“الأنتنوف” و”اليوشن”.. حاصدات الأرواح

 

تقرير: النذير دفع الله

تكررت حوادث سقوط الطائرات العسكرية من طراز الانتنوف واليوشن روسية الصنع، وهلك الكثيرون جراء تلك الحوادث، والمدهش في الأمر أنه حتى تاريخ اللحظة لم تعلن السلطات عن السبب الأساسي لتلك الحوادث وأسباب السقوط، وظلت خفية على الكل رغم أن بين أولئك الموتى مدنيين كان جدير باحترام إنسانيتهم، وأقل ما يمكن أن يمنح في حقهم توضيح الأسباب لتظل سياسة إخفاء المعلومات واحدة من الأسباب التي تفتح الباب أمام الشائعات والأقاويل المختلفة، حيث تداول عدد من النشطاء أن سقوط طائرة الجنينة أمر مدبر ومفتعل، وإلا لماذا لم ترجّل وزير العدل بعد أن كان واحداً من بين ركاب الطائرة؟ لذلك ستكون المهمة صعبة على الجهات المسؤولة في تمليك الحقائق للرأي العام وعلى وجه السرعة لقفل الباب أمام الشائعات التي ربما تضر بالأوضاع القائمة هناك. وبحادثة الجنينة يكون السودان قد سجل معدلاً عالياً في أكثر وأغرب حوادث سقوط الطائرات، وإذا لم يحدث أمر مختلف بشأن تلك الطائرات ومصيرها، فإن مزيداً من الضحايا سيموتون  بـ”الشوايات” الجوية أو حاصدات الأرواح كما أطلق عليها البعض.

 

قرار الإلغاء

وسبق أن أصدر الرئيس السابق  البشير قراراً جمهورياً في العام 2008  بإيقاف الطائرات من طراز (انتنوف واليوشن) عن العمل في جميع مطارات السودان في مجالي الركاب والشحن الجوي،  إلا أن القرار لم ينفذ، فاستمرت الخرطوم في استغلال الشوايات الجوية وحاصدات الأرواح  لتأتي بعدها حادثة جبال النوبة والتي راح  ضحيتها 31 من المسئولين الحكوميين لتثير من جديد جدل الطائرات  وحوادثها المتكررة،   فيما عزا فنيون حوادث الطائرات إلى أخطاء بشرية،  بالإضافة إلى تدهور أعمال الصيانة وسوء المطارات، التي تتحول أحياناً إلى برك مياه لا سيما في فصل الخريف.

سياسات عقيمة

جدير بالإشارة ـن الإنقاذ بسياستها في التمكين  وتفضيلها  أهل الولاء على الكفاءات  وبإهمالها الصرف على القطاعات الإنتاجية والخدمية  وعزلها البلاد عن المدنية المعاصرة، وبالتالي عزلها عن التكنولوجيا المتقدمة والتدريب  أدت إلى تدهور وخراب المرافق والخدمات. وكانت أشهر تلك الحوادث المتعلقة بسقوط الطائرات بينما أوضح عدد من الكوادر والمواظفين الذين ترجلوا بتقديم استقالاتهم أو إقالتهم أن الحكومة لم تُولِ قطاع الطيران أدنى اهتمام ولم يدخل بنود الصرف ضمن الميزانية.

الكارثة الأشهر

كان سقوط طائرة من طراز (انتونوف) في نهر السوباط بجنوب السودان في فبراير 1998 ومقتل النائب الأول للبشير الزبير محمد صالح وعشرات من مرافقيه هي الأشهر،  لتتكرر الحادثة في عام 2001 عندما سقطت طائرة بالنيل الأزرق على متنها وزير الدفاع الأسبق العقيد إبراهيم شمس الدين  وعدد من كبار الضباط بوزارة الدفاع،  بينما أشارت بعض التسريبات وقتها إلي أن مكيدة ما قد دبرت فكان الحادث، وما يزيد الأمر ريبة وشكوكاً أنه حتى اللحظة ما زال الغموض يكتنف تلك الحوادث ومسبباتها، وكان عام 2008 هو عام حوادث الطيران في السودان حيث سقطت طائرة ركاب من طراز إيرباص تتبع لشركة الخطوط الجوية السودانية،  كانت تحمل على متنها 203 ركاب احترقت في مطار الخرطوم الدولي، وفي  يونيو نفس العام  ليلقي حوالي 30 من ركابها حتفهم ونجا منهم 183وبعد مرور ثلاثة أيام فقط من تلك الحادثة تحطمت طائرة شحن من طراز انتنوف 12 تتبع لشركة جوبا للشحن الجوي على بعد 30 كيلومترا شمال مدينة ملكال قبل أن تحترق وأدت الحادثة إلى مقتل 7 من طاقم الطائرة الروس، وبعد تلك الحادثة سقطت طائرة شحن روسية الصنع من طراز اليوشن 76 بعد إقلاعها من مطار الخرطوم بدقيقة واحدة  ولقي أفراد طاقم الطائرة الأربعة مصرعهم، الأمر الذي جعل السودانيين يشبهون تلك الطائرات بالشوايات الجوية وتوابيت الموت، بينما صارت تلك الحوادث المتكررة للطائرات السودانية مصدر سخرية  لوكالات الاخبار العالمية في الأعوام 2011 – 2012 حيث كان سقوط طائرة فوق أحد الأحياء غربي أم درمان وقتل جميع ركابها هو الحادثة الأغرب من نوعها.

كارثة الجنينة

لم تتوقف تلك الكوارث الناجمة عن سقوط الطائرات التي ترهلت وكادت أن تتلاشى تلقائياً حتى حدث حادث الجنينة الأليم والذي راح ضحيته عدد من المواطنين السودانيين المدنيين من بينهم عدد من الأطفال مع بعض الموظفين الحكوميين بالإضافة لطاقم الطائرة. وقال وزير الإعلام فيصل محمد صالح، في تصريح لتلفزيون السودان، إن جميع ركاب الطائرة لقوا حتفهم في الحادثة بالإضافة إلى ثلاثة قضاة وموظف من برنامج الغذاء العالمي.

وبما أن الطائرة تتبع للقوات المسلحة سلاح الجو كان للقوات المسلحة أن تصدر بياناً توضح فيه ملابسات ما حدث، حيث أوضح الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد الركن عامر محمد الحسن بأن الطائرة العسكرية سقطت بعد خمس دقائق من إقلاعها من مطار الجنينة غربي السودان مما أدى إلى تحطمها ووفاة طاقمها المكون من 7 أفراد أربعة ضباط وثلاثة رتب أخرى إضافة إلى 3 قضاة و8 مواطنين بينهم 4 أطفال، وما زال التحقيق جارياً لمعرفة تفاصيل وأسباب الحادث.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى