Site icon صحيفة الصيحة

أثارت جدلاً واسعاً..مُقترحات التعديلات المُتنوِّعة ما بين التأييد والرفض

 

نقيب محامين سابق: التّعديلات تحتاج إلى مؤتمر دستوري

خبير قانوني: ستجد قبولاً واسعاً من المجتمع السوداني

طالبة: أؤيدها، والمرأة في الإنقاذ تعرّضت للإذلال والقهر

رئيس حزب البعث: يجب أن تَضَع في الاعتبار احترام مُعتقدات الناس

كمال الأمين: المادة (154) تمّ تعديلُها لأنها لم تكن دقيقة في تعريف الدعارة

تحقيق: محيي الدين شجر

أثار قرار مجلس الوزراء الانتقالي بإجازة عدد من المقترحات من ضمنها قانون (التعديلات المتنوعة)، كان قد تقدّم بها وزير العدل نصر الدين عبد البارئ، تتعلق بإلغاء وتعديل قوانين في القانون الجنائي، ردود أفعال واسعة لدى الرأي العام السوداني ما بين مؤيد لها ومعترض عليها..

ما هي تلك المواد التي رأى وزير العدل ضرورة تعديلها؟ وما الهدف من تعديلها؟ وكيف نظر لها الشارع السوداني؟ وهل سيجيزها الاجتماع المشترك للمجلس السيادي ومجلس الوزراء بعد أيام أم تسقط في بحر الاعتراضات؟

(الصيحة) للإجابة على كل تلك النقاط الجوهرية، أجرت تحقيقاً واسعاً حولها وخرجت بتفاصيل دقيقة.

استحداث مواد

اقترح وزير العدل نصر الدين عبد البارئ إلغاء المادة (126) “الردة” من القانون الجنائي، و استحداث مادة جديدة تُجرِّم تكفير الأشخاص والطوائف لتتوافق مع وثيقة الحقوق المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، فضلاً عن استحداث مادة جديدة (141- أ) تُجرّم تشويه أعضاء الأنثى “الختان” لتتوافق مع اتفاقية حقوق الإنسان.

وقال  مصدر مطلع لـ (الصيحة)، إن من مقترحات التعديلات التي يُطالب بها وزير العدل، حذف عقوبة الجلد في كافة العقوبات عدا الحدود، في القانون الجنائي لسنة 1991م، وتعديل المادة (27) من القانون الجنائي 1991، بأنه لا يجوز الحكم بالإعدام على الأطفال الأقل من عمر 18 عاماً، وتعديل المادة 79 الخاصة بالخمر على أن تقتصر على المسلمين فقط، وقطع المصدر بأن المواد التي تم إلغاؤها المادة  (152)  شملت الأفعال الفاضحة والمخلة بالآداب العامة والمادة (153) الخاصة بالعروض المخلة بالآداب، وتعديل المادة (154) الخاصة بالدعارة.
وقال إن وزير العدل أودع ما يسمى بقانون التعديلات المتنوعة وقانون النيابة العامة تعديل 2020 وقانون مفوضية السلام، قانون مفوضية العدالة الانتقالية 2020، قانون مكافحة الفساد واسترداد المال العام، قانون مفوضية حقوق الإنسان، قانون المجلس الأعلى للحج والعمرة، وقانون الشباب والرياضة.

حديث الشارع

التاجر بالسوق العربي عبد الرحيم عثمان، حينما طرحت عليه مواد القوانين التي يُريد وزير العدل تعديلها قال إنه يساند بعضها، ويخالف الأخرى، مشيرًا إلى أن ختان الإناث يرفضه الشرع الإسلامي، لأنه يسبب مشاكل صحية وضحت من خلال التجربة، وأوضح أن الختان المعمول به في السودان منذ قديم الزمان هو ختان فرعوني لا يمت للإسلام بصلة، تسبب في مرات كثيرة في موت الحامل.

وقال إن المواد التي تتحدث عن الزي الفاضح يجب ألا تُلغى لأن للشارع حُرمته، والإسلام حثّنا على الاحتشام وغض البصر، ولهذا على نسائنا أن يكن في زيٍّ لائق حتى لا يتعرضن للتحرش.. وقال: كيف يتم إلغاء مادة الدعارة مندهشاً هل يريدون أن يعود السودان إلى حقبة الستينات والسبعينات وإعادة صفوف الدعارة .

تأييد

الطالبة الجامعية بجامعة الخرطوم رؤى مبارك طاهر، قالت لـ (الصيحة) كل التعديلات التي يريد وزير العدل تعديلها واستبدالها بمواد أخرى فيها احترام لحقوق المرأة لأننا في فترة حكم النظام البائد تعرّضنا للإذلال والإهانة، وزادت: أنا مع تلك التعديلات، وأدعو مجلس الوزراء والمجلس السيادي في اجتماعهما المشترك لإجازتها دون تردّد.

مساندة

النذير المغيرة محمد سعد ـ مقاول ـ سانَد مقترحات وزير العدل وقال إنها تتوافق مع المطلوبات والشروط التي يطلبها المجتمع الدولي من السودان، وعلق قائلاً: كفانا تخلفاً، وعلينا أن نتقدم إلى الأمام، مطالباً مجلس الوزراء الانتقالي والمجلس السيادي بالعمل على إجازتها فوراً.

ولكن الخبير القانوني المعروف الدكتور كمال محمد الأمين، قال إنه لا شك أن النظام السابق كان قد سنّ العديد من التشريعات، وقام بالعديد من التعديلات لكثير من القوانين التي كانت سائدة في مراحل سابقة بغرض منع المجتمع السوداني من مقاومة مشروعه الظلامي الذي تسلط به على رقاب أهل السودان البسطاء، ونتج عن تعديلاته تركة مثقلة بالأحكام الجائرة..

وأضاف أن قانون التعديلات المتنوعة الذي أجازه مجلس الوزراء مؤخراً قصد منه إلغاء الأحكام والنصوص الأكثر إهداراً للحريات العامة على وجه السرعة وفي وقت وجيز، على أن تتم معالجة المسائل المتبقية بدراسة متأنية.

ويرى كمال أن هذه التعديلات بالتأكيد ستجد قبولاً واسعاً من المجتمع السوداني ومن الشارع التوّاق لتحقيق حرية سلام وعدالة، وقد شكل القانون الجنائي وقانون النظام العام وقانون الإجراءات الجنائية وقانون الأمن الوطني في العديد من النصوص إهداراً لتلك القيمة التي خرج من أجلها الثوار، بل وظلت بعيدة تماماً عن المستوى الأخلاقي والمستوى الدولي وكان لابد من القذف بها في مزبلة التاريخ، لأنها تُشكّل انتهاكاً صريحاً لأدنى مقومات حقوق الإنسان إضافة إلى نصوص أخرى شملها مشروع التعديلات المتنوعة في عدد من القوانين الأخرى مثل قانون العمل الطوعي والإنساني وقانون النقابات، بل وتم ابتدار قانون حماية الاجتماعات والمواكب العامة لتتسق مع شعارات الثورة.

‏ويرى كمال أن هذه التعديلات لها اشتراطات في المقام الأول بالمجتمعات المحلية، والسودان كدولة مصادقة على العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية بالضرورة يجب أن تتم مراعاة الالتزامات التي تعهد السودان بها، لأننا لن نعيش في قوقعة بمعزلٍ عن العالم المتحضر.

‏هل يملك وزير العدل سلطة تقديمها وكيف تتم إجازتها؟

يرد: في البداية اسمح لي بأن أحيي هذا الوزير الشاب المثقف وهو نموذج للوزراء الأكفاء، ويملك قدرة احترافية في العمل وظل يهتم بكل هذه المشروعات والذي خلق إجماعاً حولها وشارك في مناقشتها العديد من القانونيين من مختلف المشارب السياسية، ووزارة العدل بموجب القانون هي الجهة المختصة بصياغة التشريعات وتقديمها لمجلس الوزراء لإجازتها ومن ثم رفعها للاجتماع المشترك مع مجلس السيادة لإجازتها باعتبارهما سلطة تشريعية.

‏ما هي الإضافة التي قدمها  مشروع قانون هيئات الشباب  والرياضة الجديد بصفتك رئيس لجنة تعديل قانون هيئات الشباب والرياضة الساري؟ ردًا على سؤالنا يقول:

هذا المشروع ولأول مرة في تاريخ قوانين الحركة منح الهيئات الرياضية استقلالية تامة من أدنى تدخُّل حكومي في نشاطها، وعمل على إزالة التعارُض بين نصوص القانون والميثاق الأولمبي والأنظمة المتعددة للاتحادات الرياضية القارّية والدولية، وذلك من خلال تعظيم دور الجمعيات العمومية ومراعاة تطبيق المعايير الدولية على اللجنة الأولمبية السودانية واللجنة “البارالمبية” والاتحادات والأندية أعضاء الجمعيات العمومية لهذه الاتحادات.

ولأول مرة يتم تعريف النادي الرياضي بالشكل الصحيح وإلزام الهئيات الرياضية بفتح مراكز لاكتشاف الموهوبين، ويمكن لهذه الأندية أن تُسجّل شركات مساهمة عامة في كل أنواع الخدمات الرياضية، وتم فتح الباب مشرعاً للاستثمار الرياضي لأول مرة. وضع القانون آليات واضحة لفض النزاعات بطرق شتى أهمها هيئة التحكيم الرياضية القومية والمجالس الخاصة بالولايات، وسيحكم هذا القانون الرياضة في السودان، وبذلك نكون قد وضعنا حداً للقوانين الولائية التي كانت خصماً على الحركة الرياضية وشكّل مصدراً للتنازع والتخاصُم بينها مما عطل الكثير من القضايا، ولأول مرة اهتم هذا القانون بالشباب وأفرد لهم باباً كاملاً سيُشكّل فتحاً  للشباب، هذا جزء من ملامح هذا القانون.

مراجعة مطلوبة

رئيس حزب البعث العربي الاشتراكي التيجاني مصطفى، قال حول تلك التعديلات إنه  بلا شك نجد أن القوانين السابقة محتاجة إلى مراجعة باعتبار أن فيها  بعض القوانين التي تنتهك حقوق الإنسان.

مضيفاً: لكن التعديلات يجب أن تضع في الاعتبار احترام معتقدات الناس والتعامل مع أصحاب الديانات المختلفة تعاملًا لائقاً، وأن نحترم عقائدهم وما تلزمهم  به أديانهم.

وقال: الجانب المتعلق بالنظام العام فيه انتهاك صريح  لكرامة المرأة وفيه نوع من إذلال المواطن والمرأة بصفة خاصة.

انتقاد

الطيب هارون نقيب المحامين الأسبق، انتقد المقترحات التي تقدّم بها وزير العدل، وقال لـ (الصيحة):  لم نطّلِع على أي مقترح، ونحن كقانونيين لم نعلم عنها شيئاً، وكان من المفترض أن يطرحها وزير العدل للشارع القانوني قبل رفعها لمجلس الوزراء، وأضاف: لقد قرأنا قانون إزالة التمكين قبل إجازته فلماذا لم ينشروا تلك التعديلات، وزاد قائلاً: الحكومة الانتقالية غير مختصة بتعديل القوانين، لأن مسؤوليتها تقتصر على مطلوبات محددة والتعديلات تحتاج إلى مؤتمر دستوري، وقال: مادة الأفعال الفاضحة التي سمعنا بتعديلها هي موجودة في كل قوانين العالم والتي لا تسمح بتجول الناس عراة أو يمارسون الجنس على الملأ، وزاد بقوله: إن إلغاء مثل تلك المواد يجعل البلاد تسير دون غطاء قانوني، مطالباً بالحفاظ على قيم المجتمع، منتقداً بشدة إلغاء مادة الدعارة، وعلق قائلاً: هل يريدون فتح بيوت للدعارة وعودة صفوفها من جديد.

الصفوف كانت في الديم لها 40 سنة، هل يمكن أن تعود مرة أخرى.

الدعارة (تدفع قروش) مقابل الجنس، (154 )هذه المادة وصفت أنها تتحدث عن الدعارة لا تنطبق عليها مطلقاً الدعارة التكسب بالجنس مقابل المال، وهي تتكلم عن ممارسات تقع بين أعضاء الجنس الواحد أو تتغير فيها الأدوار بين الرجل والمرأة.

أما محل الدعارة عاقبت على التواجد في مكان معين، وهي تنطبق على شخص موجود في بيته أو مكتبه.

الخبير القانوني وأحد المشاركين في وضع تعديل هذه القوانين كمال محمد الأمين، يرد على الطيب هرون بقوله المادة 154 الخاصة بالدعارة والتي تم إلغاؤها لم تعرف الدعارة أصلاً، لأن الدعارة المعروفة هي مبادلة الجنس بالمال، وتكون في العادة حصول الرجال  على الجنس مع امرأة نظير مبلغ من المال، وهنالك إشكالات إخرى للدعارة قد تقع بين الجنس الواحد أو تتغير فيها الأدوار بين الرجل والمرأة، ولكنها تتفق بأن يدفع أحد الطرفين أموالاً للآخر لقاء الجنس، ولكن المادة التي تم إلغاؤها لم تعرف الدعارة إنما عرفت محل الدعارة وعاقبت التواجد في محل الدعارة وبيوت الدعارة، واعتبرت تواجد الرجل والمرأة بمكتب دعارة ووجودهم سوياً في أي مكان هو دعارة،  هي تعاقب على ممارسة الدعارة وتعاقب حتى على التواجد في محل الدعارة .

 

 

Exit mobile version