Site icon صحيفة الصيحة

الملكية الفكرية.. شكوى الشعراء

 

تقرير: زمزم خاطر

في هذه الأيام، لا حديث للساحة الفنية سوى قضية الاعتداء على الحقوق الملكية (للمؤلفين والملحنين) من قبل الذين يؤدون أغنياتهم والذين يرددون كلمات هؤلاء الشعراء بكل جُرأة ولا يعطون المؤلفين والملحنين حقوقهم سواء كانت (المادية أو الأدبية)، ما جعلهم يجاهرون بشكواهم ضد هذا الهضم الجائر. مواقف كثيرة ودعاوى رفعت لمحكمة الملكية الفكرية للفصل فيها.

(الصيحة) أعدت التقرير التالي:

سياحة قانونية وتثقيفية

الملكية الفكرية

هي حقوق امتلاك جهة ما لأعمال الفكر الإبداعية أو الاختراعات والمصنفات الأدبية والفنية والرموز والأسماء والصور والنماذج والرسوم الصناعية التي تقوم بتأليفها أو إنتاجها أو تنتقل ملكيتها لآخر.

محكمة (الملكية الفكرية) السودانية

تأسست هذه المحكمة في العام 2000م بموجب قانون 1913م المعدل والمجاز من قبل الدولة  ( قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة). وبهذه المحكمة نيابة مختصة بقضايا الملكية الفكرية الخاصة بالحقوق المادية والأدبية للشعراء والملحنين.

قانون حق المؤلف

ينص هذا القانون على أن المؤلف له الحق في استئثار حقه المادي في المصنف الذي يؤلفه طوال حياته، وبعد وفاته يعود الحق المادي لورثته لمدة خمسين عاماً، وبعد الخمسين عاماً يصبح المصنف الذي ألفه مشاعاً ويسقط الحق المادي، وأوضح هذا القانون أيضاً أن الحق الأدبي للمؤلف يظل مدى الحياة، فإن انقضت الفترة التي حددها القانون للورثة وإذا استغل المصنف الذي أصبح حقًا  عاماً وعرض أمام الجمهور يلزمه القانون أن يفصح عن اسم المؤلف أمام الجمهور، لأن هذا الحق لا يسقط بالتقادم، فإن أغفل ذكر اسم المؤلف يكون للورثة الحق في رفع دعوى قضائية للمطالبة بالتعويض المادي في الاعتداء على حق وريثهم .

الشاعر التجاني حاج موسى

اعتداء مع سبق الإصرار والترصد

يقول الشاعر والصحفي التجاني حاج موسى، إن هناك اعتداءً واضحاً مع سبق الإصرار والترصد على حقوق الشعراء والملحنين هذه الأيام من قبل الفنانين الذين يؤدون أغنياتهم دون استئذان ودون توفيق هذه الأوضاع القانونية، وأبان أيضاً أن هذا الاعتداء لم يتم فقط على مستوى الفنانين بل حتى على مستوى القنوات الإذاعية والتلفزيونية (الرسمية والشعبية) بلا استثناء، فهي تعتدي على مدار الساعات على حقوق الشعراء ومؤلفي الألحان.

ضياع حقوق

ومضى التجاني قائلاً: الخروقات القانونية التي تحدث بصفة دائمة، السبب فيها أن الشاعر أو الملحن ليس بمقدورهما تتبع الإذاعات المرئية أو المسموعة أو أعمالهما التي تُنشر وتُؤدَّى دون استئذان سواء كان ذلك بأجهزة البث أو الحفلات التي يحييها الفنانون، وليس الأمر قاصراً على الحفلات فقط، بل هناك أدلة ظهرت من خلال أجهزة التواصل إذ نجد أن العديد من الفنانين يؤدون أعمالاً غنائية دون استئذان بل يحرفونها . وقال ضاحكاً في إحدى المرات تم نقل حفل لفنان من واد مدني وهو يؤدي أغنيتى أمي الله يسلمك وبدلاً من أن يقول يا مرضعاني طيبة بالصبر الجميل قال يا مرضعاني طيبة بالشطر الجميل)، في تحريف واضح للنص والمعنى.

وكذلك عدم استغلال المؤلفين للسوابق القضائية والتي أبانت بوضوح عدم الاعتداء على حق المؤلف والحقوق المجاورة في حفظ حقوقهم .

سوابق قضائية

السابقة الأولى : حكمت المحكمة للشاعر هاشم صديق في قضيته ضد الإذاعة السودانية،  وفحوى القضية أن الإذاعة السودانية ظلت تبث أعمال الأستاذ الشاعر هاشم صديق (أغنية يا حبنا، أداء الأستاذ صلاح بن البادية وألحان التجاني حاج موسى، وأغنية النهاية لسيد خليفة وأغنية لأبو عركي)، وقد سجلت الإذاعة هذه الأغنيات ولم تتعاقد معه، بل كانت تعطيه أجراً رمزياً بدون توفيق للأوضاع القانونية بينهما، وقضت المحكمة بتوفيق الأوضاع بينهم.

والسابقة الثانية: هي قضية الشاعر الكبير الأستاذ إسحق الحلنقي مع الموسيقار الكبير الفنان محمد الأمين، وقد تم فيها نصح الطرفين بتوفيق أوضاعهما القانونية بإبرام العقد الذي يرضي الطرفين، وبذلك يتم إحقاق الحقوق للشاعر الحلنقي.

قضية على الطاولة            

الفنان أبو العركي البخيت، قال إنه تم الاعتداء على لحن أغنيته (واحشني)  الذي ألفها الشاعر التجاني حاج موسى من قبل فنان شاب مشهور وغنى بها مرات عديدة دون الرجوع للشاعر والملحن (أبوعركي البخيت)، واعترض البخيت على عدم رجوع الفنان إليه واستئذانه، وما زالت هذه القضية على طاولة القضاء للبت فيها.

الحلول

نظام إداري جديد

الحمد لله، فقد بدأت بعض الكيانات الثقافية في إنشاء هذه الإدارة المشار إليها سابقاً، ونظام الإدارة الجماعية هو نظام دولي معمول به في معظم الدول وهي منوط بها تتبّع أعمال المؤلفين والشعراء الذين سجلوا أعمالهم لدى تلك الإدارة ويعطي أصحاب الحقوق التفويض لهذه الإدارة للقيام بهذا العمل بما في ذلك  رفع الدعاوى القضائية نيابة عن أصحاب الحقوق .

عقود مبرمة

ويقول الفنان مبارك المنصوري في تعاطيه مع التهمة الموجهة إليهم من المؤلفين في هضم حقوقهم المادية والأدبية، أن هناك عقوداً مبرمة من قبل الطرفين قبل البدء في تنفيذ أي عمل، وطبيعة هذه العقود تقتضي التجديد كل فترة، إلا أنه أحياناً تنتهي المدة مع عدم التجديد كذلك يشكل  سوء تفاهم بين المتعاقدين.

دون قصد

أحياناً يكون هناك عدم  قصد ونسياناً في نسب الكلمات لشاعرها، والشاعر يضع في حساباته أن الفنان لم يعطه حقه الأدبي، وهذا قد يسبب غضباً للمؤلف وله الحق في ذلك .

رسالة لمن يهمهم الأمر

وفي الختام، أقول لكم يا معشر المغنين والفنانين رفقاً بهذه النفوس الشفيفة فهي لا تقوى على حمل هذا الظلم، كم من شاعر مرهف وجميل أنهكه المرض والتعب وشظف العيش وهو يمشي على قدميه، بالرغم من أنه العمود الفقري الذي يقف عليه الفنانون الذين يركبون الفارهات ويرفلون في رغد العيش، رضوا بهذا الوضع ليس لأنهم غير قادرين على مواجهتكم، ولكن لأنهم آثروا أن يهبوا الفن والجمال بغير مقابل وفضلوا أن يجروا أنهاراً متدفقة من الإنسانية يصنعون الحب والسلام.

Exit mobile version