رجـلٌ شـغـلـته السـلـطة

سألنى أحد الذين انشغلوا بالسلطة زمناً، حيث تقلب في نعيمها، وتمتع بامتيازاتها، وكان محور سؤاله يدور حول الدوافع التي تدعو بعض النَّاس إلى طلب السلطة، وهو الذي يعرفها بحكم ما كان يداعب خياله، ويضغط على نسيجه النفسي بضرورة اعتلاء عرشها، والتحكم في عجلة قيادتها .

*  ولقد أجبت الرجل، إجابة أوضحت له، أن الذي سأل هو الأعلم بالإجابة الشافية، ولا داعي أن أضيف إضافة لا معنى لها أمام قول الخبراء والعارفين ومن جربوا، فالتجربة هي التي تقود نحو النتائج الصحيحة، والحقائق الواضحة مما لا يقبل المراء .

*  ووفقاً لما ذكره السائل، وبناء على تجربته المديدة في أروقة السلطة، ومراكز اتخاذ القرار، والتحكم في السياسات التي يتعلق جزء منها كبير بقضايا النَّاس، بأنه لم يقصد بسؤاله الحصول على إجابات، وإنما كان السؤال تذكيراً لمن لم ينل سلطة،  أو ذاك الذي يجعلها هدفاً لحياته، ومحطة نهائية لدراسته، وجهده الذي يبذله في المجتمع، تذكيراً لهم جميعاً بحصيلة تجربة، كانت خلاصتها تشير إلى أن طالب السلطة، لا يتذوق طعماً للسعادة، ولا راحة في البال، ويبقى همه الأول والأخير الشعور بأنه يمسك بأعنة السلطة، ويملك اتخاذ القرار .

*  وعندما تتهدد سلطته عناصر ظاهرة أو خفية يفقد الذي لا يتنفس إلا فى موضع السلطة صوابه، ويخرج من طوره ولا يدخر أى جهدٍ أو قوة في سبيل مقاومة من يريد نزع السلطة منه أو أخذها بالقوة .

*  والمبتلون بحب السلطة  لا يترددون في سبيل بقاء سلطتهم  واستمرار استبدادهم  أن يشعلوها حرباً ضد المعارضين  حتى وإن كانوا شعباً بأكمله، وإثر ذلك تسيل الدماء وتزهق الأرواح، دون أن يكون لها في حساب طلاب السلطة أدنى تقدير  أو قليل من الاعتبار .

*  ومن الخصائص العجيـبة لطلاب السلطة  أنهم لا يجاملون أحداً إذا رأى غير رأيهم  أو سار خلافاً لمشيئتهم، فهم يؤمنون بأن البطش  والتنكيل لمن يخالفونهم هو السبيل الوحيد لتظل السلطة في أيديهم، وأن أي تنازل  أو مشاركة للآخرين تعني أن الأمر سينفلت، ومركز السلطة سيتصدع، لذلك نجد أن الكثير من الذين تعودوا على هذه السلطة، لا يقبلون معارضة ويستخفون بمطالبات الأفراد والجماعات، وليس لديهم مانعٌ أن يطأوا كل الشعب دوساً بالأقدام .

*  ويكفى أن نشاهد ما يحدث من حولنا في ليبيا، وسوريا واليمن، لنتعرف على سوء السلطة، وسوء طالبيها مما يكشف عنه ما نراه من واقعٍ حزين .

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى