Site icon صحيفة الصيحة

فنجان من الكراهية

 

ليس فنجان (الجبنة) هو السبب.. ولو أنها أعطته فنجانه أولاً لنجحت بنت العرب فقط في تأجيل المعركة إلى زمان ومكان آخر لكنهما قريبان!!…

حينما يكون الطريق إلى الموت قريباً وسهلاً إلى هذا الحد.. لتطغى بلا كابح ولا لوم فكرة أن نموت من أجل أشياء تافهة وحقيرة!!.

حتى منظر الجثث الملفوفة في القماش الأبيض افتقدت بواكيها وصارت رقماً لا يعدو كونه مفتاحاً لحريق أرقام أخرى قريبة لا تحتاج إلا لفنجان من الكراهية..

نهاية السنة السودانية كانت نهاية حزينة للأخلاق وجميل الأعراف وحسن الجوار..

هذا ليس هو الشعب السوداني الطيب الذي نعرفه..

غابت الدولة فغطت الضغائن واشتملنا الرعب الحقيقي.

نحن نحصد وسريعاً بذور الكراهية التي اعتنت بها ورعتها قوى سياسية لا صلة لها بأزماتنا ولا تعرف بل لا تريد أن تضع قضايانا الملحة في الواجهة.. تنظر بعين واحدة ورؤية محدودة وجائرة.. ولأنها أقل قامة وعدة وعتاداً وولداً تكتفي بكسب الوقت وانتحال القضايا الصغيرة الخاسرة والإيهام بأن ما تفعله يستحق أن تخرج الجموع لتهتف:

شكراً حمدوك..

لم يكن من عاصم للمتفلتين في ساحة الحرية والجنينة ومستشفى أمبدة.. لم يساورهم الشك أبداً في نجاتهم بفعلتهم… وأن الدولة نائمة (نوم العوافي).. ومظاهر نومها لم يكن محتاجاً لفنجان القهوة في الحنينة ولا التورة القصيرة في الساحة ولا سواطير الشوارع وأمبدة وأعياد الكريسماس في أمدرمان، فقد نامت منذ أن فارقت بعض أفراد القوات النظامية قواعد الضبط والربط واجتازوا تلك المسافة الضرورية الفاصلة.. وشبعت الدولة نوماً وهي لا تكاد تعرف كيف تحمي شارات المرور في قلب عاصمتها من التغولات اللحظوية…

وفنوناً من الفوضى والتجاوز لما يسمى بلجان المقاومة الذي تطاول ووصل إلى دارفور!!..

والآن دعونا من التلاوم والبكاء على (البن) المسكوب.. فلقد اكتشفنا جميعًا عدًا وزير العدل- بسبب تضاعيف الأنتنوف- أن ما ينقصنا هو مظاهر الدولة وسطوتها على كل (فايت للحدود).. أن تعاد الأمور إلى نصابها وأن يتحمل كل متجاوز نتيجة أفعاله لتتساوى كل جريمة أمام القانون بصرف النظر عن مرتكبها فلا حصانة لأحد ولا كبير على القانون..

وحسناً فعلت وزارة الداخلية وهي تكرب (قاشها) في مواجهة التداعيات.. لتقول إنها بصدد اتخاذ عدد من القرارات لتعزيز الأمن وتصحيح المسار وإعادة هيبة قوات الشرطة وتنفيذ القانون وإعادة الثقة لرجال الشرطة.. هذا ما جاء في الخبر المفرح.. الذي اشتمل على عدد من الخطوات التي انتظرها المواطن كثيراً وهو يرى كيف انتشرت الجريمة وتجرا المتفلتون وصاروا على مقربة من الحريق ولو أخذوا بأيديهم لنجوا ونجوا..

اجتماع الشرطة الذي صدرت فيه تلك القرارات الكبيرة له ما بعده.. ويتطلب من الجميع دعمه بدلاً من الصيد في المياه العكرة ومحاولة إضعاف تلك المؤسسات وتحقيرها على النحو الذي مضى إليه بيان تجمع المهنيين الذي مال ميلة واحدة ليقول إن البديل المطلوب هو إبدال القيادات الشرطية واختبار غيرهم ممن يستطيع المزج بين المدنية والحسم، ويفرق بين الفوضى والحرية!!.

جرائم متعددة ارتكبت باسم الثورة لم نجد لكم بياناً واحدًا لإدانتها.. ورأيتم بأم عينيكم في إستاد الفاشر كيف أن فروقات التفكير بينكم وبين فصائل الشعب كادت أن تغتال فلذات أكبادنا (خالد سلك والأصم) وسارة نق الله التي آثرت أن تقدم استقالتها مباشرة بعد أن أنقذتها العناية الإلهية بالتدخل الحصيف للقوات الأمنية.. ولكنكم لم تقرأوا الرسالة جيدًا… وليس ثمة ما يبشرنا يقرب ذلك..

قلنا إنها دولتكم التي ستبدأون واجب حمايتها بإنفاذ القانون والسلام والعدالة.. لكنكم عوضاً عن ذلك واصلتم العبث نهشًا و(التلتيق) حتى لم يبق بيننا والدولة الفاشلة مقدار ذراع..

بلادنا يا سادتي تحتاج للدولة.. وأبناء الدولة السودانية قادمون لصناعتها..

لا يشغلهم انتماء ولا تحركهم طوائف ولا يخيفهم اصطفاف مريب..

نهضوا لا ليظلموا أحداَ

لا ولا لاضطهاد من أمنوا.

لن ننتظركم أن تفعلوا شيئاً .. سنواصل الدعم لأبناء الدولة السودانية..

Exit mobile version