(الصيحة) توثِّق حكاية أصغر هدّاف للدوري الممتاز (٣)

ريشموند.. المعاناة تولد الإبداع

 

الخرطوم: ناصر بابكر

لم يكن أكثر المتفائلين في الخرطوم الوطني يتوقع أن ينجح المهاجم صغير السن عديم التجربة الذي تعاقدوا معه في أكتوبر من العام ٢٠١٨ في أن يتوج هدافًا للممتاز من خلال موسمه الأول والأخير مع النادي ليصبح أصغر هداف في تاريخ كبرى المسابقات الكروية السودانية، الأمر الذي فتح أبواب المريخ على مصراعيها للمهاجم الغاني ليحقق الخطوة الأولى نحو تحقيق حلمه باللعب لأكبر أندية القارة وصولاً للحلم الأكبر وهو ملاعب القارة العجوز..

(الصيحة) التقطت القفاز وجلست لساعات إلى ريشموند انتوي لتوثق لحكايته منذ لحظة الميلاد حتى يومنا هذا الذي يترقب فيه المهاجم ذو العشرين ربيعاً زوال الوباء العالمي، وعودة الحياة لطبيعتها ليعود لممارسة هوايته في مغازلة شباك المنافسين واستكمال رحلة التألق مع المريخ..

فإليكم الحلقة الثالثة من قصة أصغر هداف في مسيرة الممتاز:

تمهيد

تعرفنا في الحلقة الثانية من قصة ريشموند على تفاصيل لقائه الأول مع مكتشف موهبته برنس أوسو والدور الذي لعبه الأخير في رعايته وتطوير قدراته  قبل أن تلعب الأقدار دورًا مهماً في نقل ريشموند للخرطوم الوطني بطلب من مدرب الفريق وقتها برنس أوسو.

 

المجد والمخاوف

لم يكن قرار الموافقة على اللعب في الدوري السوداني والانضمام لنادي الخرطوم الوطني سهلاً بالنسبة لشاب على مشارف الثمانية عشر عاماً وتنقصه التجربة، بيد أنه لم يكن صعباً كذلك لمن يمثل احتراف كرة القدم حلماً بالنسبة له وهدفاً ظل يعمل على تحقيقه.. عن خطوته تلك وبداية رحلته الاحترافية خارج غانا يقول ريشموند: شعرت بالخوف والرهبة حينما أخبرني أوسو برغبة نادٍ سوداني في التعاقد معي، فأنا ما زلت صغيراً ولم يسبق لي اللعب في دوري منتظم حتى لو كان في القسم الثالث وتجربتي مع تيما يوث الغاني كما ذكرت لم تتعد ثلاثة أشهر، ولم ألعب خلالها سوى مباراتين فقط، ويواصل: بالنسبة لي كنت كمن يستعد للذهاب إلى طريق مجهول لكن لم يكن أمامي خيار غير الموافقة لأنني ظللت أنتظر فرصة لأبدأ مسيرتي المهنية ولا  يمكن أن أفوّتها عندما سنحت لي،  ويضيف: صحيح أن العرض المالي كان ضعيفاً لكنني لم أكترث للأمر، ولم أفكر في المال لأنني أدرك أنني في بداية طريقي وينبغي أن أصنع لنفسي اسمًا أولاً وأثبت وجودي وأقدم نفسي للعالم، لذا فكرت فقط في التحدي الذي ينتظرني وكيفية اجتيازه وتحقيق النجاح في تجربتي الأولى، وهذا فقط ما كان يشغل بالي، حيث كنت أحتاج لهزيمة مخاوفي ولا أذيع سرًا أن قلت إن تواجد برنس أوسو كمدرب كان له دور كبير في تقليل مخاوفي وتزويدي بالثقة.

بيئة مختلفة ومشاكل عديدة

لم يجد ريشموند انتوي الطريق مفروشاً بالورود بعد وصوله الخرطوم بعد أن اصطدم ببيئة مختلفة وواجه مشاكل عدة، وعن تلك البدايات والأيام الصعبة والانطباع الأولي يحكي ريشموند: بدايتي في الخرطوم كانت صعبة للغاية حيث واجهتني الكثير من المشاكل حتى في أبسط التفاصيل التي لم تكن مهيأة مثل السكن في وقت كان راتبي فيه ضئيلاً وهو ٥٠٠ دولار فقط، أتذكر معاناتي في تلك الأيام وفي كثير من الأوقات كنت أتدبر أمري وأحل مشاكلي بنفسي، وأشكر الله الذي ساعدني كثيرًا على تخطي العديد من العقبات، وأضاف: وواحدة من الصعوبات التي واجهتني اختلاف العادات والتقاليد بين غانا والسودان حيث احتجت لبعض الوقت لتفهم ذاك الاختلاف والتأقلم مع البيئة الجديدة والمختلفة كلياً.. المجتمع منفتح في غانا ولكن هنا إذا تحدثت إلى فتاة أو جلست معها فتلك مشكلة .. حاولت أن أبقي تركيزي فقط على عملي وتجاوز كل العوامل التي يمكن أن تضعف تركيزي.

عمل دؤوب وهدف تحقق

لم يكن من السهل على ريشموند التغلب على المصاعب التي واجهته بل تطلب الأمر بذل الكثير من الجهد ليقدم موسماً متميزًا مع الخرطوم الوطني توجه بفوزه بلقب هداف الدوري ليصبح أصغر هداف في تاريخ بطولة الدوري الممتاز وعن ذلك يقول: في كل لحظة كنت أعاني خلالها وأواجه المشكلات كنت أتذكر أن هنالك هدفاً دفعني لترك أسرتي ومغادرة بلادي ويجب أن أسعى بكل السبل لتحقيقه لذا كنت اقصر تفكيري على ضرورة العمل بشكل مضنٍ في التدريبات والتركيز على أداء عملي بأفضل طريقة وتطوير قدراتي يوماً تلو الآخر حتى أثبت ذاتي وكنت دوماً أقول لنفسي (أستطيع القيام بذلك.. يمكنني أن أنجح) لأحفز نفسي وهو ما ساعدني على تقديم الإضافة في المباريات وتقديم المطلوب مني وتسجيل الأهداف وكان أمراً مميزاً للغاية بالنسبة لي وشعور رائع أن أتوج بلقب هداف الدوري في أول مواسمي وأول تجاربي الاحترافية رغم ما واجهته من صعوبات ومشاكل.

دوري عنيف وملاعب صلبة

يرى ريشموند أن أسلوب اللعب في السودان مختلف كلياً عما هو عليه في غانا وذات الأمر ينطبق على الملاعب حيث يقول بشأن انطباعاته عن الدوري السوداني بعد موسمه الأول: الدوري السوداني صعب للغاية وهو ما اكتشفته منذ أول تدريب مع الخرطوم الوطني وقبل حتى أن أخوض مباراتي الأولى وبعد بدء الموسم تأكدت أكثر من تلك الحقيقة، ويضيف: الكرة هنا بدنية بشكل كبير حيث تقوم على الجري والعنف مع نقص واضح في الجوانب التقنية، أسلوب لعب المدافعين العنيف يجعل المهمة صعبة على المهاجمين، لكنني في نهاية المطاف تأقلمت مع الدوري السوداني بفضل العمل الكبير في التدريبات وتوجيهات الجهاز الفني ومساعدة زملائي.. ويشير المهاجم الغاني الشاب لوجه آخر من أوجه المعاناة ويقول: واحدة من الأشياء الصعبة في الدوري السوداني أرضيات الملاعب، فنحن نلعب على أرضيات صلبة للغاية في ملاعب النجيل الصناعي تتسبب في آلام في الأقدام إلى جانب ملاعب غير مستوية وبها كثير من المطبات في ملاعب النجيل الطبيعي.

تشاهد غدًا

ما هي حكاية مشكلته مع الخرطوم التي وصلت للفيفا وما هي حقيقة عقده وما هي الوجهة التي كان في طريقه إليها قبل أن يصله عرض المريخ وكيف قضى أيامه الأولى وهو بعيد عن المشاركة في المباريات الرسمية؟

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى