فريق لتحصين وتأمين دارفور

نظّمت الزميلة  صحيفة (المستقلة) الغراء ظهر أمس منتدى ولقاءً كبيراً لقيادات دارفور وعدد من رموز العمل الصحفي والاجتماعي، للتباحُث والتفاكُر حول ما حدث في ولاية غرب دارفور وحاضرتها مدينة الجنينة، وكيف يُسهم المجتمع المدني وأبناء دارفور أنفسهم في حل هذه القضية وتجاوُز مراراتها وجبر الخواطر والأضرار الناتجة عنها، ومنْع تمدّد النزاع القبلي وآثاره إلى بقية ولايات دارفور، وتحصين مجتمعها وتأمينه من خطر التحيُّزات القبلية والصراعات المسلحة الجالِبة للخراب والنزوح والتشرّد والموت والدمار، وشارَك في لقاء الأمس نُخبة مُقدّرة من قيادات دارفور بينهم الدكتور التجاني سيسي حاكم دارفور الأسبق ورئيس السلطة الإقليمية السابق وديمنقاوي قبيلة الفور في وسط دارفور، والدكتور محمد عيسى عليو القيادي السياسي والرئيس التنفيذي لمركز “الغد” للدراسات والبحوث، والدكتور تاج الدين نيام الأستاذ الجامعي والناشط السياسي المعروف، ود. مصطفى نجم البشاري الباحث والأكاديمي والأستاذ في عددٍ من الجامعات، وثلة من السياسيين والوزراء والولاة السابقين وبرلمانيين ووجوه وأعيان قبائل دارفور وناشطيها وممثلين لحركات مُسلحة وإعلاميين وصحفيين تقاطَروا لحضور هذه النقاشات العميقة التي ذهبت لتعريف ما حدث في الجنينة، ثم بحث الحلول العاجلة والمُمكِنة والتخطيط لإيجاد علاج جذري مستدام لصراعات دارفور القبلية ..

تجاوز الحديث من المشاركين بحكمة وخبرة د. التجاني سيسي الخوض في القضايا التي لا تفيد مثل التعصّب للقبيلة أو اجترار المرارات السابقة وإلقاء التُّهم الجزافية هنا وهناك، وتركَّز الحديث حول ما ينبغي فعله وطرح مبادرات فعّالة وحقيقية تُعضّد الجهود الرسمية الرامية لاستتباب الأمن وتطبيق القانون وحقن الدماء وتأمين المواطن وجمع السلاح وتوطيد سلطة الدولة وفرض هيبتها ..

وتمت عدة أطروحات جادة لكيفية الخروج من عنق الزجاجة في كل مناطق دارفور، لنبذ القبلية والتخندُق في جُحر العشيرة والعِرق والعنصر .

ودار نقاشٌ طويلٌ بين الحضور تتدخل لتصويب اتجاهاته المنصة التي أدارها د. التجاني سيسي ود. محمد  عيسى عليو، حول المقترحات المقدمة وتسيير وفد يُمثّل قيادات دارفور للسفر إلى الجنينة والإسهام في مُعالجة وتخفيف حِدّة الخلاف ودعم الاتفاق الذي تمّ تحت إشراف نائب رئيس المجلس السيادي ورئيس الوزراء، فضلاً عن العمل مع كافة المنظمات والجهات المانِحة لتقديم العون الإنساني للمُتضرّرين ومن تأثَّروا بهذه الأحداث الدامية ..

هذا اللقاء الذي استضافته (المستقلة) وأشرف عليه تنظيماً وترتيباً وضيافة الأخ الأستاذ علي حمدان رئيس مجلس الإدارة وناشر الصحيفة، سيكون له ما بعده، ويُعَد أول مبادرة من المجتمع العريض لدرء آثار ومخاطر ما جرى في الجنينة، وتولى عدد من رؤساء تحرير الصحف المشاركين بالإضافة لاتحاد الصحفيين مبادرة إعلامية عملية بُنِيت على الدور المنوط بالإعلام لعبه من أجل الاستقرار والسلام والتنمية، ونبذ الاقتتال وتهيئة الظروف المناسبة والمناخ الموائم للتعايش السلمي بين القبائل ونشر ثقافة ومحاصرة دعوات العنف وخطاب الكراهية الذي انتشر مؤخراً كالنار في الهشيم ..

من واجبنا تشجيع مثل هذه الأعمال الجليلة والشد على يد كلّ من يُبادر لوقف إراقة الدماء وحفظ الأرواح ووأد الفتنة في مهدها ومُساعدة ضحايا الحروب والنزاعات، وللصحف ووسائل الإعلام دور أكبر من أي جهة أخرى لترسيخ روح التسامُح والتصالُح والعفو، ولا خير فينا كصحفيين إن لم نتحرّك في الاتجاه الصحيح ونُجنّب أهلنا لعنة الحرب وجائحة الموت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى