احذروا الفتن! 

لا يُخفَى على أحدٍ الأوضاع المعيشية القاسية التي يَمُر بها الشعب السوداني في الآونة الأخيرة أكثر من ثلاث سنوات، وحتى الآن مُعاناة المُواطن البسيط لا يعلم بها إلا الله، مُعاناة في المُواصلات، ومُعاناة في صُفُوف الخُبز، وارتفاع جنوني في أسعار الأدوية والسلع الضرورية، وفوق ذلك، فتن قبلية، وفتن سياسية، وفتن عسكرية.. الله المستعان.

الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً….. الآية الآنفال). والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (سَتَكُونُ فِتَنٌ ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي ، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ) رواه البخاري ومسلم. 

لا شك أنّ الفتنة التي حدثت مُؤخّراً بين قوة جهاز الأمن هيئة العمليات والتي راح ضحيتها عددٌ من المُواطنين العُزّل لا تشبه سلوكنا وسماحة أخلاقنا كسودانيين. لا ينبغي على المظلوم أن يأخذ حقه بيده مهما كان ظلمه، ينبغي أن يرفع ظلمه للجهات العدلية. وبهذه الصورة التي حدثت مُؤخّراً نثبت للعالم بأننا شعب همجي، ومتخلف، بعد أن امتدحنا كثير من الناس في العالم أيام الثورة التي مرت بسلام. أو بأقل خسارة. وصفونا بأننا شعبٌ مُتحضِّرٌ ويتمتّع بوعي عالِ، أخرج بلاده من فتنة التغيير بسلامٍ. وكثير من الناس خصوصاً فئات الشباب لا يعرف التعامُل مع الفتن، إذا وقعت فتنة في البلاد لا سمح الله يسارع بنشر الشائعات والأكاذيب في مواقع التواصل الاجتماعي ويكتب ما يريد أن يكتبه، وينشر صوراً لعددٍ من الأشخاص يزعم أنّهم من أهل الفتنة، ثم ينشر صور بعض المسؤولين ويكتب تعليق ما يشاء أن يكتب دون أي وازع. الذي يساعد في انتشار الفتن في تقديري أخطر من الفتن لأنّها قد تمتد الفتنة بسبب الشائعات وتصنع مثيلاتها.

يقول الإمام بن الجوزي: في صيد الخاطر: من قارب الفتنة بَعُدت عنه السلامة. ومن ادّعى الصبر وكل إليه رب نظرة لم تناظر. وأحق الأشياء بالضبط والقهر في أيام الفتن اللسان والعين كلام يحتاج لشرحٍ طويل من الإمام بن الجوزي لا تتّسع له هذه المساحة. فلذلك ينبغي للإنسان أن يتقي الله عند ظهور الفتن لأنّها متتالية ومُتعاظمة وإنها مهلكة، وتفرِّق بين الجماعات وتحدث الخوف بعد الأمن، والضعف بعد القوة، والاضطراب بعد السكينة. ثم تميِّز المؤمن القوي عن المؤمن الضعيف.

وعلى السلطات القائمة على أمر البلاد لا بُدّ من إقامة العدل بين الناس وإظهار هيبة الدولة.

لذلك، أناشد من هذه المساحة، كل العقلاء في بلادنا ورجال الدين والسياسيين أن يتّقوا الله في هذه البلاد المأزومة. وأن يعملوا على جمع الصف ونبذ الفُرقة والشتات والخلافات مهما كانت ولا يصح أن تُؤخذ بالأيدي. هذا مسلك وقيم العواقب لأن البلاد الآن تمر بمرحلةٍ صعبةٍ لم يسبق لها مثيلٌ لا تتحمّل أكثر من ذلك.

نسأل الله تعالى أن يُجنِّبنا الفتن ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ وأن يهدنا إلى سواء السبيل إنه جواد كريم.

إبراهيم مُحمّد إبراهيم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى