دروس كورونا.. (1)

 

* شُكراً للدكتور شداد محمد محمود، مدير عام مستشفى سوبا الجامعي، إذ كتب ناصحاً: (نحتاج جميعاً، دولة ومؤسسات وأطباء وكوادر صحية ومنظمات مجتمع مدني والمجتمع، لنعمل سوياً مُتّحدِين، لتجاوُز مرحلة انتشار الوباء واتباع  الإرشادات، دون أن نخوض في الجدال وإلقاء اللوم.. نحن جميعاً، في الهَمّ سواء، وهذا المرض سيؤثر علينا جميعاً، ولن يتخيّر منا أحداً، لذا علينا أن نعمل كلٌّ فيما يليه حتى نتخطّى هذه الفترة).

* لقد صدق شداد، فالوقت  غير مناسب للسجال والعتاب، ويجب تأجيل هذا وذاك  لحين تجاوز شعبنا مخاطر كورونا .. وبعد تجاوزها، يبقى (الحساب ولد) .. والجدير بالتأمل، في إدارة الحكومة لهذه الأزمة، هو تجانُس الأجهزة والمؤسسات فيما بينها.. صحيح أداء وزارة الصحة في فحص الحالات ورصدها وعزلها (دون الطموح)، ولكن تجانُس أجهزة الدولة، في إصدار القرارات الوقائية، من محاسن الوضع الراهن..!!

* لقد أحسنَت سُلطات التعليم عملاً بإغلاق رياض الأطفال والمدارس والجامعات، وكذلك أحسنت رئاسة مجلس الوزراء عملاً بحظر السفر من وإلى الدول الموبوءة، وكذلك الأوقاف والشؤون الدينية أجزلت النصح والإرشاد الصائب للمساجد والكنائس.. و..و.. هكذا.. تقريباً تفرّغت كل مؤسسات الدولة لعمل ما عليها من وسائل الحماية والوقاية، ونأمل أن يكون المجتمع متعاوناً ومسؤولاً..!!

* بعد التوكّل على الله، علينا الرّهان على الوقاية.. فالنظام الصحي في بلادنا (عشوائي)، أو هذا ما أورثه النظام المخلوع لحكومة الثورة، وهذا ما يُزعِج الناس في مثل هذه الأزمات.. فالدول من حولنا تُكافِح مثل هذه الأوبئة بالأنظمة الصحية (المثالية)، قبل الطوارئ واستجداء المنظمات.. ولكن نحن، للأسف، نظامنا الصحي – في حد ذاته – يكاد يكون من مصادر الأمراض والأوبئة، بدلاً من أن يكون حائط صد..!!

* على سبيل المثال، فإن الخارطة الصحية الحالية  تُرغم المواطن على  الموت  أو تَكبُّد مشاق الرحلة باحثاً عن العلاج.. بالدول ذات الخارطة  الصحية الواعية فإن الأصل في تقديم الخدمة العلاجية للمريض والمشتبه به يتمثّل في عُنصري (الزمن والتدرّج).. أي عند إصابة المواطن بأي طارئ أو عند شعوره بأعراض وباء أو مرض، فإن أولى محطات رحلة العلاج هي أقرب (مركز صحي)..!!

* ولأن عنصر الزمن أهم عوامِل العلاج، يتم توزيع المراكز الصحية بحيث يكون طبيب الأسرة قريباً للمواطن.. وبالمركز الصحي، قد يتم علاج المريض أو تُجرى له الإسعافات الأولية ثم يتم تحويله إلى (مستشفى ثانوي) أو حجر صحي إن كان ( مُعدياً).. وبالمستشفى الثانوي، عبر الاستشاري، قد يتم العلاج أو يُحوَّل إلى (المستشفى المرجعي).. هكذا مراحِل علاج الأمراض في الدول ذات النظم الصحية الواعية، ولذلك يسيطرون عليها سريعاً..!!

* فالرهان – في مكافحة الوباء أو علاج المرض –  دائماً على الزمن والتدرّج .. مركز صحي ثم مستشفى ثانوي أو (حجر صحي، في حالات الأوبئة)، ثم مستشفى مرجعي.. ولكن في بلادنا، ناهيكم عن كورونا التي فترة حضانتها بالأسابيع، بل حتى عند التعرّض لأخطر حادِث حركة، فالكل يُفكر في نقل المُصاب إلى المستشفى المرجعي مباشرة، ولو كان على بُعد (100 كلم)، ليصل نازِفاً أو مَيِّتاً..!!

* المهم، من دروس كورونا، فإن إنشاء وتأهيل المرافق في كل محليات السودان – وفق خارطة منظمة الصحية العلمية – يجب أن يتصدر قائمة أولويات الوزير أكرم التوم، حتى لا يرتبِك ويضطرب (كما يفعل حالياً)، وحتى لا يصبح علاج الأمراض أو مكافحة الأوبئة (مركزياً فقط)، كما الحال الآن.. !!

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى