عقرب.. قصة ميدان مُحزنة

العشرينيات كانت بدايته لممارسة كرة القدم..وهولاء أبرز نجومه

 

 

المحلية أغرت الأندية بالدعم  المالي مقابل تحويله لسوق

البوشي: سنعيد كل الميادين التي تغوّل عليها النظام البائد

بحري: معتز عبد القيوم

تعرضت ملاعب وميادين كرة القدم وبعض الساحات الشعبية في ولاية الخرطوم فى عهد حكم الإنقاذ البائد لحملة من التغول الكبير ووضع اليد عليها من السلطات الحكومية، بحجة تحويلها إلى استادات، ولكن الحالة التي نحن بصددها – ميدان عقرب-فقد مر بعدد من التحولات في عهد الحكومة البائدة فتارة يتحول إلى نقطة لبيع المواشي، وأخرى إلى تجمع للقوات النظامية، وتارة إلى سوق كبير في الأعياد والمناسبات، وأحايين أخرى إلى معرض للسيارات (دلالة)، وأخيراً تحول إلى مجموعة من المحال التجارية والدكاكين المختصة ببيع اسبيرات وصيانة السيارات، ومصنع لإعادة صناعة الإطارات ومكوناتها.

(عقرب) اسم فقط

من اشهر الملاعب والميادين في ولاية الخرطوم ـ والخرطوم بحرى ميدان (عقرب) في مساحة تقدر بحوالي(8250) تقلصت فيما بعد لتصبح أقل من ذلك بكثير، وولد الميدان في العام 1921م بممارسة كرة القدم حيث يعتبر من أقدم الملاعب الترابية في منطقة الخرطوم بحري والعاصمة كلها، شأنه في ذلك شأن بعض الميادين التاريخية المماثلة  في أرجاء العاصمة المختلفة، والتي ظلت تؤدي دورها الاجتماعي والرياضي والثقافي، وظل ميدان (عقرب) حتى وقت قريب إبان حكم الإنقاذ البائد قبلة للكثيرين الذين يتابعون دوري الدرجة الثالثة بالخرطوم بحري، وكان ملتقى للرياضيين وظرفاء المدينة ونجوم المجتمع ويعتقد أهالي بحري أن للميدان الكثير من رواده وصفوته أن من لم يلعب بهذا الميدان لن يستطع النجاح كلاعب في كرة القدم.

وقد خرج من رحم ميدان (عقرب) عدد من لاعبي كرة القدم، والفنانين والسياسيين وشاغلي المناصب في القوات النظامية وغيرهم من رواد المجتمع في بحري عموماً، وامتد شأنهم إلى السودان عموماً، على رأسهم الزعيم إسماعيل الأزهري وقادة حزب الأمة والشيوعيون والوطني الاتحادي، وتحدث فيه عبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ، وتغنى فيه الفنان محمد وردي وعبد العزيز محمد داؤود ومحمد ميرغني وغيرهم، ليصبح ميدان (عقرب) الآن اسماً فقط بعيداً عن النشاط والحراك  الذى كان يقام فيه.

تاريخ نشأة ميدان (عقرب)

تعود التسمية الحقيقية للميدان إلى العام 1921م حينما طلب المفتش الإنجليزي (سمسم) إقامة مباراة بين فريقي (الشبان) وهو فريق يتبع للجيش الإنجليزي من الشبان السودانيين، وفريق زائر من مدينة (Scorpio) الإنجليزية والكلمة تعني بالانكليزية العقرب، حيث كان فريق (عقرب) في زيارة للبلاد وقام بأداء عدة مباريات خلالها وكان يسمى سابقاً بميدان أركويت، نسبة لانتشار أشجار المسكيت حول المنطقة، وكان يسمى أيضاً  حي (أبو تمانية) نسبة لأن متر الأرض فيه كان سعره بـ (8) قروش، ومن بعد سمي بالديوم.

 

موقع ميدان (عقرب)

يقع ميدان (عقرب) شرق شارع المعونة الذي يقع إلى الغرب منه مباشرة، وشرقاً نجد شارع (الضبطية)، ثم من الجنوب منه (قشلاق) البوليس، وشمالاً نجد مباني متاخمة لسوق (سعد قشره) الشهير، وبهذا الوصف الدقيق يقع ميدان (عقرب)في منطقة حيوية ونشطة في حي الديوم المشهور في قلب مدينة الخرطوم بحري.

مكب نفايات ودلالة سيارات

وبعد زوال حكم الإنقاذ التي حولت ميدان (عقرب) إلى سوق تجاري لبيع السيارات، والخردوات، وغيرها لم ينج من أن يكون مكبًا للنفايات، وتجمعاً للأوساخ التي امتدت على أطرافه، إلى جانب تحوله إلى سكن لزائري الليل، ونقطة تجمع لهم لممارسة بعض الأساليب غير المقبولة التي يشاهدها المارة حول الميدان، بينما توقف العمل فيه كاستاد لكرة القدم وتعرضت بعض ممتلكاته إلى السرقة، ونمت حوله بعض الأشجار التي شوهت من منظره وجعلته غير مناسب لأي شيء.

انتقاد الفكرة والتنفيذ

وفي ذلك الوقت كشف مدير إدارة الرياضة بالمجلس الأعلى للشباب د. محمد الحبو إبان توليه المنصب، أن عقد تحويل ميدان (عقرب) ببحري إلى أماكن تجارية تم توقيعه حيث وافقت وزارته على عرض تقدمت به محلية بحري لاستئجاره لمدة سنة ونصف، الشيء الذي وجد الرفض وعدم القبول من الأهالي في بحري، حيث كانت الفكرة تهدف إلى تحويل وبيع الميدان الذي يقع في وسط المنطقة كما ذكر، رغم وعود المحلية بإعادته للمواطنين خلال الفترة المحددة، الشيء الذي لم يحدث حتى الآن، كما انتقدت بعض أندية المحلية في اجتماع ضمها مع معتمد بحري اللواء ركن حسن محمد حسن معتمد محلية الخرطوم بحري آخر من تولى أمر المحلية قبل سقوط الإنقاذ الفكرة أصلاً، وطرح في الاجتماع تقديم دعم للأندية بالمحلية بمبالغ طائلة مقابل القبول بتحويل الميدان لصالح تجار سوق (سعد قشرة) كحل مؤقت, وذلك بعد أن اعتبرت الأندية الأمر حيلة من المعتمد والمحلية للاستيلاء على ميدان (عقرب)، وتواصل رفض الفكرة من الجميع، حيث كشف الخبير المدرب محمد حسن نقد تغول المجلس الأعلى للشباب والرياضة ومحلية بحري على ميدان (عقرب)، وقال إن الاستثمار في البشر أغلى وأقيم من تحويل الملاعب والميادين واستغلالها تجارياً، مشيراً إلى أن الميادين مفيدة جدًا للصغار والشباب وحتى الكبار الذين يمارسون الرياضة والمناشط الأخرى، حيث أنها تحفظهم وتقيهم من الأمراض وإدمان المخدرات وغيرها من أمراض المجتمع الحديثة.

فتح الملف وإزالة التغول

وفي لقاء لتجمع الرياضيين الذي أقيم قبل أيام بنادي التنس الأرضي في حضور وزير الشباب والرياضة ولاء البوشي، دار الحديث عن التغول على ملاعب وميادين كرة القدم، وذكر من بينها ميدان (عقرب)، حيث كشفت الوزيرة البوشي عن اهتمامها الكبير بإعادة الملاعب والميادين التي تغول عليها منتسبو الحكومة البائدة، ووضعوا أيديهم عليها وتحولت إلى مواقع تجارية وأسواق أو ملاعب ومتنزهات للأسر والأطفال، وحولت البوشي ملف ميدان (عقرب) للجنة إزالة التمكين ولجنة إزالة التغول على ميادين وملاعب كرة القدم والتي ستبدأ عملها فيه خلال الأيام القادمة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى