التقويم الدراسي الجديد.. الواقع والتحديات!!

 

تقرير- منال عبد الله

شِهدَ العام الدراسي الماضي بداية مُتعثِّرة وتعطيلاً مُتواصلاً بسبب الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية بالبلاد، وتماهت وزارة التربية والتعليم مع شعارات الطلاب في التظاهرات (لا تعليم في وضعٍ أليمٍ)، ولم يبدأ العام الدراسي في موعده كالمُعتاد، وكانت العقبات والعثرات عدة، ولا شك أنها أعاقت العملية التعليمية ومازالت بصدور قرار إغلاق المدارس والجامعات لمدة شهر بسبب المَخاوف من تفشي (كورونا)، لتصدر وزارة التربية والتعليم أمس الأول، قراراً ببداية ونهاية التقويم المدرسي الجديد للعام الدراسي (2020 – 2021) بجميع الولايات في سبتمبر المقبل، الأمر الذي استدعى (الصيحة) لوضع القرار تحت المجهر لكونه غير مَسبوقٍ من حيث فترة الإجازة الطويلة وظلال ذلك على التحصيل الأكاديمي للعام المُقبل والتأثيرات النفسية والاجتماعية بسبب الفراغ على الطلاب وأُسرهم.

قرا ر وتوجيه

اشتمل قرار وزارة التربية والتعليم الرسمي القاضي بتقويم جديد للمدارس يبدأ في سبتمبر المُقبل بجميع الولايات، ووفقاً للنسخة التي تَحَصّلت عليها (الصيحة)، يبدأ العام الدراسي في السادس من شهر سبتمبر من العام 2020م، على أن تبدأ العطلة في 18/12/2020م حتى 2/1/2021م.

وتضمّن القرار الوزاري، تَوجيهات وكيل وزارة التربية والتعليم الأستاذة تماضر الطريفي عوض الكريم، للوزارات الولائية بوضع القرار حيِّز التنفيذ، وأوضحت الوكيلة، أنه جاء عملاً بأحكام الوثيقة الدستورية الانتقالية لسنة 2019م وقانون تخطيط التعليم لسنة 2001م، وأكّدت أنّ القرار استند على قرار مجلس الوزراء رقم (76) لسنة 2019م، وبعد التشاوُر مع وزير التربية والتعليم، والولايات، واستطلاع نماذج آراء لأولياء الأمور.

واقع وتحديات

لم تكن البداية طبيعية للعام الدراسي الحالي بسبب الأوضاع الأمنية التي كانت سائدة بعد سقوط النظام البائد، وكذلك مُعوقات وكوارث فصل الخريف الفائت، فَضْلاً عن أنه على مُستوى ولاية الخرطوم تأجّلت بداية العام الدراسي مرّتين قبل انطلاقته المتعثرة، ولم ينتهِ العام الدراسي بعد، نسبةً لعدم جلوس طلاب مرحلتي الأساس والثانوي للامتحانات حتى الآن، جراء وباء “كورونا” الذي اجتاح العالم، ليأتي القرار الوزاري الأخير وقد استنفذت الوزارة في الأوقات السابقة كل الوسائل لينعم الطلاب بعامٍ دراسي مستقرٍ، الأمر الذي يجعل الوزارة أمام تحدٍ بالقرار ووضع تقويم دراسي جديد للعام 2020 -2021م وفقاً لواقع الحال في السنة الماضية.

الواقع الجُغرافي

قال أستاذ بشير محمد عبد الرحيم المعلم بالمعاش والخبير التربوي في حديثه لـ(الصيحة) حول القرار القاضي ببدأية العام الدراسي في سبتمر وتوحيده في جميع الولايات: إنه قديماً قيل (اعطي القوس لباريها)، فداهقنة التعليم ونطاسوه في السودان يجب الرجوع إليهم في مثل هذه القرارات، وأوضح أن القرار جهدٌ مقدرٌ يُثاب عليه فاعله بقصده الإصلاح، وللمجتهد أجران إن أصاب أو أخطأ، ولكنه نبّه إلى أنّه في سابق الأزمنة، أخذ التربويون في مَعيتهم خَارطة السُّودان وهم يُخطِّطون، مُدركين الظروف الجُغرافية والمناخية  والاجتماعية لكل منطقة، مبيناً أنّهم جعلوا من السودان ثلاث مناطق هي (أ – ب – ج)، فكانت القرارات مسنودة برأي تربوي خالصٍ في مقصده لا دخل  في الساسة فيه، فجاء التخطيط ُمتّسقاً مع طبيعة كل منطقة، ووصفه بشير بالمُعيب في بعض جوانبه.

قرار على المحك

وأشار أستاذ بشير عبد الرحيم إلى أنّ بعض الظروف قد تطرأ فتُؤثِّر على التقويم، مستشهداً في ذلك بما حَدَثَ أثناء الحراك الأخير من تعطيل للدراسة بسبب المناخ والجغرافيا وحركة الرُّحّل بالقياس على شرق السودان والنيل الأزرق وبعض مناطق الغرب، فكل ذلك يَجعل من توحيد بداية العام عملياً  في محكٍ صعبٍ على حد وصفه، واعتبر أستاذ بشير محمد أن القرار جاء مسنوداً بالسياسة، وقال: السياسة ما دخلت باحة التعليم إلا شانتها، وزاد: إن الفترة الطويلة حتى سبتمبر القادم تجعل من الإسناد غير منصفٍ لدى الصغار المجبولين على الربط المباشر للمقررات بين الفصول الدراسية، وتساءل كيف لي أن أجعل من منهج متصل صفياً منفصماً بقرارٍ لا يراعي ذلك وكذلك للمعلم، وأعرب عن أمله في أن يجد القرار حظه في المراجعة  وخلع ثوب الساسة في مجال التعليم والرجوع لدهاقنة التربية ونطاسيه.

ظلال اجتماعية

ومن جهته، أكد دكتور عبد القادر عبد الله اختصاصي علم الاجتماع حول الإسقاطات الفسيولوجية للقرار على أن التنشئة الاجتماعية عملية متواصلة عبارة عن سلسلة متصلة، مما يقتضي قبل اتخاذ الجهات الرسمية للقرار دراسة متأنية، وأشار إلى أن أهم الظلال السالبة في القرار أن الإجازة الطويلة تؤثر، لأن السودان مازال دولة هشة التكوين لا مجال فيها لترفيه بصورة متقدمة، ممكن يجعل هنالك فراغاً كبيراً جداً لدى الطلاب، ونبه إلى أن الفراغ يحتاج إلى دراسة كافية ليتم سده حتى لا ينحرف الطلاب إلى ملئه بممارسات وسلوكيات سالبة وتفلت، ولابد من عمل موسع مع اختصاصي علم الاجتماع التربوي والتوجيه والمناهج للاستفادة من الإجازة الطويلة في الخرطوم والولايات، وأوضح أنه في ظل شُح الإمكانات لا يتمكن اختصاصي علم الاجتماع التربوي من وضع مُعالجات سريعة، داعياً إلى ضرورة تسخير المجتمع المحلي بمكوِّناته للاستفادة من الإجازة الطويلة، لافتاً النظر إلى أن المجتمع السوداني فيه أسر تعيش كفاف السكن مما يجعل الإجازة الطويلة معضلة أمام البعض، وبحسب نظريات التنشئة الاجتماعية الاستعجال في القرارات مصيره الهلاك.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى