في الليلةِ الظَّلماء..!!

 

* ومن أخبار الأمس، كما وَرَدَ بصحيفة (المِجهَر)، تكفّلت الإمارات بترحيل الطلاب السودانيين العالِقين في مدينة أوهان الصينية الموبوءة  بفيروس (كورونا)، وأعلنت عن تخصيص طائرة خاصة لنقل هؤلاء الطلاب من الصين إلى الخرطوم.. وبالأمس أيضاً، بصحيفة (الصيحة)، نجحت محررتنا المجتهدة مريم أبشر في تفقد أحوال طلابنا هناك، وحاورت – عبر الهاتف – رئيس الطلاب السودانيين بالصين..!!

* شكراً للإمارات شعباً وحكومة، و(ما عدمناكم).. ولكن المُحزن هو عجز حكومتنا عن إخلاء هؤلاء الطلاب طوال أشهر (الاستغاثة)، ورغم وضوح أوضاعهم المأساوية ما بين ترقّب المرض والموت.. كل الدول أخلت رعاياها عاجِلاً.. ولكن هنا، منذ الإعلان عن هذا الوباء، وحتى يومنا هذا، فإن الجُهد الحكومي كان – ولا يزال – محض لجان تجتمع وتتحدث، أي طحن بلا طحين..!!

* وبالمناسبة، لو كانت كما في عهدها الذهبي لما انتظرت  (سودانير) قراراً أو توجيهاً أو لجنة.. أي في الليلة الظلماء بالصين يفتقد أبناءُ السودان هناك ناقلهم الذي كان وطنياً وشهماً (سودانير).. ما يحدث لطُلابنا بالصين يجب أن يكون دافعاً للنظر إلى أمر الناقل الوطني… نعم، مع كامِل الدعم لأية سياسة تُقزّم الدور الحكومي في الاقتصاد وتُوسِّع دور القطاع الخاص، فإن هناك مرافق في الدولة هي مثابة مرافِق إستراتيجية و(مهمة للغاية)..!!

* وخير – للناس والبلد والحكومة – أن نعض على المرافق الإستراتيجية بالنواجذ، بحيث نُعيدها لسيرتها الأولى، بدلاً من الاستسلام لنهج النظام المخلوع.. بالفساد وسوء الإدارة أهدَر النظامُ المخلوع أسطول الناقليْن (الجوي والبحري).. إنقاذ (سودان إير) و(سودان لاين) من بحر الفشل ثم تطويرهما كان بحاجة إلى ضمائر وطنية وإرادة سياسية وإدارة مهنية، ولكنهم دمّروهما بالتمكين..!!

* وإتاحة الفرصة لإدارة مهنية لتطوير المرافق الإستراتيجية كان أفضل من تصفيتها وتدميرها وبيعها لصالح المُفسدين.. تدمير المرافق الإستراتيجية لم  يجلب  للناس والبلد والحكومة غير الندم ثم التباكي على اللبن المسكوب.. (سودانير) كانت تُحيي مطارات البلد، وكانت تُنقذ السودانيين من ويلات حروب الدول العربية وأمراض الدول الآسيوية، وكانت تُساهِم في نقل المرضى والطّلاب والشباب والمنكوبين بكل هدوء وبلا استجداء الإمارات وغيرها..!!

* ولم يكن العائد المادي لسودانير – رابحاً كان أو خاسراً – يشغل بال المواطن كثيراً، إذ كانت لها فوائد أخرى (ذات قيمة)، وقد فقدناها يوم نداء طلابنا بالصين.. وتلك الفوائد هي المُسمّاة بالمهام الإستراتيجية و(الخدمية).. ومنذ تدميرها ماتت الحياة بمطارات البلد، ولم نعد قادرين على إخلاء أبناء شعبنا من المدن الموبوءة بالحروب والأمراض، أي فقدت الحكومة دورها تجاه رعاياها، فشكراً للإمارات مرة أخرى..!!

* وضع مرافق كـ(سودانير) و(سودانلاين) و(السكة حديد) – بأي دولة يعرف نظامها معنى المرافق الاستراتيجية – لا يقل أهمية عن (وضع الجيش).. ولكن بؤساء النظام المخلوع، وكأنهم كانوا على عهد مع أنفسهم بأن لا يتركوا للشعب مرفقاً إستراتيجياً، دمّروا كل المرافق الاستراتيجية، لحدّ عَجزِنا عن إخلاء طّلابنا بطائراتنا.. فلتكن لحكومات ما بعد  الثورة إرادة وخُطة  لإعادة سودان لاين وسودان إير والسكة حديد وغيرها من مرافق الشعب الإستراتيجية..!!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى