جوهر الأديان السماوية !

ـ تحتفل بعض الطوائف المسيحية اليوم بما يُعرف بالكريماس، وهو مناسبة دينية ترتبط بمعتقدات تلك الطوائف، والحمد لله أن بلادنا تعيش منذ تاريخ طويل تسامحاً دينياً كاملاً، لا اضطهاد في اعتقاد، لا مضايقة لمواطن بسبب دينه، حتى الذي كانت تشكو منه بعض المنظمات فإنما يتعلق بالسلوك والممارسة ذات الصلة بالقانون العام، عدد الكنائس في تزايد ربما بأكبر من تزايد عدد المسيحيين ! لا تُهدم كنيسة أو تُزال إلا لأسباب تتعلق بالأرض والتراخيص، وهو ذات ما يحدث للمساجد التي تُشيد بطريقة عشوائية .

ـ ذلك برغم أننا كمسلمين نؤمن يقيناً أن الدين عند الله الإسلام، وأن مَن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين، لكن إيمان المسلم لا يتم ولا يكتمل إلا إذا آمن بكافة الأنبياء والرسل والكتب السماوية بصيغتها المُنزلة من الله وليست المُحرّفة بواسطة البشر، ومهما تكن معتقدات ومرجعيات الملل الكافرة والمشركة وأهل الكتاب، فإن ديننا يأمرنا أمراً باحترامهم والتعايش السلمي معهم ما لم يحاربوا أو يعتدوا أو يتجاوزوا علينا، وواقعنا في السودان يؤكد ويبرهن أن مجتمعنا متماسك ومتصالح دينياً و”كل زول في حاله” .

ـ ليس من العقل والحكمة أن تجد الأغلبية نفسها مُحاربة ومُنكر عليها تطبيق بعض شرائعها وشعائرها، صحيح أن تلك الروح العدائية المتعدية ليس مصدرها المسيحيون بل مصدرها أولئك الذين احترفوا الصيد في المياه العكرة وادعاء حماية الأقليات وصيانة حقوقها ودعوة ما هاجر منها طوعاً للعودة وكأنه هاجر فراراً بينه! هذه السلوكيات المغذية للفتنة يجب الانتباه والتصدي لها من كافة أهل الأديان السماوية التي جوهرها التحاب وحُسن المعاملة وحُسن الخُلُق وحُسن التقاضي والتزام روح ونصوص القيم النبيلة .

ـ الحالات التي شهدها تاريخنا الحديث حول فتاة أسلمت وأخرى تنصرت إنما هي حالات محدودة ذات ظروف وملابسات خاصة بعضها أسري وعشائري بحت، ولم تبرز وترتفع وتشتهر إلا بفعل المتاجرين الذين كانوا متفرغين للتضخيم والتهويل والتزوير لتلطيخ سمعة البلاد ودمغها بممارسة الرق والاضطها الديني والاستعلاء العرقي، واشتروا في سبيل ذلك الشهادات والشهود ونجحوا في مساعيهم الخائبة الغبية، فلما استدار الزمان وصار بعضهم حاكماً فوجئوا بأن الوجه الذي لطخوه وشوهوه إنما كان وجه البلاد وليس وجه الإنقاذ .

ـ هذه مناسبة لتجديد الدعوة للتعافي والتسامح والتسامي فوق الجراح، دون أن يشعر أحد الأطراف بأن هذه الدعوة إنما تصدر عن فئة ضعيفة، فالحقيقة أنها مؤشر مسؤولية وحرص على تجنب المخاطر والمهالك التي لم تعد خافية أو بعيدة، وغني عن القول إن الدعوة للتعافي والتسامح ليس المقصود بها التوقف عن مواجهة ومحاكمة القتلة والفاسدين، فذاك مسار قانوني يجب المضي فيه بكل صرامة وعدالة بعيداً عن التسييس والانتقائية، لكن التعافي والتصافي قيمة أغلى وأعظم تولد في العقل ويدرك قيمتها العقلاء .

ـ هنيئاً للإخوة المسيحيين بأعيادهم، سائلين الله أن يكرمهم بالدين الخاتم ويجمعنا وإياهم تحت راية سيد ولد آدم .

خارج الإطار :

ـ القارئ يوسف حمد قال إن الدفاع عن المملكة العربية السعودية هو – في تقديره – دفاع عن الأراضي المقدسة وذلك واجب ديني . القارئ عبد الكريم عبد الباقي “هيئة السوكي الزراعية” قال أن الإحلال والإبدال في المواقع القيادية بالمؤسسات العامة ينبغي أن يكون على أساس الكفاءة وليس الانتماء السياسي .

الرقم 0912392489 مخصص لرسائلكم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى