Site icon صحيفة الصيحة

بصات الوالي.. تكرار سيناريوهات الخُردة

 

مصدر بشركة المواصلات: ستُسهم بـ30% فقط من الحل

مسؤول سعودي: أوقفناها من مهام الحج لعدم مطابقتها للمواصفات

خبير دولي: لهذا السبب (….) عرضتُ عليهم جلبها مجاناً

 

لم يستفد النظام السابق من تجربة مواصلات ولاية الخرطوم التي عرفت بـ(بص الوالي ) أخضر اللون  التي استجلبت لحل ضائقة المواصلات، ولكنها أصبحت في نفسها أزمة، حيث تحولت لخُرد وانتهى مصيرها إلى التشليع وتناثرت جثثها في مختلف أنحاء العاصمة. ذات النظام بدأ قبل عامين في إجراءات استيراد بصات من السعودية وقطر، ولكن لم تسعفه الأيام ليشهد تدشينها، ولكن حكومة الفترة الانتقالية هي من قام باستلامها كـ(خير خلف لخير سلف)، غير أن تلك البصات لا تبدو حسب مصادر هذا التحقيق أفضل من سابقاتها، إن لم تكن أسوأ لاعتبارات سترد خلال هذا التحقيق، إلا أن أكثر المعلومات مرارة كانت منحة يعني مجاناً إلا أنها تحولت بقدرة قادر إلى صفقة باهظة التكاليف أو ربما (مأكلة )على الوجه الأرجح .

 

تحقيق: هويدا حمزة

 

والي الخرطوم الفريق ركن أحمد عبدون، أعلن في اجتماع لبحث معضلة المواصلات وسبل حلها عن انضمام (230) بصاً قادمة من السعودية وقطر لأسطول مواصلات الولاية، على أن تستقبل الولاية لاحقاً (390) بصاً من ذات الدولتين .

حال يغني عن السؤال

إذن ما هي أنواعها؟ أسعارها؟ حالتها الصحية؟ وبأي نسبة ستسهم في حل مشكلة المواصلات؟

اتصلت بالمدير المكلف للشركة مصطفى ضوينا ليجيب عن الأسئلة أعلاه، إلا أنه اعتذر بأنه في إجازة، ولا يستطيع التصريح، ولاحقاً علمت أنه تم إعفاؤه، ومن ثم تحدث للصيحة مصدر بشركة مواصلات الخرطوم عن تفاصيل البصات فبين أن العدد الموجود بالشركة كلها حوالي 700 بص قديمة وجديدة، الجديدة نوعان أحدهما من السعودية حوالي 300 والآخر من قطر 300، بصات السعودية وصل منها ما بين 100-150 بصاً، وبصات قطر وصل منها 80 بصاً ، والمتبقية في طريقها الآن. هناك 250 بصاً وهي لا تتجاوز الـ 10%  من مواعين النقل  العاملة في الولاية.

بالنسبة للبصات القديمة حوالي سبعة أنواع مختلفة دايوو الكورية موجودة بأم درمان، وأول بصات وصلت للشركة هي اليوتونغ (200 بص) والتي تعمل منها الآن لا يتجاوز الـ20 بصاً لدى الشركة  بصات مارسيدس كانت حوالي 100  تم التخلص منها، ويعمل منها الآن عدد محدود، هنالك 75 ميني بص (دونسينغ) تم شراؤها من شركة جياد قبل سنتين وأيضاً 100بص (الفاو) وهو منحة من الحكومة الصينية سنة 2014 ولكن أيضًا جودتها ضعيفة جداً الموجود منها لا يتجاوز الـ15، إجراء البصات السعودية القطرية تم منذ سنتين، وهي صفقتان 300 بص من قطر (صينية)، وصل منها 80 بصاً موديلها 2005 -2006 وهنالك بصات(آسيا)  من السعودية موديلها قديم إضافة إلى أن نظام الكلتش يدوي، وهذا يعني  أنه كثير التعطل، وهي بصات سريعة التلف وهي  قديمة، ولكن شكلها مجددة، استعمالها خفيف في موسم الحج فقط، ولكن أعطالها كثيرة، أما البصات القادمة من قطر فهي إلى حد كبير جيدة باعتبارها أوتوماتيك ولا عيب فيها سوى أنها تعمل باالتكييف لأنه ليس بها زجاج وبابها واحد ويبدو أنها كانت مصنوعة لترحيل طلاب، وفي الحالتين تلك البصات هي حل مؤقت لمشكلة المواصلات وكلها ستسهم بحوالي 30% من أزمة المواصلات بالولايةز

شبه مجانية

إذن لماذا ورطت  الحكومة نفسها باستيراد مثل هذه البصات؟ هل هي مجانية؟

يجيب مصدرنا:(هي  شبه مجانية فالبص القطري حسب معلوماتي بحوالي 1000 ريال قطري وكان الريال في ذلك الوقت بـ8 جنيهات يعني بـ80 ألف جنيه يعني سعر ركشة، وبصات السعودية بـ26 ألف ريال سعودي، نسبيا الأسعار في ذلك الوقت  قليلة.

ولكن لماذا نستورد بصات بهذه الحالة؟ لماذا تصبح بلدنا مقبرة لنفايات العالم  حتى لو كانت مجانية؟

يجيب محدثي : (بما أنها جاءت ونحن بحاجة إليها فلنحاول أن نبدع ونمشي حالنا بها لحين التخطيط لشراء بصات جديدة وصامدة).

مواصفات رديئة:

المهندس كمال الصادق مدير صيانة بشركة النقل العام الكويتية، رئيس قسم صيانة النقل الجماعي السعودي وعمليات الحج ورمضان بمنطقة مكة المكرمة، رئيس شعبة الصيانة في ورشة بلدية دبي له علاقة وطيدة بتلك البصات وقد بدأ حديثه للصيحة  بتفاصيل عن بصات بلدية دبي وعددها ١١٠بصات (اسكانيا) موديل٢٠٠١ إضافة لـ١٠٠ بص مرسيدس موديل٢٠٠٣.

يقول كمال إن تلك  البصات منذ وصولها كانت بحالة سيئة وماكيناتها معطلة وقد استوردها وزير الاستثمار الولائي وقتها أحمد الشايقي في ٢٠١٣ وكانت معروضة بسعر زهيد لأن غرض مواصلات دبي التخلص من تلك الباصات وليس الربح لأنهم اشتروا بصات جديدة والتخزين مشكلة بالنسبة لهم فقوانين البيئة في دبي صارمة جداً والعمر التشغيلي حسب قوانينهم لا يتجاوز العشر سنوات، ومن ثم فتلك  البصات أصبحت فاقدة الصلاحية، كما تم شراء الباصات بسعر غير المتفق عليه، ولكن لا أحد يستطيع أن يحدد السعر الحقيقى. وإذا  فرضنا أن البص بـ١٠ آلاف ريال، وكانت تعادل ٢٠٠ ألف جنيه سوداني يمكن دفع هذا المبلغ لشراء بص جديد بمواصفات فنية عالية لمدة عشر سنوات من غير مشاكل. لكن جاءت البصات والأسكانيا كلها تحولت لخرد أما المارسيدس فالعدد العامل منها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.

سؤال مُلِح؟

وهنا يأتى سؤال ليفرض نفسه أين عقد صيانة الأسكانيا مع التركي سيزار؟ وهل صحيح أن الحكومة عجزت عن سداد مديونيته التي تجاوزت الأربعة مليارات فعوضته عنها بمنحه الجنسية السودانية إضافة لبعض الأراضي في مواقع مميزة تحمل اسمه الآن؟

أوقفناها

بخصوص البصات السعودية والقطرية  حسب كمال فهي (آسيا موديل ٩٩ وفشلت في أداء مهام موسم الحج في السعودية لأنها فنياً غير مطابقة لبصات خدمة داخلية أو نقل. ويضيف (كتبت ذلك في تقرير أيام عملي كمدير لعمليات الحج ورئيس قسم الصيانة بالنقل الجماعي في منطقة مكة، كانت  كثيرة الأعطال مما يؤدي لزيادة زمن الرحلة وتكلفة التشغيل والصيانة ومن ثم أوقفناها عن العمل في خدمة النقل الترددي في موسم الحج، لأن الخدمة تتطلب كفاءة عالية.

أما بصات قطر فمواصفاتها أنها سفرية وليست مواصفات نقل داخلي. بالتالي تكلفة تشغيلها عالية جداً وهي  تعمل بنظام  التكييف فهى خالية من المنافذ فإذا توقف التكييف لأي سبب تصبح مشكلة.

شخصية نافذة

إذن،  فالبصات ستشكل عبئاً إضافياً على البلاد وعمرها التشغيلي لن يكون طويلاً وستعيد الدولة إلى خانة الصرف الزائد على قطع الغيار والبيئة، لأنها غير مطابقة للمواصفات البيئية، هذا فضلاً عن أنها ليست حلاً جذرياً لمشكلة المواصلات، وبالتالي كان أولى أسن توجه أموالها  لشراء بصات جديدة بمواصفات عملية حتى إذا كان كان العدد أقل لأنها  ستعمل 24 ساعة، حسب كمال الذي قال للصيحة إن  بصات دبي كانت معروضة لشخصية نافذة في قطاع النقل ولكن نسبة لفرق الموديل تم إدخالها بواسطة الحكومة.

أسئلة مهمة

كيف تحولت الصفقة للبصات القطرية من مجاني للسعر الحالي؟ وهل البصات السعودية بحالتها الحالية تستحق السعر الذي دفع فيها؟

مجاناً

المهندس عماد يوسف خبير نقل لأكثر من٣٨  سنة من مؤسسي  شركة المواصلات العامة في دبي وبعدها أبوظبي بحكم عضويته قي الاتحاد العالمي للمواصلات لديه علاقات متينة مع وزير النقل القطري جاسم  السليطي.

يقول عماد لـ(الصيحة) إن الحافلات القطرية (ملجنة) وكانت تقف بالعراء لفترة طويلة ولم يكن من الحكمة شراؤها خاصة أنه  عرض على وزير البنى التحتية وقتها دكتور خالد محمد خير ومعتمد الخرطوم محمد علي أبو شنب أن يجلبها مجاناً  ولكنهم لم يهتموا لأنه  لا ينتمي لأي جهة سياسية رغم أنني أحضرت لهم دراسات وهم من استدعوه فقدم استقالته، وحضر ولكنهم لم يأبهوا للأمر، ويردف:(كان بإمكاني جلب البصات مجاناً لو أعطوني صفة ولو مؤقتة، ولكنهم لم يفعلوا لأنني كنت أامثل الجانب القطري)، واستهجن محدثي شراء البصات بتلك الحالة وكان أولى أن يشترطوا استلامها بعد تأهيلها.

لعبة كبيرة

بخصوص أسعار البصات السعودية والقطرية، يقول عماد إنه لا يدري كم سعرها، ولكن البصات الإماراتية المارسيدس والاسكانيا كانت بـ٦٥ ألف ريال وباعوها لهم بـ٨٠ ألفاً للبص الواحد وقيل إنها وصلت السودان بعد أن بلغ سعرها ١٦٠ ألف درهم يعني هنالك فرق قرابة الـ٨٥ ألف درهم، ويردف عماد :(بصراحة المسألة حدثت فيها لعبة كبيرة جدًا فهذه البصات كنت مشرفاً عليها شخصياً عندما كنت أعمل في هيئة الطرق والمواصلاتRTA  ففوجئت بأنه أتى وفد وقام بشراء البصات وهي بالنسبة لنا كانت ملجنة وأوقفناها لنبيعها لأن قطع الغيار صارت غالية جداً ولم أتوقع أن نبيعها للوفد السوداني، وعندها ذهبت للمدير التنفيذي عيسى الدوسري وسألته: لماذا بعتم البصات للوفد السوداني وهي ملجنة؟ فأجأني بأنهم سيقومون بصيانتها وقد بعناها لهم بسعر زهيد جدًا وبالفعل أجروا لها إعادة تأهيل.

الزيت الراجع!

هنالك شركة اسمها ستارك أتت بكوادرها للسودان ودربو ا شركة مواصلات الخرطوم على موضوع التكييف وأعيد تأهيل جميع الماكينات والبودي والتكييف، لكن بعد أقل من شهر فوجئنا بأن كل البصات تعطلت وتم تشليحها (يشيلو من بص يودو لبص ويغيرون لها بالزيت الراجع تتصوري)؟

وحسب المهندس كمال يجب أن يستوردوا قطع غيار البصات القطرية وتصان في الوقت المحدد للصيانة، ويضيف: (نحن لا نتكلم عن إصلاح بصات أو ورش بل إصلاح نقل بما فيه من تشغيل وجودة وتدريب وعمل فني).

نواصل

 

 

Exit mobile version