Site icon صحيفة الصيحة

إغلاق الخرطوم.. مخاوف على المعاش!!

 

الخرطوم- جمعة عبد الله

ألقت تدابير الحكومة بإغلاق الأسواق عصراً، بثقلها على البيع والشراء، وانعكست سلباً على حركة التجارة ومبيعات السلع التي شهدت تراجعاً ملحوظاً، كما تراجعت القوة الشرائية لأدنى مستوياتها، فيما سادت تخوفات من تعميق أزمة الأسواق حال إغلاق الخرطوم كلياً، ضمن الإجراءات الوقائية من جائحة كورونا.

ولا تزال خطوات الحكومة بتطمين المواطن بتوافر السلع لشهر رمضان، “بطيئة”، عدا الإعلان عن طرح سكر بجوالات صغيرة بأسعار مخفضة.

ومنذ خواتيم الشهر المنصرم، تشهد الأسواق، أوضاعاً غير مُستقرّة، تمثلت في تواصل اضطراب الأسواق، فيما أغلق عدد من المحال التجارية باستثناء السلع الاستهلاكية والغذائية أبوابها بسبب قلة المُرتادين وعدم وجود قوة شرائية.

وكشفت جولة لـ”الصيحة” بعدد من أسواق الولاية، عن قلة مُرتادي الأسواق خلاف المُستلزمات الاستهلاكية مع تبايُن في الأسعار، حيث شهد عدد من السلع زيادات جديدة في السعر مثل السُّكّر والزيوت، ولا تزال السلع متوفرة بالأسواق والمتاجر، وإن سادت مخاوف من حدوث نُدرة وشُح في بعض السلع حال استمرار الاحتجاجات أو زيادة حدتها في الأيام المقبلة.

الأمين العام للغرفة التجارية حسن عيسى قال لـ”الصيحة” إن تأثر الأسواق بالإجراءات الأخيرة “طبيعيٌّ ومُتوقّعٌ”، عطفاً على أسباب أخرى من الركود الاقتصاد العام، وتدني القوة الشرائية بتراجع قيمة العملة الوطنية وما تلاها من ارتفاع أسعار السلع، وأضاف عيسى أن إغلاق السلطات للولاية كلياً، سيلقي بآثار سالبة على الأسواق، مُوضِّحاً أن هذه الخطوة تستلزم اتخاذ تدابير مصاحبة لضمان توفير السلع الاستهلاكية للمواطنين، لافتاً إلى أن معضلة الأسواق خلال الفترة الماضية لا تزال ماثلة، وهي على حد تعبيره “مشكلات كبيرة ومُخالفات السلع الأساسية” مثل ارتفاع تكاليف النقل التي قد تفوق سعر السلعة نفسها، ومخالفات في أسعار الدقيق والزيوت وغيره، وقال إن هذه ثغرة ينبغي سدها ومعالجة وصول السلع للمستهلك بمراقبة من السلطات خاصة على التسعيرة، وأشار عيسى لضرورة اتّخاذ تدابير تضمن وصول السِّلع للمُواطن، موضحاً أن ذلك يواجه عقبة انخفاض قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية ووضع البلاد الاقتصادي البائن، مَا يجعل أسعار السلع غالية قياساً بدخل المُواطنين، وعن توافر السلع، قال إنها “ليست مشكلة” لكن المشكلة تتمثل في القدرة على الشراء، وأبدى أمله في انصلاح الحال.

صاحب محل الإجمالي بالخرطوم عبد الباقي الشيخ حسين، قال إن ركود السوق موجود حتى قبل إغلاق الولاية كلياً، مُشيراً إلى أنّ ما سيحدث بعدها هو “الركود التام”، موضحاً أن غلاء السلع يتصدر هذه الأسباب، بإضافة إلى الوضع المعيشي الذي يُواجهه أغلبية المستهلكين، مُشيراً إلى أن غالب المتوافدين على الشراء يبتغون السلع الأساسية التي تنحصر في السكر والدقيق والزيوت والشاي وبعض الأغراض المنزلية اليومية.

وبعيداً عن إغلاق الأسواق، ومخاوف فرض حظر التجوال الشامل وإغلاق الولايات وأثر ذلك على الأسواق والحركة التجارية، تشهد البلاد منذ عدة أشهر، أزمة اقتصادية واضحة، تمثلت أبرز انعكاساتها في تراجع قيمة العملة المحلية وارتفاع التضخم وارتفاع الأسعار الذي شمل كل السلع دون استثناء بنسب تتباين بين “50 إلى 100%”، مع أزمة وقود قلّلت من معدلات توزيع البضائع، وارتفعت تبعاً لذلك تكاليف النقل لارتفاع أسعار الوقود التجاري، مما أدى لإرغام المُواطنين على حصر احتياجاتهم في خيارات أقل تشمل السلع الأساسية أولاً.

وتخوف أحد التجار فضّل حجب هويته من مستقبل قاتم للأسواق حال فرض قرار بإغلاق الولاية كلياً تحسباً لـ”كورونا”، وقال إن الإغلاق الجزئي حالياً أدى لتبعات قاسية على الحركة التجارية وبعضها دخل في خسائر، مع صُعوبة نقل البضائع بين المخازن والمتاجر، مُشيراً إلى أن أزمة الوقود لها دورٌ في زيادة تكاليف النقل الداخلي، كما تزيد من تكاليف الترحيل من مواقع الإنتاج حتى الأسواق، قاطعاً بأنّ العقبات التي تواجهها الأسواق لا تقتصر فقط على تدابير “كورونا”، بقدر ما تتعلّق بأسباب اقتصادية في المقام الأول.

ودعت الخبيرة الاقتصادية د. إيناس إبراهيم للمواءمة بين الاحترازات الصحية، وضمان توافر معاش المواطن، وحذرت من خطورة تجاهل الوضع الاقتصادي الحالي، وقالت لـ”الصيحة”، ان الحكومة مطالبة أكثر من أيِّ وقتٍ مضى، بإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية تُشكِّل أرضية لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن وتجنب انفلات الأوضاع في حال استمرار الأزمة هكذا دون حلول جذرية، وأضافت أن البيئة الاقتصادية الحالية لا تساعد على تحقيق أدنى طموحات المواطنين، ودعت لأن تشمل الإصلاحات المقترحة، التركيز على المشروعات الإنتاجية خاصة الزراعة وما يتصل بها من الصناعات التحويلية ورفع حجم الصادرات وتذليل العقبات الحكومية أمام المُنتجين والتي قالت إنها تتمثل في تعدد الرسوم والجبايات، لحدّ أخرج الكثيرين من دائرة الإنتاج لصعوبة العمل في ظل أوضاع غير محفزة للإنتاج وكثيراً ما يَتَكَبّدون الخسائر.

 

Exit mobile version