Site icon صحيفة الصيحة

(البند السادس).. قراءة  في ما وراء حيثيات الطلب

 

مندوبنا بالأمم المتحدة: هنالك سوء فهم لمحتوى خطاب حمدوك

خبير قانون دولي: خطوة ذكية ولكن الخطورة في هذا…

قور: الخطوة نقلة من دولة منقوصة السيادة إلى دولة كاملة السيادة

الساعوري: جوهر الطلب يوحي بأن الحكومة تُسلِّم نفسها للبعثة الأممية

السكرتيرالصحفي لحمدوك: الطلب اشتمل على عدد من العناصر

الخرطوم: صلاح مختار

حمل طلب رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، من مجلس الأمن الدولي التفويض لإنشاء بعثة سياسية خاصة من الأمم المتحدة تحت الفصل السادس لدعم السلام، حمل كثيراً من الأوجه والتباينات في قراءات موقف رئيس الحكومة الانتقالية. وجاء في الخطاب الذي أرسل إلى الأمين العام للأمم المتحدة بأن (السودان يطلب من الأمم المتحدة أن تسعى إلى الحصول على ولاية من مجلس الأمن لإنشاء عملية لدعم السلام بموجب الفصل السادس في أقرب وقت ممكن في شكل بعثة سياسية خاصة تضم عنصراً قوياً لبناء السلام، وينبغي أن تشمل ولاية البعثة المرتقبة كامل أراضي السودان).

مخاطر محيطة

ربما الطلب لا يخلو من الأسباب التي استدعت حمدوك لذلك الطلب، حيث نبه للمخاطر التي تحيط بعملية الانتقال في البلاد، إلى جانب حمل ذات العملية كافة عناصر النجاح بما يستوجب على المجتمع الدولي بما في ذلك الأمم المتحدة التقدم الآن للمساعدة في القضايا المطروحة والمستعجلة في إرساء الأساس لمسيرة السودان على طريق السلام.  ولكن لإنجاح تلك الخطوة، فإن حمدوك، أبدى استعداداً للترحيب بالبعثة في أقرب وقت ممكن، على أن يُنشر تواجُد أولي تحت قيادة الممثل الخاص للأمين العام الذي يتخذ من الخرطوم مقراً له، وتصميم تواجد الأمم المتحدة وصياغته للفترة الانتقالية. وشدَّد على أن تكون البعثة ذات نهج مبتكر ومنسق ويتسم بالمرونة والسلاسة، واستخدام عناصر أساسية واتباع نهج نموذجي من هذا القبيل عند تصميم تواجد الأمم المتحدة. وأضاف، “على سبيل المثال ينبغي أن تنشر على وجه السرعة القدرات اللازمة للمساعي الحميدة ودعم الوساطة، وأن تقدم المساعدة لمفاوضات جوبا للسلام.

طلب المساعدة

وأعطى حمدوك المساعدة في تعبئة المساعدات الاقتصادية الدولية للسودان أولوية بجانب تيسير المساعدة الإنسانية الفعالة في جميع أنحاء السودان، وتقديم الدعم التقني في وضع الدستور والإصلاح القانوني والقضائي، وإصلاح الخدمة المدنية، وقطاع الأمن، والمساعدة في توطيد المكاسب في دارفور من خلال جهود بناء السلام وتقديم المساعدة الإنسانية، والاضطلاع بالمبادرات الإنمائية، وبسط سلطة الدولة، مع زيادة التركيز والمشاركة في النيل الأزرق وجنوب كردفان، ودعم استمرار آلية مهام الاتصال في الولايات وتوسيعها في دارفور وفي الأجزاء الأخرى المعنية في السودان. كما دعا إلى دعم إعادة المشردين داخلياً واللاجئين إلى أوطانهم وإعادة إدماجهم، وتحقيق المصالحة بين المجتمعات المحلية، وتحقيق مكاسب السلام، والعدالة الانتقالية.

توضيحات مهمة

سارع المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة ورئيس بعثة السودان بنيويورك السفير عمر محمد أحمد صديقن بتوضيح موقف الخطاب الذي أرسله رئيس مجلس الوزراء الانتقالي للأمين العام للأمم المتحدة. واعتبر أن هنالك سوء فهم انتشر في وسائط التواصل الاجتماعي حول محتوى خطاب رئيس الوزراء. وقال: يعلم الجميع أن محادثات السلام الجارية الآن في جوبا تُعنى بتحقيق السلام في كل أرجاء السودان. وهو سلام تحميه الرغبة السياسية لدى الحكومة والأطراف المسلحة. وبالتالي استعدادًا لفترة إحلال السلام، خاطب رئيس الوزراء الأمين العام ومجلس الأمن باحتياجات الدولة لجعل السلام مستداماً بدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. وأكد أن السودان دولة عضو في الأمم المتحدة مثله مثل كل دول العالم وميثاقها يحتم عليها دعم الدول الأعضاء خاصة تلك الخارجة من النزاعات.

الفصل السابع

ونوه التوضيح إلى أن الوجود الأممي الحالي في السودان سواء في دارفور أو في أبيي هو قوات حفظ سلام وفقاً للفصل السابع من الميثاق، وهو ما يبيح استخدام القوة باعتبار أن الحالة تُشكّل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين. ولذلك خاطبت الحكومة السودانية الحالية الأمم المتحدة أن يتحول الوجود الأممي من حفظ السلام إلى بناء السلام، وفقًا للفصل السادس من الميثاق، وهذا انتقال إيجابي.

تبعات السلام

ويقول السفير صديق: بعد السلام سيعود اللاجئون والنازحون إلى ديارهم وأعدادهم تصل إلى ما يربو على ثلاثة ملايين. وتساءل هل بإمكان الوضع الاقتصادي الحالي معالجة إعادة توطين هؤلاء وتوفير أسباب الحياة الكريمة لهم أم أن نطلب من المجتمع الدولي المساعدة؟. وقال” لدينا محاربون في الحركات المسلحة يقارب عددهم المليون هذا العدد في حاجة إلى معالجة أوضاعهم إما بالإدماج في القوات النظامية أو إخضاعهم لما يسمى بالـ(DDR).

بعثة خاصة

وقال صديق: ما طلبه رئيس الوزراء، بعثة سياسية خاصة وفقاً للبند السادس من الميثاق، وهذا معمول به تمهيدًا لإنهاء بعثات حفظ السلام، وهو مطبق في كل الدول التي خرجت من نزاعات مثل كولومبيا وسيراليون وساحل العاج وليبيريا وغيرها على سبيل المثال. وأضاف: بحكم تشكيل البعثة السياسية الخاصة لن يكون المكون العسكري كبيرًا، سيكون محدود العدد للقيام بمتابعة ما يتم الاتفاق عليه في قضايا الترتيبات الأمنية في اتفاقية السلام القادمة. وأكد أن المكون المدني سيكون الغالب عدداً والمعني بتنفيذ المشروعات والاحتياجات التي تحددها حكومة السودان وفقاً لأولوياتها.

أعذار مقبولة

واستدرك الخبير في القانوني الدولي البروفسير عثمان محمد الحسن خيري في حديثه لـ(الصيحة): موقف المنظمة الأممية تجاه السودان، وقال: مجلس الأمن تاريخياً وضع السودان في عدة بنود منها متعلقة بدارفور والمحكمة الجنائية وغيرها، بيد أنه أكد أن طلب الدولة اختيارياً المساعدة الأممية خطوة ذكية من الحكومة، وفيه نوع من الاستيعاب والاستفادة من الأمم المتحدة بأن السودان يظل تحت الرقابة. ولكن ربما لأنها حكومة انتقالية وأن عملية السلام ما زالت هشة وأن الحكومة تخشى الحرب، فإن طلب الدعم الفني لإنجاح اتفاق السلام رغم أن ولاية مجلس الأمن ليس فيها تدخل خارجي، ولكن من حقه طلب قوات دولية.

سلباً وإيجاباً

طلب البند السادس ربما له انعكاس داخلي سلباً أو إيجاباً، ومنها الآلية الوطنية لمراقبة السلام والتزام الأشخاص مراقبة البرتكول، ورغم ذلك قال خيري: هنالك أوجه سالبة لطلب البند السادس بأن مجلس الوزراء لا يثق في المؤسسة العسكرية أن تقوم بدورها، وحتى لا تحدث خروقات منها، كذلك يعتبر بذلك العمل العسكري السوداني ضعيف الأداء، واعتبر تلك مسألة خطيرة، إضافة إلى أن الطلب فيه تشكيك في الحركات المسلحة أن تنقض العهد، كذلك فيه تشكيك بأن لا ينخرط المواطنون في السلام، ويرى أن ما يعاب على الطلب أن مجلس الأمن لم يُحَط بمحادثات السلام الجارية في جوبا، بجانب ليس لديه آلية مراقبة أو حتى الإشراف على المحادثات، أضف إلى ذلك أنها تجري برعاية دولة ضعيفة وفرعية وكانت جزءاً من السودان.

حالات خاصة

بدوره، يقول مفوض حقوق الإنسان، وأستاذ ثقافة السلام بجامعة الأمم المتحدة بروفسيور أبو القاسم قور من مقر إقامته بأديس أبابا لـ(الصيحة)، الطلب يعكس الوعي الكبير لرئيس مجلس الوزراء الانتقالي د. عبد الله حمدوك للاستفادة من المنظمة الدولية، وأكد أن الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة يختص بحل النزاعات سلمياً وبه مواد من المادة (33 -38) الذي يختص بالأعمال التي يقوم بها مجلس الأمن في حالات تهديد السلم والأمن العالميين والإخلال بهما أو وقوع عدوان، ولفت إلى المادة (39-51) من الميثاق.

وجهة نظر

ويبدو أن حمدوك كان ذكياً من وجهة نظر قور، ويرى أنه في حال توفر جلسة أممية تعمل تحت البند السادس، هذا الأمر ضمنياً ووفقًا للقانون الدولي أن السودان انتقل إلى حالات حفظ السلام إلى حالات بناء السلام، وبالتالي يعني هذا الانتقال من دولة نزاعات إلى دولة ما بعد النزاعات وبناء السلام تحت البند السادس، وهذا سيتيح لمنظمات المجتمع المدني وكافة القطاعات المشاركة والاستفادة من المعونات الدولية، وقال عكس البند السابع الذي يكتفي بحفظ السلام ويتمحور حول القضايا الأمنية. وأوضح أن ما يؤكد أنه خبير دولي وملم بالقانون الدولي هو الانتقال من البند السابع إلى السادس، وتقليص مساحة القانون الدولي والإنساني والعمل بالآليات الخاصة والقانون الجنائي، وبهذا توسيع قاعدة القانون الوطني الذي يحفظ سيادة الدولة.

تداعيات الطلب

واستبعد قور أن يكون لطلب رئيس مجلس الوزراء للأمم المتحدة بالتدخل بالفصل السادس أي تداعيات سياسية داخلية، وقال خلاصة الأمر أن الخطوة تعتبر نقلة للسودان من دولة منقوصة السيادة إلى دولة كاملة السيادة، مشيرًا إلى وجود آليتين (اليونميد) في دارفور والـ(يونسيفا) في منطقة أبيي، مبيناً أن البند السادس يعني أن السودان يختص بكامل السيادة. وقال: السودان يمكنه توظيف تلك الآليات لمصلحته.

جوهر الطلب

ورغم أن المحلل السياسي البروفسير حسن علي الساعوري قال لـ(الصيحة)، إن المعنى بطلب حمدوك إعلامي ومالي، إلا أنه وصف جوهر الطلب بأنه كلام خطير، وفسّر بذلك أن الحكومة تسلم نفسها للبعثة أو المبعوث الأممي حتى يتدخل في السياسات وفي الخدمة المدنية وفي القوانين، ورأى أن الحكومة تريد من الخطوة أن ترفع يدها عن السياسات وتتركها للبعثة أن تأتي بتمويلها وإمكانياته وأن تترك الحكومة تتفرج لا فكر ولا مال وإنما تتركها للبعثة الدولية.

مكمن الخطورة

وظن الساعوري الخطوة لا تعدو ترشيحاً للبعثة للسلام في دارفور، وأن الأمر يحتاج إلى أموال لإقامة مشاريع السلام، وتساءل هل الكوادر السودانية معدومة ولا تستطيع أن تضع السياسات والمشاريع والبرامج؟ واستغرب صدور الحديث عن شخصية سودانية، ولفت إلى الموارد البشرية والإمكانيات التي تزخر بها البلاد التي تفوق أي موارد في كافة الدول الأفريقية عدا مصر. وقال: إذا كان طلب التمويل ووضع السياسات مرتبطة بمناطق الحرب فليست بها مشكلة. وقطع بأن الخطوة تقطع الطريق أمام كل القوى السياسية والعسكرية للقيام بأي فعل سالب, عندما يتم تسليم الأمر للبعثة الدولية التي تحدد السياسات وتضع الخطط وهو مكمن خطورة.

توضيح الحكومة

وكان السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء، أصدر بياناً توضيحياً بشأن الطلب الذي تقدم به رئيس المجلس عبد الله حمدوك من أجل الحصول على ولاية من مجلس الأمن لإنشاء عملية لدعم السلام بموجب الفصل السادس, في أقرب وقت ممكن في شكل بعثة سياسية خاصة تضم عنصراً قوياً لبناء السلام على أن تشمل ولاية البعثة المرتقبة كامل أراضي السودان.

وقال السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء البراق النذير الوراق, إن هذا الطلب يأتي في أعقاب النقاشات التي تدور في أروقة الأمم المتحدة خلال هذا الشهر حول ترتيبات ما بعد اليوناميد في السودان، على أن يكون تواجد الأمم المتحدة في السودان (متكاملاً ومتوائماً من الناحية الاستراتيجية، وتحت قيادة واحدة).

ولاية البعثة

وأكد البراق أن ‏الطلب اشتمل على عدد من العناصر كي تدرج في ولاية البعثة، حددت في دعم تنفيذ الوثيقة الدستورية، توفير الدعم بالمساعي الحميدة لمفاوصات السلام خصوصاً في مدينة جوبا، المساعدة في التعبئة للمساعدات الاقتصادية الدولية، تقديم الدعم التقني في وضع الدستور، والمساعدة في توطيد المكاسب في دارفور خلال جهود بناء السلام وتقديم المساعدات الإنسانية والاضطلاع بالمبادرات الإنمائية، وبسط سلطة الدولة مع زيادة التركيز والمشاركة في النيل الأزرق وجنوب كردفان، إضافة إلى دعم إعادة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم وإعادة دمجهم، والعدالة الانتقالية، وحماية المدنيين وبناء قدرات قوات الشرطة, وقال إن الطلب ألمح لأن يكون الفريق على مستوى الغرض المنشود، ولذلك عليه أن يحول نهجه من المساعدة القائمة على المشاريع والمساعدة القصيرة الأجل إلى برمجة إنمائية طويلة الأجل تساعد السودان على تحقيق أهداف التنمية ‏المستدامة بحلول عام 2030.

 

 

Exit mobile version