بذكريات “طاشين” و”ريتشارد” و”كرنقو”..الهلال والأهلي.. نزال العُبُور والروح الرياضية في “الجوهرة”

الخرطوم: ناصر بابكر

1

(عرضية رائعة من تنقا ورأسية أروع من وليد طاشين تُعانق شباك شوبير، ثُمّ صافرة فاجأت الجهور المصري قبل السوداني من الحكم المغربي لاراش تُعلن إلغاء الهدف لسببٍ مجهولٍ حتى يومنا هذا).. لقطة حدثت في نهائي دوري أبطال أفريقيا قبل (33) عاماً بالتمام والكامل وبالتحديد يوم الجمعة (18 ديسمبر 1987) بإستاد القاهرة، كانت بداية الحكاية لتحويل ديربي وادي النيل بين هلال السودان والأهلي المصري إلى موقعة حامية الوطيس كلّما جمعهما سباق البطولات أفريقية كانت أم عربية.

2

لم يَكتفِ هلال السودان بقهر الأهلي المصري في معقله ووسط جماهيره بهدف (قلب الأسد) ريتشارد جاستن في العام 2004م، بيد أنّه لقّن مُنافسه المصري درساً لن ينساه في “المقبرة الزرقاء” مساء الأحد (19 أغسطس 2007) يوم أن سَطّرَ فُرسان هلال السودان ملحمة تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حَطّموا خلالها غُرُور حامل اللقب في ذلك الوقت وأجهزوا عليه بثلاثية في ليلة لا تزال مشاهدها عَالقةً في ذاكرة كل سُوداني وشِباك الحضري تستقبل الصاروخ تلو الصاروخ من رأس “داريو كان” ثم يسارية كرنقو، قبل أن يأتي مسك الختام من “قودوين” تتويجاً لأداءٍ هَزّ به الهلال الأرض بالطول والعرض تحت أقدام مُنافسه المُرتعشة من ضجيج مُدرّجات تغلي كالمرجل.

3

مئات البوستات والتغريدات تَضج بها مواقع التّواصُل الاجتماعي.. مساحات مهولة للتناوُل في القنوات، الإذاعات والصحف بشقيها الورقي الإلكتروني، اهتمام عابر للقارات، تصريحات، رهانات، وخُرُوج محدود ومذموم عن النص يصل بأجواء ما قبل اللقاء لتهديدات تم احتواؤها سريعاً، مَشَاهِد تبدو مُعتادة قبل كُلِّ مُواجهة تجمع هلال السودان بأهلي مصر، فما بالك ولقاء اليوم مُفترق طُرق تمنح نتيجته (بنسبة كبيرة) تأشيرة خروج للخاسر وبطاقة عُبُور لربع نهائي أبطال أفريقيا للفائز.

4

عطفاً على تلك الأجواء، لن يكون غريباً أن تُشير نشرة أحوال طقس هذا اليوم لدرجات حرارة مُرتفعة تزداد على غير العَادة في الفترة المَسائية، مع بدء العد التّنازُلي لصافرة انطلاقة ديربي وادي النيل، في يومٍ ينتظر أن تشهد فيه حركة السير نحو العاصمة الوطنية أم درمان ازدحاماً فوق العادة، لأنّ كل الطرق هذا المساء ستقود إلى (الجوهرة الزرقاء) مع مشهدٍ مُعتادِ ستتّسم به الطرقات يجمع بين ضجيج أبواق السّيّارات ورفرفة الرايات التي لن تكتسي بأيِّ حالٍ باللون الأزرق فحسب أو الأبيض، طالما أنّ رفاق “الشعلة” و”الضي” يحملون أمل السودان الذي تلتف خلفه كل الألوان للتواجُد في ربع نهائي أبطال أفريقيا.

5

حينما تُشير عقارب الساعة للتاسعة مساء اليوم، تتّجه كل الأنظار إلى الجوهرة الزرقاء، وتتوقّف الكلمات لتتحدّث المُدرّجات ورسالة (الصيحة) في هذا اليوم أن قاتلوا للنصر، فإن كان التوفيق حليفكم، كَانَت الأفراح والليالي الملاح، وإن شاءت إرادة الله غَير ذلك فانتصروا للرُّوح الرياضية واعكسوا للعالم صورةً زاهيةً عن الوعي السوداني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى