لون رمادى!!!…

هو لون هلامي… يقع بين لونين, أحدهما أبيض أبلج والثاني أسود قاتم !! والكثيرون يزعمون أنهم لا يحبونه!! ولكنهم حتماً يلجأون إليه فى أحايين كثيرة، ولا سيما على أيامنا (الكالحة) هذه.

أحياناً نستخدمه لتحييد المواقف… أو الأفكار, وأحياناً للتعبير عن المشاعرالمُبهمة…. وغالباً لتفسير مزاجنا وميولنا حين لا نقوى على مواجهة أنفسنا أو مواجهة الآخرين بالحقائق المجردة.

هو إذن لون المُجاملة والنفاق الاجتماعى والجبن!!!… لون اللامسئولية واللا قرار… لون التابعية والدونية والضعف وانعدام الثقة.

وأنا مثل غيري أزعم أنني لا أحب اللون الرمادي… ولكني أفضله كونه من الألوان (العملية) التي تصلح لمواكبة كل الأحداث والمناسبات والأجواء.

وأعترف أنني أكون في مأمن وأنا أحاول أن أُضفيه على تفاصيلي… ما بين التمرد الأبيض الواضح وما بين الخنوع الأسود المتواري… فلا هذا يجدي ولا هذا يجوز.

وتجدونني أحياناً أكتب كلماتي بشيء من الحياد فيكون صداها أوسع وتقبُّلكم لها أسهل….. وإن كانت تخرج مني دون روح… أو ضد قناعاتي… فالكلمات المصادمة المتمردة وحدها هي التي تتلبسها روح الكاتب ويكتبها بمداد دمه وأعصابه أياً كان انتماؤها لذات اليمين أو أقصى اليسار.

 البعض له القدرة الفائقة على التلوُّن…. ولا سيما  أولئك الذين يظهرون الولاء ويبطنون الغدر، ويكون الرمادي من أحب ألوانهم التي يسعون عبرها لتحقيق أجنداتهم الخاصة ومصالحهم الشخصية.

ومثلما هناك ابتسامه ساخرة وأخرى خبيثة وثالثة ساحرة.. هناك أيضاً واحدة صفراء وأخرى رمادية.

المرأة الرمادية قد تبدو للعيان (غبشاء)، ولكننا هنا نعني الرمادية في فكرها وإحساسها… تلك التي لا تملك القدرة على تحديد مشاعرها ووفائها والقتال في سبيلهما.

وليس أسوأ  من الحياد في المشاعر أو إخفائها والتستّر عليها… فالحبُّ وحده لا يحتمل اللون الرمادي.

وإذا كان (الغَبَاش) علاجه (المسوح)! فالحبُّ الجبان علاجه القتل بالهجران أو النسيان.

*هناك أقلام أحبارها زرقاء وصفراء وحمراء وخضراء وسوداء… وأيضاً وردية وبنفسجية ظهرت منذ سنوات لنكتب بها خطاباتنا الشخصية الحميمة… ولكننا لم نعد في الغالب نكتب بالأقلام… لقد طفا على السطح ذلكم (الكي بورد) الرمادي… ليس في حبره ولكن في نبضه وتعبيره وأسلوبه.

ثمة أحدهم في حياة كل منا كان وسيظل في أصحاب اللون الرمادي والمشاعر الرمادية والعلاقات الرمادية … حتى علاقته بنفسه…. ويظل يدفع ثمن ذلك (الرماد) من هدوئه الداخلي وشعوره بالسعادة والثقة…. فهو لا يعرف سوى الشك والجحود والتنكيل بالآخرين كونه لا يرى من هو أفضل منه ولا يريد!!!!

أما الساسة الرماديون فهم الذين يبذلون الوعود الكاذبة .. ويتبوأون الكراسي الفخيمة دون أن يكون ضمن أولوياتهم خدمة الوطن أو الناس… ليس أكثر من منطقه رمادية تدفعهم للسلطه وتزينها لهم.

وهكذا ما أكتبه اليوم…. فهو يخرج من عقلي الرمادي الملبد بغيوم الحيرة والاستياء… يخرج من مزاجي المعتكر وخاطري القلق.. فاقرءوه بعيون نصف مفتوحة… وسلطواعليه بعض الضوء الرمادي عساكم تجاملونني قليلاً وتزعمون أنكم قد فهمتم مرامي كلماتي المبهمة … فتلك المساحة الرمادية تتسع بأعماقي تجاه الناس والأشياء من حولي .. وأكاد لا ألمح بداخلي سوى نقطة ضوء وحيدة تشع من وراء الإحباط يمثلها (أولادي) … فهم فقط الضوء الساطع في ردهات أيامي الرمادية المرهونة للآخرين.

* تلويح:

الرمادي هو المرحلة التي تسبق الأسود مباشرة…. فأبشروا به.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى