كنانة والاحتجاجات

 

مرة أخرى أطل عبر هذه الزاوية المقروءة، فشكري وتقديري للأستاذ الكبير يوسف عبد المنان

 

عندما كتبت عن خطأ وزير الصناعة بغصدار قرار لا حجية له،لا تسنده مادة قانونية واحدة وللأسف مدني نفسه لا يملك أسباب تنفيذه ما يعد محاولة منه لشراء الوقت، كنا نعني ذلك حرفياً حتى يعيد الوزير البصر كرتين، يراجع نفسه ويلغي قراره القاضي بعودة المفصولين من شركة سكر كنانة ويقبل الحل الوفاقي الذي قبل به أعضاء مجلس الإدارة إبان انعقاد المجلس الأخير بأعادتهم إلى سكر النيل الأبيض كحلّ وفاقي لا كحلّ قانوني، لأن المفصولين تحديداً يعون أن عودتهم عبر قانون العمل مستحيلة، وأن كنانة استوفت الشروط والمعايير القانونية في الاستغناء عنهم عبر قانون العمل للعام ١٩٩٧ وعبر جلسات الاستماع والتحقيق التي عقدت لهم، حتى جداول إنتاج القصب التي رصدت كانت ضد بعضهم إذ لم يسجل الإنتاج المتوقع ولا الذي وعد بتحقيقه، لذلك عندما كتبت أن الباشمهندس يحيى يوسف نائب العضو المنتدب خبير زراعي وخبير في صناعة السكر واستنكرها متهكماً أحد قادة الاعتصام في مقال لم أمنحه اللقب، بل ناله بعلمه وتفوقه وكده ورقمه القياسي المسجل في إنتاج الفدان من القصب في العالم، سبق حازه الرجل بعلمه وتفانيه في العمل، إن كنانة ليست كما يوحي ويصور وزيرالصناعة بأنها (خدمة مدنية)، لذلك يرى وجوب تنفيذها لقرارات رئيس الوزراء القاضية بإعادة المفصولين من (الخدمة المدنية)، ويعلم المفصولون والوزير يقيناً قاطعاً أن كنانة ليست إلا شركة خاصة لا تخضع لما تخضع له الخدمة المدنية، لا بأس أن نكرر أن كنانة شركة (خاصة) تاسست وفقاً لقانون الشركات للعام ١٩٢٥ ولا علاقة لها بالخدمة المدنية لا استحقاقات مادية ولا لوائح ولا شروط خدمة، لذلك يستغل بعضهم هذه الجزئية لـ(خم) البسطاء، لقد ارتكب وزير الصناعة خطأ كبيراً بإصدار قرار لا يملك حق تنفيذه ولم ترفضه إدارة كنانة لأنها متعالية أو فوق السلطة أو أنها بؤرة(كيزانية) كما يصفونها ويصفون قادتها المهنية جداً والتي لا علاقة لها بالنظام السابق من قريب أو بعيد، وهي فرية يطلقها من كانوا قيادات في حزبي المؤتمرين الوطني والشعبي وقيادات الكتيبة الاستراتيجية بكنانة هربوا من ماضيهم والتصقوا زيفاً ونفاقاً بجسد قوى الحرية والتغيير لصبغ قضية إدارية بصبغة سياسية تضليلاً للرأي العام، واستغلالاً للمناخ السياسي الثوري الذي يغطي سماء البلاد، وهذه نقطة نأمل أن يعيها مدني عباس مدني.

 

القضية واضحة إذا كان هناك مظلوم بأي مظلمة، فهو قطعاً سيلجأ للقضاء والقانون لينصفه، فالسؤال الذي لم ولن يجيب عليه قادة الحراك المناوئ لاستقرار كنانة ومواصلتها الريادة الاقتصادية هو لماذا لم يلجأ أي من المفصولين الى مكتب العمل أو أي محكمة متظلماً؟

 

الإجابة يعلمون أن المحكمة لن تعيدهم إلى وظائف فقدوها في لحظة غضب أعمى وعدم تفكير وجلوس مسبق مع الذات ورصد عائدات الحراك قبل بدايته، وهل سيرفع من رصيدهم ويحقق مطالبهم أم يضيع مكتسباتهم التي نالوها بجهدهم وعرقهم، لن تعيدهم المحاكم لأن الفصل تم وفقاً للقانون ومر بكافة مراحل المحاسبة الإدارية.

نكتب لأن هناك حملة تضليل وتجييش يقوم بها البعض ضد شركة ظلت رصيداً اقتصادياً مهماً للسودان وأي محاولة لتعكير صفوها واعتراض طريقها سيدفع ثمنها ستة آلاف عامل بأسرهم وأطفالهم واستقرارهم وأمنهم وأمانهم .

نصيحة أخيرة أبذلها لوجه الله إلى قادة الحراك أن خطوات التصعيد لن تؤتي أكلها، ولن تعيد اللبن المسكوب إلى زجاجته، فقد سبق السيف العذل والأحاديث المبذولة على قارعة الأسافير شتماً واتهامات بالفساد وطعناً في الذمم لن تحل مشكلتكم، ما يحل المشكلة الهدوء التام وافتراع طريق عودة مخالف لهذا المسار الذي ليس فيه سوى (الجقلو والضريسة) لسيارة حفاة، فانتعلوا أحذيتكم هداكم الله واسلكوا الطريق المباشر الهادي الذي يقود إلى النهايات المرجوة ولو كانت تتراءى استحالتها.

اللهم هل بلغت فاشهد.

أحمد جبريل أحمد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى