الانحدار إلى الأسفل

خارج النص  

الانحدار  إلى الأسفل  

* رغم  الجهود المبذولة من الدولة  لاحتواء  النزاعات  القبلية  في الغرب  والشرق،  إلا  أن الأوضاع  الأمنية  والاقتصادية  تنحدر  بشدة  نحو المجهول،  فالصراعات  القبلية  تمثل  أكبر مهدد  للأمن،  وهي حوض  من الرمل  يمتص  المال  مهما  توفّر،  ومبدد  لقدرات  الدولة ووقتها ومهلك  لطاقات  البشر.  

وخلال  الأسبوع  الماضي وجدت  الحكومة  نفسها  مرغمة  على التحرك  غرباً  نحو  الجنينة  عاصمة  ولاية  غرب  دارفور  لاحتواء صراع  قبلي  وعرقي  بين  المساليت  والعرب  منذ  عام  ٢٠٠٣م وظل  يتجدد من  وقت  لآخر  وتتهرب  الدولة  من دفع  استحقاقات  التسوية  الشاملة  للصراع  في دار مساليت  هكذا  اسمها  التاريخي،  وستظل  دار مساليت  بهذا  الاسم  مثل  دار  الحوازمة   ودار  حمر  وديار  الشايقية.   

وصراع  غرب  دارفور  بدأ  مع نشوب  التمرد  في  الإقليم  كصراع  دموي  رغم  أن جذوره  تمتد  لما  قبل  ذلك،  حينما  تم  تقسيم  دارفور  لخمس  ولايات،  واتخذ  الصراع  في  دار  مساليت  في مرحلة  ما  منحى  قبلياً  ثم أصبح  صراعاً  حول  ملكية  الأرض  ثم  صراع سيطرة  على الموارد  وأخذ  بُعداً  سياسياً وفي كل  مرحلة  تطبطب  الحكومة  على الجراح ولا تتخذ  قرارات  إدارية  ويحضر  القانون  أمام  الناس  ويقدم القتلة  والمجرمون الذين كانوا وراء  النزاعات  المتعددة  للعدالة،  كما  فعلت  الحكومة  في قضية  المعلم  الشهيد أحمد خير  ز

وفي بورتسودان  تجددت  الاشتباكات  بين  البني  عامر  والنوبة  بعد  الهدنة  والاتفاق  الذي  وقع  فمن  وراء  تجدد  الاشتباكات؟ وهل  ما يحدث  ببورتسودان  مجرد  مظهر  لمرض  كبير؟ أم هناك أيادس  إقليمية ودولية  تعبث  بالصراع  في الإقليم  الذي  تتنافس  على شواطئه  القوى الإقليمية والدولية  وبعد  دخول  تركيا  في آخر  أيام  النظام  السابق  ها هي  دولة  الإمارات  العربية المتحدة  تدخل  سوق  المنطقة  وترددت  أنباء  عن بيع  إيجاري  لميناء  بورتسودان  لشركة  موانئ دبي  فهل  القوى  الدولية  التي  تتصارع  حول  السودان  لها  أيادٍ  فيما  يحدث  في الشرق. 

أما  الأوضاع  الاقتصادية، فقد  عادت  أزمة  الخبز  الحافي  مرة  أخرى  وتطاولت  الصفوف  أمام  المخابز بالخرطوم  التي  تستهلك  ٤٠ في المائة  من الدقيق  المدعوم،  ورغم  ذلك  يتسلل  الدقيق  في السابق  خلسة  إلى دول  الجوار  واليوم  علناً  يذهب  الدقيق  المدعوم  لتشاد  وإريتريا  وجنوب  السودان  وأثيوبيا،  والأجهزة  الأمنية  لا تحرك  ساكنًا  ولا يذهب  الدقيق  المدعوم  إلى الولايات  الطرفية ،ولكنه  يذهب  لبطون  القطط  السمان،  وأمس  الجمعة  بلغ  سعر  الرغيفة  الواحدة  بمدينة  الدبيبات  مسقط  رأس  حمدوك  خمسة  جنيهات،  وفي سوق  الحاجز  بيعت  الرغيفة  بسبعة  جنيهات  كاملة، فإلى  أين  نحن  مساقون؟ ولماذا  خافت  الحكومة  من  رفع  الدعم  ووضعت  وزير المالية  إبراهيم البدوي  في موقف  لا يُحسد عليه ، ولو  امتلك  الوزير  الشجاعة  لتقدم  باستقالته، ولكنه  لم يفعل  ولن يفعل  قبل  أن يمتع  نفسه  بالذهب الفاخر.  

والملف  الاقتصادي  يشهد  فشلًا ذريعًا  باعتراف  قوى  الحرية والتغيير  نفسها ،ولكن  الفشل  الذي  يثير  مخاوف  السودانيين  هو  الملف  الامني  لا  في غرب  دارفور  وحدها  ولا  في الشرق  ولكن  داخل  العاصمة الخرطوم،  وما حدث  أثناء  أعياد  رأس  السنة يمثل فقط  بداية  لفوضى  قادمة.

  اللهم  نسألك  اللطف  مما  يُحاك  في الظلام  لبلادنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى