الخبز والوقود.. معاناة بلا حدود

 

الخرطوم: جمعة عبد الله

ورثت الحكومة الانتقالية تركة ثقيلة بوضع اقتصادي مأزوم، وأوضاع معيشية تتزايد صعوبة يوماً بعد يوم، وشكلت قضيتا الخبز والوقود ملمحاً أساسياً من ملامح الأزمة وما أن تخبو قليلاً حتى تعاود الظهور، ورغم إعلان الحكومة عدة ضوابط وسياسات جديدة ما تزال صفوف الخبز والوقود على حالها دون معالجة جذرية، وشكل تهريب الدقيق أكبر المشكلات التي أدت لتزايد أزمة الخبز، وحسب مسؤولين بالوزارة، تصل نسبة الدقيق المهرب لنحو 25% وهو ما يعادل 25 ألف جوال يومياً، أما الوقود فيشكل النقد الأجنبي اللازم للاستيراد أكبر العقبات في طريق الحل.

في الخبز، أكد وكيل وزارة الصناعة والتجارة، محمد علي عبد الله تنفيذ آليات للضبط توزيع الدقيق، وقال إن أي وكيل يفشل في توزيع الحصة الموزعة له سيتم تغييره وتعيين وكلاء مختصين لتوزيع الدقيق وأي متلاعب يتبث تورطه سواء أكان وكيلاً أو صاحب مخبز ينفذ فيه قانون حماية المستهلك الذي تصل عقوبته إلى خمس سنوات.

وقال الوكيل لـ “الصيحة” إن الموسم الحالي شهد زراعة 550 ألف فدان بالقمح، موضحاً أن التوقعات تشير لتحقيق إنتاجية عالية، وزاد: هذا الإنتاج سيساعد بلا شك في تحسين موقف الدقيق بما يقلل من حدة أزمة الخبز مع تأمين متبقي حاجة الاستهلاك عبر الاستيراد.

وقال الوكيل، إن الاستيراد أيضًا معرض لحدوث بعض التأخير والعقبات مثل عدم البواخر الحاملة للشحنات في مواعيدها أو تأثرها بالإجراءات التي اعقبت تفشي وباء كورونا بمختلف الدول، وهدد بتغيير أي وكيل يفشل في توزيع حصص الدقيق المدعوم وأن أي متلاعب سيتم ردعه بالقانون القومي للمستهلك.

وعن مقترحات حل الأزمة، يرى الوكيل أن هناك اتجاهاً لتخصيص مخابز متخصصة للخبز التجاري يوزع إنتاجها على المطاعم والكفتريات ومن يرغب من المواطنين، مع استمرار المخابز التي تعمل بالدقيق المدعوم للمواطنين، وعمل مخابز ذات إنتاجية عالية توزع بين المحليات والوحدات الإدارية، لافتاً الى أن إنفاذ هذه المعالجات كافٍ لوضع حد للصفوف أمام المخابز.

وأقر كمال حماد ـ عامل بأحد المخابز ـ بأن الدقيق يصل الى المخبز ويتم خبز 15 جوالاً وفي اليوم التالي لا يجدون بقية الحصص، وزاد: ولا ندري أين ذهبت، مشيرًا إلى وجود أشخاص لديهم حصص دقيق ولا يملكون مخابز، مؤكداً أن الوزن في بعض المخابز لا يتجاوز 30 جراماً داعياً الدولة لجلب مخابز كبيرة كما يحدث في العواصم الأخرى بدلًا عن المخابز التقليدية الموجودة الأن.

أما الوقود، فما تزال صفوف السيارات أمام محطات الخدمة هي العنوان الأبرز، ورغم إعلان وزارة الطاقة والتعدين إنفراجاً نسبياً في الإمداد إلا أن الأزمة عاودت الظهور كما في السابق، وهو ما تجلى أكثر في قطاع النقل البري، حيث شرعت غرفة السفريات في رفع أسعار التذاكر بنسبة 60% حيث أشارت الغرفة أن الوقود هو أحد أسباب رفع التعرفة.

وحاولت “الصيحة” أمس، استنطاق مدير إدارة الإمداد بوزارة الطاقة والتعدين، جمال حسن، حول الأمر إلا أنه اعتذر عن الحديث بحجة  أنه مشغول.

وتتمثل إحدى أهم مشكلات البلاد في نقص الوقود في التزايد السنوي لمعدل الاستهلاك وفقاً لعوامل موضوعية مع تناقص الإنتاج أو بقائه على معدل ثابت لعدة سنوات، وهو ما يتجلى بالفعل في قطاع المشتقات النفطية، حيث أثر نقص الوقود المنتج في مصافي التكرير في مشكلات،

ويرى نائب رئيس غرفة النقل والمواصلات السابق، حامد إبراهيم، ان معدلات الاستهلاك تتزايد عاماً بعد آخر كما تتزايد بنفس القدر فاتورة الاستيراد لان العملة المحلية غير ثابتة وتراجع سنوياً ما يضاعف تكلفة سد الفجوة خاصة مع الظروف الضاغطة التي تمر بها البلاد، كما أشار إلى وجود صعوبة في تطبيق ضوابط التزود بالوقود الجديدة وشكوك حول قدرتها وفعاليتها في الحد من التهريب، صعوبة تنفيذ هذه الضوابط قبل وضع وتحديد الآلية التي ستطبق عبرها، وتساءل عن كيفية منع المركبات من التزود من الوقود من محطات مختلفة، موضحاً أن المركبة يمكن أن تفرغ حصتها في السوق الأسود من الوقود دون استهلاكها ثم الذهاب لمحطة أخرى للتزود من جديد، وطالب باستثناء مركبات النقل العام من الوقود التجاري، أو تخصيص محطات معينة لوسائل المواصلات العاملة بحيث تتزود بحصة محددة يومياً يتم التأكد من استهلاكلها عبر مراقبين بمواقف المواصلات والتأكد من شحن المركبة لوجهتها المعلنة ذهاباً كما يتم رصدها في محطتها النهائية للتأكد من وصولها.

ولم تقتصر الأزمة على العاصمة حيث تزايد الشكاوى بالولايات من أزمة الوقود، حيث كشف مواطنون بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، من تمدد ظاهرة تهريب الوقود وبيعه خارج محطات الخدمة، مشيرين لعدم جدوى نظام الكروت القائم حالياً في الولاية، ووصفوه بأنه امتداد للجبايات في عهد النظام السابق.

وأبلغ مواطنون بالفاشر تحدثوا لـ”الصيحة”، أن جالون البنزين بالسوق السوداء وصل إلى 650 جنيها، رغم شرائه من محطات الوقود بسعر 40 جنيهاً، وقالوا إن حكومة الولاية فرضت عليهم نظام البطاقات تستخرج بـ 350 جنيهاً وأخرى بـ 30 جنيهاً للمركبات الملاكي والتجاري لكل المركبات بالولاية، مشيرين لاكتشاف حالات بيع الوقود من المكلفين بضبط توزيع الوقود أنفسهم.

فيما قال سائق مركبة، إن حل أزمة الوقود ينبغي ألا يتم عبر ضوابط تؤثر على المواصلات العامة مثلما يحدث حاليًا، قاطعاً بأن عدداً من وسائل المواصلات العامة تعمل بمحركات بنزين وليس كلها بالجازولين، وكذلك سيارات الأجرة التي تمثل حلًا لبعض الحالات الحرجة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى