حكومة حمدوك.. تحديات السياسة والأمن والاقتصاد!!!

ما هي وكيف ستتجاوزها؟

 

الساعوري: من التحديات السياسية الخلافات وعدم وضوح الرؤية للفترة الانتقالية

خبير أمني وإستراتيجي: يجب إعادة الثقة للمواطن السوداني في النواحي الأمنية من خلال القانون

خبير اقتصادي: التضخم كان عَرضَاً فأصبح مَرضَاً وعلاجه صعب

الخرطوم: هويدا حمزة

مع خواتيم 2019 ومطلع 2020، احتفل الشعب السوداني مع حكومة الفترة الانتقالية بمرور عام على ثورة ديسمبر الشبابية التي اقتلعت النظام البائد. مظاهر الاحتفال بالتغيير التي انتظمت البلاد لم تُنسِ الشارع العام الأسباب التي أدت للانتفاضة نفسها، والتي لم تكن سياسية بالمقام الأول بقدر ما كانت اقتصادية أو معيشية بسيطة، تمثلت في رغيف الفطور بإحدى المدارس، ومن ثم فإن الحكومة  الحالية تواجه تحدّي توفير ذلك الخبز الذي يقول البعض إن الحصول عليه أصبح أصعب من ذي قبل بدليل الصفوف التي أصبح الناس يقضون فيها سحابة يومهم وبقيته في صفوف الوقود، تجاوز التحدي الاقتصادي بنجاح كفيل بتجاوز التحديات الأخرى التي تواجه والتي ستواجه حكومة الفترة الانتقالية سياسية وأمنية وغيرها التي نتطرق إليها في ثنايا هذه الورقة مع مختصين.

تحديات سياسية

التحديات السياسية التي تواجهها حكومة حمدوك يسردها لـ”الصيحة” المحلل السياسي بروفيسور حسن الساعوري ويقسمها إلى جزئين  أولهما الاختلافات المبدئية بين قوى الحرية والتغيير، الاختلافات حول السياسات، الاختلافات حول العلاقات التنظيمية، الاختلافات حول الوسائل الإنتاجية، الاختلافات حول المسائل العالقة مع النظام البائد، تبعات التنازل للحركات المسلحة.

أما الجزء الثاني منها فيتمثل في الخلافات المعلنة وغير المعلنة مع المكون العسكري، غياب آلية مشتركة لاتخاذ القرار، عدم وضوح الرؤية للفترة الانتقالية، وهناك من يطالب الآن بتمديدها، التحدي الأخير هو تحدي الشارع، فالشارع عندما خرج لم يخرج من أجل هذه الحكومة، بل خرج لمشاكل اقتصادية ويمكن أن يخرج مرة أخرى لأن الدولار وصل 97 جنيهاً وقد يتجاوزها للمائة، هنالك تحدٍّ اجتماعي خطير لو لم يتجاوزوه فسيشكل مهدداً للحكومة ألا وهو البطالة، فكل العطالى ساندوا حكومة حمدوك، فإذا لم يستوعبوهم فسيخرجون من المساندة إلى المعارضة، وستكون هنالك نتائج اجتماعية عكسية، فالعاطل لا يستطيع أن ينشئ بيتاً، وهذا يعني وجود مشكلة، فإذا العطالى استمروا  4 أجيال  مع بعض فسيكون لدينا فاقد اجتماعي لهذه الأجيال .

*هل يمكن أن يضع  الساعوري خارطة طريق لتجاوز التحديات السياسية التي سردها آنفاً؟

يجيب الساعوري بأن خارطة الطريق الوحيدة التي يمكن أن تنقذ السودان هي الاتفاق على آلية مشتركة دون أن يختلف مكون من مكونات الحكومة مع الآخر، هؤلاء الناس حتى الآن ليس لديهم جهاز مشترك يصدر قراراً ملزماً للجميع، ودون وجود هذه الآلية ستظل المناورات والمناوشات مستمرة، هنالك تحدي أنصار هذه الحكومة هو تحدٍّ كبير وهو مسبب للجان المقاومة في الأحياء، وفي أماكن العمل، هذه اللجان في الغالب  ليس لديها ما يوجهها، ليس هنالك عمل تنظيمي منضبط يوجهها.

الاقتصاد أكبر التحديات

في الجانب الاقتصادي، هنالك تحديات كثيرة الآن، يمكن أن تواجه هذه الحكومة وتهدد استقرارها، لأن المشكلة الكبيرة التي اقتلعت نظام الإنقاذ لم تكن مشكلة سياسية بقدر ما كانت اقتصادية، فإذا تعافى الاقتصاد تعافت السياسة أو هكذا يقول خبراء الاقتصاد، ومنهم دكتور يوسف خميس أبو رفاس الذي تحدث لـ”الصيحة” بإيجاز عن التحديات الاقتصادية التي تواجه حكومة حمدوك أولها مشكلة الإنتاج وتدني الإنتاجية، إضافة لرفع الدعم وإلغاء الدعم، فالسياسة المالية بالنسبة للدولة بها  طريقتان وكل واحدة لديها معارضون، ثالثاً مشكلة التضخم وارتفاع الأسعار، وهذا ناتج عن مشكلة تدني الإنتاج، لأن التضخم ليس مشكلة في حد ذاته، بل  عرض لمرض آخر، وبدلًا من أن يكون عرضاً يصبح مشكلة في حد ذاته، ويحتاج لعلاج، إضافة للدعم الخارجي،  فإذا وجدنا دعماً خارجياً يمكن أن يعالج كثيراً من المشاكل، ولكن توقف الدعم الخارجي مشكلة موجودة ويحتاج لمعالجة سواء كان من الدول العربية أو المنظمات الدولية أو الدول الأوربية، أيضاً عدم الاستقرار الموجود في البلد يمكن أن يؤثر على جذب الاستثمارات حسب أبو رفاس فاستقرار السياسة يؤدي لاستقرار الاقتصاد ويمكن أن يؤدي لجذب مزيد من الاستثمارات .

خارطة الطريق  التي رسمها أبو رفاس لحمدوك لتجاوز الإشكالات الاقتصادية تتمثل في رسم خطة محكمة لمعالجة القضايا السياسية، وهذه يمكن أن تعالج كثيراً من القضايا الاقتصادية.

تحديات أمنية جسيمة

عدم الاستقرار السياسي الحالي هو أحد التحديات الأمنية الكبيرة، أحد التحديات الكبيرة التي تواجه حمدوك زائداً التحديات الأمنية الخارجية، الآن الحكومة اهتمامها داخلي وحتى التحديات الداخلية لم تستطع السيطرة عليها سيطرة تامة، إضافة للتحديات الخارجية وما يحدث من تحولات إقليمية حولنا، وما يحدث في حلايب وشلاتين وإنشاء قاعدة عسكرية مصرية، وهذه من التحديات الكبيرة للأمن السوداني حسب الخبير الأمني والإستراتيجي حسن دنقس الذي دلف أيضاً للتحديات التي تواجه السودان مع إثيوبيا في أراضي الفشقة فإلى الآن لم يتم الحديث حولها بسبب عدم استقرارنا، زائداً تداعيات اتفاقيات الدول المطلة على ساحل البحر الأحمر.  ويضيف دنقس في حديثه لـ”الصيحة”: (في فترة من الفترات  كان هنالك ولوج كبير إلى البحر الأحمر من دول معروفة من خلال الصيد الجائر أو في المياه الإقليمية السودانية، لكن الواضح الآن أن هذه الحكومة ليس لديها استعداد للدخول في مفاوضات فيما يتعلق بحلايب أو مع أثيوبيا أو بخصوص المياه الإقليمية، لذلك يجب العمل على ضبط هيبة الدولة على المستويات المختلفة).

ويتحدث دنقس عن  فراغ دستوري كبير بسبب غياب المجلس التشريعي وتحويل سلطاته لمجلسي الوزراء والسيادة، لأن المجلس التشريعي منوط به مراقبة المسألة القانونية والتشريعية والإدارية، هنالك عدم استقرار في الجوانب السياسية من فرض الأمن بصورة كبيرة جداً وحتى التحديات الأمنية المصاحبة لحل هيئة العمليات زعزعت ثقة المواطن في الجهات الأمنية لذلك يجب إعادة الثقة للمواطن السوداني في النواحي الأمنية من خلال القانون .

خلايا نائمة

حل هيئة العمليات والعداء المتبادل بين الهيئة والحكومة مؤكد أن له أثراً في زعزعة الاستقرار الأمني، وهناك من يقول إن الحكومة كان يجب أن تستقطب الهيئة بدلًا من معاداتها لأنها يمكن أن تشكل خلايا نائمة إضافة لأنها تمتلك كل الملفات التي يمكن أن تساعد الحكومة في مسيرتها السياسية والأمنية.

يؤمن دنقس على أن الحكومة أخطأت في التعامل مع جهاز الأمن أو المخابرات العامة بصورة كبيرة، ويعزو هذا الخطأ لقلة الخبرة الإدارية للدولة، ويضيف: (أي دولة بلا أمن تعتبر مكشوفة، وكان يجب التعامل معها رويدًا رويداً والعمل على تغيير العقيدة العسكرية بمزيد  من التربية العسكرية شأنه شأن العقائد العسكرية الأخرى  لكن التعامل الذي تم مع هيئة العمليات كان خصماً وليس إضافة للفترة الانتقالية وأدى لتأجيج الصراع بصورة كبيرة مما أدى للاستعانة بضباط الاستخبارات العسكرية في جهاز الأمن، وهذا إن دل إنما يدل على فقدان الثقة بين المجلس العسكري وحكومة الفترة الانتقالية وجهاز المخابرات العامة، وهذا من صنع أنفسهم، فلذلك المرحلة القدمة ستكون حرجة جداً لأنهم فقدوا أكثر من 13 ألف عسكري من هيئة العمليات، وهنا لابد من التساؤل حول أوضاعهم المستقبلية وهل تدريبهم العالي سيؤثر على الوضع الراهن إذا ما تم استغلالهم من أي جهة أخرى)؟

ويُلخص دنقس حديثه بأنه لابد للقرارات أن تبنى من خلال إستراتيجية تنظر في مآلاتها قبل اتخاذها على كافة المستويات،  والخلاصة أننا ما زلنا نعاني من صنع القرار.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى