بالمُستندات.. (الصيحة) تكشف تفاصيل أزمة ثلاثية الأبعاد

(الخرطوم الوطني).. (ريشموند) و(المريخ)

بالمُستندات.. (الصيحة) تكشف تفاصيل أزمة ثلاثية الأبعاد

(الاتحاد السوداني) يعتمد الغاني لاعباً للمريخ.. الوطني يترقّب قول (فيفا) واللاعب يتظلم من خطوة (إدارة الأجانب)

تعديل (الروزنامة المحلية) صنع الأزمة.. العقد وصفحة الخرطوم الرسمية يُشيران إلى (موسم) والإدارة تصر على (عام)

الصيحة: ناصر بابكر

تابع الشارع الرياضي، الأزمة التي أثارت وما زالت جدلاً واسعاً في الأوساط الكروية خلال الأيام الفائتة بعد تعاقُد المريخ مع اللاعب السابق لنادي الخرطوم الوطني المهاجم الغاني أنطوي ريشموند.. حيث أشارت بعض وسائل الإعلام لتوعُّد مسؤولي الخرطوم بإبطال الصفقة بسبب قضية معلقة بين النادي والمهاجم الغاني بعد تقدُّم الوطني في وقتٍ سابقٍ بشكوى ضد ريشموند للجنة شؤون اللاعبين غير الهواة بالاتحاد الدولي (فيفا).. وأخذت القضية بُعداً آخَرَ بَعد رفض إدارة الجوازات والهجرة استخراج إقامة وتصريح عمل للمهاجم الغاني بعد تقدُّم المريخ بطلبٍ لهذا الأمر على ضوء عدم امتلاك اللاعب خلو طرف من مخدمه السابق (نادي الخرطوم).. (الصيحة) تحصلت على التفاصيل الكاملة لتلك القضية بالمستندات مثلما تتابعون عبر المساحة التالية:

تحويل الروزنامة

حتى العام (2018)، كان الموسم الكروي في السودان يلعب بنظام (العام)، حيث ينطلق التنافُس في شهر (يناير أو فبراير) وينتهي في شهر (أكتوبر أو نوفمبر) من كل عامٍ.. غير أن التغييرات التي أحدثها الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) على بطولاته القارية وتحويلها من نظام العام لتُلعب بنظام (الموسم) على غرار النظام الأوروبي بحيث تبدأ البطولات في (أغسطس وتنتهي في شهر مايو من العام التالي)، ألزم كل الاتحادات الوطنية المنضوية تحت لوائه لتحويل روزنامة بطولاتها المحلية لتُواكب ما صنعه (كاف).. ومن هنا بدأت أزمة كبيرة في الكرة السودانية بين اللاعبين وأنديتهم.. فبعد أن انتهى موسم 2018 في شهر (أكتوبر) كما هو مُعتاد، مُنحت راحة قصيرة للأندية، ثم بدأ الموسم الجديد (2018 – 2019) في شهر نوفمبر 2018 وانتهى في (يوليو 2019)، مع العلم أنّ تلك النسختين من مسابقة (الممتاز) أُقيمتا بنظام المجموعات لتقليل الزمن تمهيداً لمُواكبة موسم (كاف) اعتباراً من الموسم الحالي (2019 – 2020) الذي انطلق في أغسطس ويفترض أن ينتهي خواتيم مايو.. ذاك التحوُّل صنع عدداً كبيراً من الأزمات بين اللاعبين وأنديتهم، حيث لم يكن توقيع العقودات لمدة (موسم أو عام) يُسبِّب أزمة لأنّ مواعيد بداية ونهاية كل موسم كانت معروفة والمُنافسات في الأصل تُلعب بنظام (العام)، وبالتالي كانت العقودات تنتهي مع مواعيد فترات التسجيلات.. غير أنّ تلك المُستجدات صنعت ربكة كبيرة وقادات لأزمات عدة من بينها أزمة ريشموند الحالية.

الغاني في الخرطوم

على غير العَادة، انطلقت أول فترة تسجيلات بعد بداية تدشين تعديل الروزنامة المحلية في أكتوبر 2018، حيث تعاقد الخرطوم الوطني يوم (18 أكتوبر 2018) مع المهاجم الغاني انطوي ريشموند اللاعب السابق لفريق (تيما الغاني) بتوصية من المدرب الغاني برنس أوسو المدير الفني للوطني في ذلك الوقت.. وبالفعل شارك المهاجم الشاب مع الوطني في موسم (2018 – 2019) الذي انطلق في (نوفمبر 2018) حتى نهايته في يوليو (2019) وكان الغاني حاضراً في توليفة فريقه حتى المباراة قبل الأخيرة في ذاك الموسم أمام هلال الأبيض يوم (3 يوليو) التي شهدت طرده بالورقة الحمراء ليغيب عن آخر مُباراة للخرطوم الوطني أمام الشرطة القضارف بداعي الإيقاف، مع العلم أن ريشموند تُوِّج هدافاً لتلك النسخة من البطولة برصيد (13 هدفاً).

بداية الأزمة

بعد نهاية موسم (2018 – 2019) وفي يوليو 2019، غادر الغاني ريشموند إلى بلاده ولم يعد منذ ذلك الوقت إلا مؤخراً بعد تعاقده مع المريخ ليغيب عن الخرطوم الوطني في النصف الأول من الموسم الحالي (2019 – 2020) وهو الموسم الذي بدأ في شهر (أغسطس 2019)، ووقتها ظَنّ كثيرون أنّ تَوَاجُد اللاعب ببلاده وعدم عودته مرده نهاية عقده مع الخرطوم بنهاية الموسم السابق.

الخرطوم يشكو

بتاريخ (الثاني من سبتمبر 2019)، أعلن نادي الخرطوم الوطني وعبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تقدُّمه بشكوى رسمية ضد المُهاجم الغاني ريشموند للجنة شؤون اللاعبين غير الهواة بالاتحاد الدولي (فيفا)، مُتّهماً فيها اللاعب بخرق عقده مع النادي وحصوله على إذن للسفر إلى بلاده في (يوليو) وعدم إيفائه بالتزامه في العودة لمُواصلة مشواره مع النادي في الموسم الجديد رغم أن عقده بحسب شكوى الخرطوم يستمر حتى شهر (أكتوبر 2019).

تطورات جديدة

وكإجراءٍ طبيعي في تلك الحالات، قام (فيفا) بمُخاطبة اللاعب الغاني للرد على الشكوى المُقدّمة ضده من نادي الخرطوم الوطني، وكان رد اللاعب بحسب ما تَحَصّلت عليه (الصيحة) أنّ عقده مع النادي انتهى بنهاية المُوسم الذي خَاضَهُ.. بعدها قام (فيفا) بحسب إعلان نادي الخرطوم الوطني بمُخاطبة نادي الخرطوم يوم (28 أكتوبر 2019) طالباً تقديم النادي لمستندات تدعم موقفه وتثبت صحة شكواه، مَانحاً النادي فرصة عشرة أيام لإرسال المستندات.. وبالفعل أكد مسؤولو الخرطوم أنّهم ردُّوا على خطاب (فيفا) وقاموا بإرسال المستندات المطلوبة، وأشاروا عبر (الصفحة الرسمية) أنّهم خاطبوا لجنة أوضاع اللاعبين بالاتحاد السوداني لإيقاف نقل اللاعب عبر (السيستم).

ريشموند في المريخ

مشكلة ريشموند أخذت بُعداً آخَرَ، بعد دخول طرفٍ ثالثٍ في القضية وذلك بعد أن أعلن المريخ في العاشر من يناير 2020 تعاقده مع المهاجم الغاني إبان فترة الانتقالات التكميلية الأخيرة بعقد لمدة عام، ليتفجّر جدلٌ كثيفٌ في وسائل الإعلام في ظل تأكيدات من بعض الأطراف لعدم اعتماد التعاقد، وإشارات أخرى لمصادر في الخرطوم الوطني توعّدت بإيقاف الصفقة استناداً لقضية النادي المُقَدّمة ضد اللاعب مع تصريحات يُطالب فيه مسؤولو الوطني بتعويض مادي نظر الفترة المتبقية من عقد ريشموند مع النادي وهي أشهر (أغسطس، سبتمبر وأكتوبر) مُقابل السماح له باللعب للمريخ، في وقتٍ أَكّدَ فيه مسؤولو المريخ صحة التعاقُد مع اللاعب واكتمال إجراءات ضمه بصورة رسمية في كشوفات النادي.

العقد والصفحة الرسمية والتصريح!

تحصلت (الصيحة) على صورة من عقد ريشموند مع الخرطوم الوطني، ويُشير العقد في المادة (9) بحسب الصورة التي تَحَصّلَت عليها (الصيحة) لأنّ عقد اللاعب مع ناديه اعتباراً من تاريخ (24/10/2018) وينتهي بنهاية الموسم في العام (2019) مع العلم أن الموسم إنتهي كم أشرنا في (يوليو 2019) ليبدأ موسم جديد في (أغسطس 2019).. وبحسب ما تَحَصَّلَت عليه (الصيحة)، فإنّ الصفحة الرسمية لنادي الخرطوم الوطني بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وإبان التعاقد مع اللاعب نَشَرَت خبر التعاقُد مع الغاني قالت فيه (انطوي ريشموند مُهاجم فريق تيما الغاني يوقِّع عقد احتراف “لموسم”) مع نشر صورة للاعب إثناء توقيعه للعقد.. غير أنّ (الصيحة) تَحَصّلَت في الوقت ذاته على حوار قديم أجراه موقع (كووورة) مع المهاجم الغاني بتاريخ (27 يوليو 2019) بعد نهاية موسمه مع الخرطوم أجاب فيه على سؤال حول مستقبله مع النادي بالقول (عملت أنّ الناديين الكبيرين في السودان طلبا خدماتي وأنا سعيدٌ بذلك، لكني سأبقي مع الخرطوم حتى نهاية عقده في أكتوبر المقبل وبعدها سأتخذ قراري).

أزمة الإقامة

على الرغم من أنّ المريخ نجح في استخراج إصدار تأشيرة دخول لمهاجمه الغاني ريشموند الضمان فيها هو (نادي المريخ).. إلا أن مساعي النادي لاستخراج إقامة للاعبه الجديد لم تنجح في ظل تمسك (إدارة شؤون الأجانب بالجوازات والهجرة) بتقديم اللاعب لخطاب خلو طرف من مخدمه السابق وهو (نادي الخرطوم الوطني) الذي يتمسّك بعدم منح اللاعب هذا الخطاب باعتبار أن للنادي حقوقاً لدى اللاعب.

ريشموند يتظلّم

وبحسب ما تَحَصّلَت عليه (الصيحة)، فإنّ الغاني ريشموند تقدم بتظلُّم لإدارة الأجانب من تأخر استخراج الإقامة الخاصة به والتي تُعتبر شرطاً من شروط الاتحاد السوداني ليسمح للاعب بالمشاركة مع فريقه، مُعتبراً أن عدم استخراج الإقامة يسبب له ضرراً بالغاً ويحرمه من ممارسة عمله.. وأشار اللاعب في التظلم لأنّ اعتماد الاتحاد السوداني لتعاقده مع ناديه الجديد (المريخ) يؤكد أنه أوفى بالتزاماته كافة تجاه ناديه السابق، وأوضح ريشموند في التظلُّم أنّ عقده مع ناديه السابق (الخرطوم الوطني) انتهى بنهاية الموسم السابق في شهر (يوليو 2019)، طالباً برفع وإزالة الضرر عنه، مشيراً لأنه لا دخل له في الإجراءات التي يتّخذها نادي الخرطوم الوطني منفرداً (في إشارة لشكوى الخرطوم الوطني لفيفا).

طريق مسدود

أزمة الإقامة، دفعت مسؤولين من مجلس المريخ للتواصل مع بعض قيادات الخرطوم الوطني في مُحاولة لحل ودي لأزمة اللاعب لمنحه (خلو طرف) حتى تستكمل إجراءات الإقامة، وبحسب ما تَحَصّلَت عليه (الصيحة) أشترط نادي الخرطوم الوطني الحُصُول على مقابل يتجاوز خمسة آلاف دولار فيما أبدى مسؤولو المريخ مُوافقة مبدئية على التوصُّل لتسوية شريطة أن تتم التسوية بين نادي الخرطوم وريشموند وبعدها يتكفّل المريخ بدفع المبلغ الذي يتّفق عليه الطرفان شريطة موافقة الغاني على الخطوة لأنّ اللاعب يتمسّك بأن لا حقوق متأخرة لنادي الخرطوم عليه، وأن عقده مع النادي انتهى في يوليو 2019 بنهاية الموسم، وهو ما دفع مسؤولي المريخ لمطالبة قيادات الوطني بالاستمرار في المسار القانوني عبر شكوى “فيفا” ومنح اللاعب خلو الطرف لإدارة الجوازات والهجرة لاستكمال إجراءات الإقامة وهو الطلب الذي رفضه نادي الخرطوم لتصل المفاوضات الى طريق مسدود.

مسار جديد وتساؤلات

بحسب ما تَحَصّلَت عليه (الصيحة)، فإنّ مسؤولين في المريخ يرون أن خطوة تعطيل استخراج الإقامة للاعب رغم استخراج تأشيرة دخول لريشموند باسم (نادي المريخ) إجراء غير سليم، وأن الخلاف بين اللاعب وناديه السابق لا يفترض أن يكون سبباً في تعطيل الإقامة، لأنّ الخلاف بين الخرطوم الوطني وريشموند مكانه الاتحاد السوداني لكرة القدم والاتحاد الدولي للعبة (فيفا) وهي الجهات التي تملك سلطة الحكم في تلك القضية وتوضح صاحب الحق وهي الجهة التي تملك سلطة إيقاف ريشموند عن مُزاولة نشاطه أو تغريمه مالياً لصالح ناديه السابق حال حَكَمَت تلك الجهات لصالح الخرطوم الوطني في شكواه.. ويعتقد مسؤولون بالمريخ أنّ إدارة الجوازات والهجرة ينبغي أن تستخرج إقامة للاعب طالما أنّ نادي المريخ أبرز مُستندات تُوضِّح تعاقُده مع الغاني واعتماد الاتحاد السوداني للتعاقُد، وبالتالي بات ريشموند رسمياً وباعتماد الجهة المسؤولة عن النشاط الكروي في السودان لاعباً بالمريخ وطالما تم استخراج تأشيرات دخول للاعب باسم (نادي المريخ).

وتفيد مُتابعات (الصيحة) بأنّ المريخ سيسلك طريقاً جديداً لاستخراج إقامة للاعبه بتقديم خطاب ضمان لـ(إدارة الجوازات والهجرة.. دائرة شؤون الأجانب) بتكفُّل النادي بسداد أيِّ مبالغ مطلوبة من اللاعب حال ثبت أنّ لمخدمه السابق حقوقاً لدى ريشموند، ويرى مسؤولو المريخ أن تلك الخطوة ستكون كفيلة بإنهاء أزمة الإقامة.

بين “فيفا” ودائرة الأجانب

بعد مُرُور أسبوعين بالتمام والكمال على تعاقُد المريخ مع لاعبه الغاني، ما زالت الصورة غامضة بشأن مصير اللاعب الذي تَحَصّلَت (الصيحة) على مُستندٍ يثبت اكتمال تعاقُده رسمياً مع المريخ واعتماده لاعباً للنادي واستخراج شهادة نقله المحلية، غير أنّ مُشاركته مع الأحمر في المنافسات المختلفة ستتوقّف على استخراج إقامة له كما يشترط الاتحاد السوداني، وهو ما يتطلب حسم مسألة المريخ مع دائرة شؤون الأجانب بإدارة الجوازات والهجرة لاستخراج الإقامة، وهو مَلفٌ يُمكن أن يشهد تطوُّرات مُثيرة حال لم تنجح مُحاولة المريخ القادمة لإنجازه عبر خطاب ضمان، كما تبقى الصورة غامضة بشأن قضية ريشموند مع ناديه السابق حول حقيقة عقده مع الخرطوم الوطني وهي القضية التي ينتظر أن يفصل فيها الاتحاد الدولي في الأيام القادمة بالبت في شكوى النادي ضد لاعبه السابق وهو القرار الذي يترقّبه الشارع الرياضي لوضع حدٍّ للجدل الذي يدور حول حقيقة مدة تعاقُد الوطني مع انطوي ما بين (موسم) و(عام).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى