لِمَن تقرع الأجراس..؟

اما قبل 

لِمَن تقرع الأجراس..؟ 

يحتاج أهل الحكم إلى بذل جهدٍ إضافيٍّ وخارِق لمُلاحقة الأوضاع المأساوية التي دهمت عدداً من الولايات في غرب البلاد وشرقها وفي جنوبها بجبال النوبة وعموم جنوب كردفان، وربما ولايات أخرى بدأت فيها إرهاصات بصراعات مُميتة وربما أشد فتكاً بالمواطنين من التي حدثت في غرب دارفور والبحر الأحمر، ولعلّ السبب الرئيس هو تنامِي العصبية القبلية والفشل الذريع في لجمها، وغياب العمل السياسي الناضِج، وحالة الاحتقان الاجتماعي والسياسي المتكاثِرة والمُتوالِدة من الفراغ الهائل الذي صنعته ظروف الراهن الذي نعيشه بعد أن ضمرت الكفاءة الإدارية والسياسية وعجِزت عن قيادة مُبادرات فعّالة وناجِعة لاحتواء الخلافات القبلية ونزع فتيل فِتنتِها المُتصاعِدة ..

يجب أن تتعامَل الدولة في مجلسي السيادة والوزراء، بصورة واضحة أنها بلا ظهير سياسي يسندها، ولا توجد رؤية لدى أحزاب (قحت) لتدارُك الأوضاع الحالية في الولايات، فوجود أحزاب الحرية والتغيير ضعيف وبلا أثر حقيقي، لأسباب مُتعلّقة بالتركيبة الاجتماعية والسياسية في هذه الولايات ونوع الخطاب المُقدَّم لها من التحالُف الحاكِم الآن، وهو تحالُف يطرح شعارات ولغة خطاب لا صلة له بالواقع ولا يمكنه تقديم حلول موضوعية لكثير من القضايا المُلحّة في هذه الولايات وهموم أهلها .

وقد ظهر ذلك في الطريقة التي تمّت بها معالجة قضية البحر الأحمر عندما انفجرت الأحداث قبل عدة أسابيع، واستطاعت اللجنة الرفيعة من المجلسين السيادي والوزراء احتواء تلك الأحداث عبر الإجراءات الرسمية والتأمينية التي تضطلع بها القوات النظامية وبقية أجهزة الدولة، إلا أن أحزاب  الحكومة فشلت في قيادة عمل سياسي على مستوى القواعد الشعبية وإزالة المرارات من نفوس الأطراف المتصارعة والإسراع في تنزيل ما تم الاتفاق عليه إلى المستويات الشعبية والتبشير بما تم من إجراءات وحث القبائل على نبذ العنف، ولم تُسهم (قحت) في نشر ما اتُّفِق عليه وإشاعة روحه وبث الطمأنينة والسلم الاجتماعي بين مُكوّنات البحر الأحمر السكانية وتشجيعهم علي التعاطي الإيجابي مع ضرورات التصالُح والتسامُح والعيش المُشتَرك، وهذا بالطبع من واجبات الأحزاب السياسية المُكوّنة للحكومة، إذ يتوجّب عليها أن تقود مثل هذه المُبادرات وتنطلق لتعمل حتى يتم التوافُق وتلتئم أعمال الصلح الأهلي وتحصين المجتمع من أي مضاعفات أخرى تُعقّد الأزمة أو تقود إلى تكرار ما حدث فيها ..

لو اضطلعت  بواجبها وقامت بدورها المطلوب أحزاب الحكومة الحالية ومكونات الحرية والتغيير ومُسمّياتها ولافتاتها وواجهاتها الكُثر، وتمكّنت من النزول إلى أرض الواقع تبشيراً بالسلام الأعلى وتحذيراً من الإخلال بالأمن، لما انفتق الرتق مرة أخرى في البحر الأحمر، أو تفجّرت الأوضاع بهذا الشكل المأساوي في غرب دارفور، ومتوقّع في ولايات أخرى، ومن واجبنا أن ندعو أهل الحكم إلى التعجيل والإسراع ببذل كل ما في الوسع، لإعادة فرض هيبة الدولة وبسط سلطانها، وتطبيق القانون بصرامة وحزم، والبدء في خطوات عملية من أجل حلول مُستدامة لإنهاء الصراعات القبلية وإجهاض المُخطَّطات الرامِية لإغراق البلاد في النزاعات والحروب والدماء تمهيداً لاختراق بلادنا وإخضاعها لمُرادات خارجية، ولعلّ التفريط السياسي من أحزاب الحكومة أو جهلها بما ينبغي عليها أن تفعله هو جزءٌ من هذا التخطيط الرامي إلى نشر الفوضى والخراب وتقزيم السودان .

نحن عندما نقرع الأجراس ونُطلِق صفارات الإنذار، نراقب ونرى بعين فاحِصة ما يجري في الولايات والأطراف القَصِيّة، ونرى ضعف وجود أحزاب الحكومة وهوانها على الناس وفقدانها روح المبادرة وجهلها بطبيعة الصراعات الولائية وكيفية حلها، وافتقارها لأبسط المعلومات عنها، فلو استمر الحال كما نراه ونُعايِشه ستتفاقَم الأوضاع أكثر من هذا، وسنفقد ولاياتنا الواحدة تلو الأخرى، ولات حين مَندَم ..!!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى