ومنع التكدس في أماكن العمل، هناك شرائح كثيرة في المجتمع سوف تقع عليها أعباء مالية تترتب على بقائهم في الحجر المنزلي والتخلي عن أنشطتهم التجارية في الأسواق والمقاهي  وغيرها مما حدا بوزير المالية د. ابراهيم البدوي الإعلان عن استعدادهم  لتقديم دعمٍ نقدي مباشر للمواطنين خلال فترة حظر التجوال الشامل التي اقترحها وزير الصحّة والتي حددت بأسبوعين، وأوضح أنّ الرواتب ستكون مستمرّة للموظفين في الخدمة المدنية والقطاع الخاص وأنّهم يخصصون مبالغ مالية للقطاع غير المنظمّ مثل بائعات الشاي والأطعمة والأعمال الهامشية وتم وضع  210 مليون جنيه لهذا الغرض وحصر  بائعات الشاي اللائي يصل عددهن الى”36″ ألف سيّدة في العاصمة وحدها، واعتمد أنّ يدفع لهن”6″ آلاف جنيه لهذا الشهر لكنّها ستنقص لإدخال مهن هامشية أخرى. ولفت البدوي إلى أنّ المالية تتجه للتوافق على ترشيد دعم الوقود الذي سيوفر”250″ مليارًا للاستفادة منها في خطط الوزارة لتقديم السلع التموينية الأساسية خلال أيام الحظر  وتعتبر خطوة جيدة ولكن المحك الرئيسي يبقي في  التنفيذ على أرض الواقع

وقال المديرالعام لوكالة تأمين وتمويل الصادرات د. أحمد بابكر إن الفكرة تعد جيده للغاية، ولكن في الوقت نفسه ليست عملية وتساءل عن الكيفية التي سوف يتم بها حصر الأسر المستهدفة بتقديم الدعم النقدي المباشر؟ وأكد أن المسألة ليست حصرية على شريحة بائعات الشاي، وهناك مهن أخرى منها بائعات الكسرة وغيرها مبيناً أن المسألة ارتبطت بجائحة كورونا والأسباب الصحية المعروفة ولكن الوزارة تفتقر لآليات التنفيذ ولفت إلى إن البطاقة التموينية كان لها ان تنظم  تقديم خدمات كثيرة جداً ولكن الأمر يتطلب أن تنزل هذه المسائل إلى المجتمع عبر قواعد تحتية والتنفيذ هي المعضلة الرئيسية التي سوف تواجه الوزارة.

*فيما يرى وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي عز الدين إبراهيم أن مشكلة تقديم الدعم النقدي المباشر للأسر  مشكلة إدارية ولوجستية وتساءل من هم هؤلاء الناس الذين يريد الوزيرتقديم الدعم لهم؟ وهل يتحدث عن العاصمة أم السودان؟ مشيرًا في حديثه “للصيحة” الى أن الوزير ذكر في مرات سابقة بأن مايفوق 65% من أهل السودان فقراء فكيف يستطيع توزيع الدعم لهم وما هي الطريقة لحصرهم لتحديد من هم الفقراء بما أن الموازنة تواجه عجزاً يقدر بـ150 مليار جنيه.

وأكد بأن الوزير تحدث عن استخدام أموال دعم الوقود لتوزع في شكل إعانات سلعية للمواطنين، فكم تبلغ تكلفة الدعم الحقيقية؟  فإذا كانت هناك أسرة لا يتجاوز عدد أفرادها الخمسة فهي تحتاج الى مبلغ 2500 جنيه في الشهر فهل تكفي فعلياً، مبيناً أن وزير المالية يتحدث عن تقديم مليارات وهو لا يملك القدرة على الوفاء بها وأوضح أن رفع الدعم لا يحل المشكلة في نقص الجازولين وهي مسألة ذات شقين  وأيضًا لن تعمل على حل مسألة الدولار والذي لا مناص من توفيره مقابل الجنيه السوداني، وقطع بأن وزير المالية لا يفكر في الإشكاليات الإدارية فهو يتبرع بتوفير التعليم  ووجبات التلاميذ مجاناً ولا يملك الأموال المطلوبة ويعتقد بأن السودان كله مثل العاصمة ووصف الوزير بأنه رجل باحث وأكاديمي ممتاز، ولكن تنقصه القدرة العملية، فإذا منعت الحكومة التجوال لفترة 15 يوماً فهل يمكن أن توزع الأموال خلال الفترة المعنية؟ وهل تمتلك الشرائح المستهدفة حسابات في البنوك لاستلام الأموال في مواقيتها؟ مشيراً الى أن الوزير لا يفوت أي فرصة للحديث عن رفع الدعم ويتخذه ذريعة مع العلم بأن حجم الدعم غير معلوم بصورة رسمية فالحكومة تدعم الحكومة خاصة وأن 30% من السيارات في الشارع العام حكومية بجانب سيارات الأمن والشرطة والجيش تعمل بالوقود المدعوم بالإضافة الى الكهرباء المدعومة، مبيناً أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من نقطة معرفة كم يبلغ حجم الدعم الحكومي، ولفت إلى أن الأمر غير منطقي بما أن الفقراء عددهم غير محصور وتساءل عن أين هو الجهاز الإداري المسؤول عن أداء هذا العمل خلال 15 يومًا فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى