البنك العقاري.. فساد الدولة العميقة

 

بالمستندات.. تجاوزات في لائحة شروط خدمة العاملين

العاملون يُطالبون بإقالة مجلس الإدارة

عميل يُطالب بإذن لمقاضاة البنك بعد أن اكتشف مبالغ ضخمة بحسابه

تقرير للتفتيش الداخلي يكشف التفاصيل

الخرطوم: أم بلة النور

بعد سقوط النظام السابق ظهرت العديد من أوجه الفساد التي طفت على السطح بعد أن كانت طي الكتمان (والدسدسة) بسبب الخوف من العواقب، فقد كانت المصادر تتخوف من تسريب المعلومات أو الإفصاح عنها تحسباً لردود الفعل التي يكون أقلها السجن وغيره من أشكال التهديد التي  يقوم بها النظام السابق من  تكميم الأفواه وأساليبه المتبعة في تغطية جرائم الفساد والتعدي على المال العام, حيث ظهرت العديد من الملفات التي تناولتها الصحف السيارة, وآخرها فساد البنك العقاري الذى كشفت عنه الزميلة “الإنتباهة” الأيام الماضية بفرع البنك بنيالا, إلا أن هناك الكثير من التجاوزات التي ارتكبتها إدارة البنك خلال السنوات الماضية نكشف عنها في سياق هذا التحقيق .

أصل القضية

ويرجع أصل القضية إلى أن هناك العديد من العملاء اكتشفوا تعدياً على حساباتهم الشخصية, بفرع نيالا, وقاموا بمخاطبة البنك, ووعدهم بحل الإشكالية, إلا أنه ماطل، إلى أن قاموا بتنفذ وقفة احتجاجية أمام الفرع, لتتحرك الإدارة بعد ذلك, وقامت بإرسال وفد برئاسة مساعد المدير العام, والمستشار القانوني ومدير الشؤون الإدارية، إلى جانب مدير الحسابات ومدير فرع العمارات, وقاموا باحتواء الأزمة والبدء في عمليات إرجاع الأموال المنهوبة, ومحاسبة مدير فرع نيالا وعدد من الموظفين.

وبحسب تقرير إدارة التفتيش الداخلي للبنك والذي كشف عن تلك التجاوزات التي قام بها أحد الموظفين بقسم الاستثمار, ويعمل  موظف حسابات جارية دون مراقبة مدير فرع نيالا, وقد تم عمل حصر من يناير 2019م إلى بداية أبريل من ذات العام، وبحسب التقرير، فإن التحاويل التي أجراها الموظف تقدر (9,530,000) تم إيداعها لحسابات معينة خصماً من حسابات العملاء دون إرجاع, كما تم عمل تحاويل دون طلب وبدون مستندات بيوميات العمل اليومي، وأن الشخص الوحيد الذي بلّغ هو مدير شركة “كروقي” وتم إرجاع أمواله جزء عبر الحساب والجزء الآخر نقداً.

وكشف التقرير أيضاً عن وجود سحب من جهات اعتبارية وأفراد, كما كشف التقرير أيضاً عن وجود نقص كبير في ودائع الفرع بلغت 36%, كما أوضح التقرير أن الموظف قام بإجراء عدد من التحويلات من حسابات عملاء إلى آخرين بواسطته، ولم تتم طباعة قيود يومية لهذه التحويلات, وكشف التقرير أيضاً من خلال العينات العشوائية أن الحساب رقم 4848 تتم من خلاله أغلب التحويلات.

وفي ختام التقرير، كان هناك لفت نظر للموظف نسبة إلى أنه قام بتحويل تلك الحسابات بحسن نية, لتتفاقم القضية في أكتوبر، وتم تحويل مدير الفرع وثلاثة موظفين ىخرين لمجلس تحقيق.

إذن مقاضاة

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد, ولم تكن المشكلة في نهب أموال فقط, ولكن هناك عمليات أخرى تتم داخل الفرع, وهي إدخال مبالغ ضخمة في حسابات بعض الأشخاص, الذين لديهم حسابات للرواتب فقط, حيث فوجئ أحد عناصر المباحث بنيالا ويدعى محمد حسن بإدخال مبالغ ضخمة بحسابه في الفترة ما بين فبراير 2019 إلى يوليو 2019م.

وبحسب تفاصيل كشف الحساب الذي تحصلت عليه “الصيحة”، فقد بلغ أجمالي المبلغ (19,048,950,00) ويتم إيداع المبالغ عبر تحاويل داخلية, وشيكات مقاصة بنوك, كما تتم عمليات سحب وإيداع.

الجدير بالذكر أن صاحب الحساب لا يمتلك دفتر شيكات, حيث قام بتقديم طلب إذن مقاضاة البنك العقاري فرع نيالا بتاريخ 22/8/2019, وبحسب مضابط  البلاغ أنه يمتلك حساباً بالرقم 5052, وقد وردت حسابات في الحساب أعلاه, كما أنه لم يأذن أو يوكل أي شخص للتعامل مع حسابه الخاص, واكتشف وجود تحرك كبير داخل حسابه من سحب وإيداع،  إلا أن أنه لم يتمكن من المقاضاة لعدم حصوله على الإذن ليتقدم بطلب آخر بتاريخ 22/10 /2019م, إلا أنه لم يحصل على الإذن, حتى كتابة هذه السطور.

وتخوّف محمد حسن من دخوله في شبهة فساد في هذه القضية, الأمر الذي يجعله  مُصّرًا على مقاضاة البنك وكشف التفاصيل, ومعرفة مصدر الأموال حتى لا يدخل في إشكالات قانونية.

سوء إدارة

فيما ترى لجنة المقاومة بالبنك العقاري أن البنك يعيش حالة من سوء الإدارة, وأن الإشكالات بفرع نيالا بدأت منذ أبريل 2019م، إلا أنه لم يتحرك صوب القضية, وقام بتجاوز منشور بنك السودان الذي ينص على الالتزام بالضوابط المصرفية العامة الصادرة من بنك السودان في حالة المخالفات غير العادية، والتي تتمثل في التزوير والاختلاس, الشيكات المتقاطعة، كشف حسابات العملاء, والسماح بسحب الشيكات قبل التحصل الفعلي لقيمتها وغيرها من المحالفات, على أن يتم اتخاذ العقوبات بإيقاف الموظفين فوراً وإحالتهم للتحقيق والمحاسبة، وفصل الذين تتم إدانتهم واتخاذ الإجراءات القانونية ضد من توجد بينات مبدئية ضدهم, إلا أن البنك لم ينفذ هذه الإجراءات إلا بعد عدة أشهر وبعد تفاقم القضية.

ونفذ العاملون بالبنك وقفة احتجاجية, مناهضة لإدارة البنك والتي يعتبرونها من قيادات النظام البائد, مطالبين بإقالتهم من مواقعهم فوراً.

مخالفة اللوائح

وبحسب لائحة شروط خدمة العاملين بالبنك العقاري التجاري للعام 2018م، والتي تمنح العاملين حق السلفيات لمختلف الاحتياجات من السيارات إلى المنازل والمدارس، إلى جانب العلاج وغيرها من السلفيات, وبحسب اللائحة يتم استثناء الذين يعملون بعقود خاصة.

وبحسب المستندات، فإن إدارة البنك قد خالفت هذه اللائحة، حيث قامت بمنح موظفين منتدبين في وظيفة مستشارين من وزارة العدل باعتبار أنه مؤسسة حكومية وتتم مراجعته من قبل المراجع القومي, ورغم كل هؤلاء المتشارين قام البنك بالتعاقد مع مكتب للمحاماة للترافع في قضايا البنك بالمحالكم، ويعمل هؤلاء المستشارون  بعقود خاصة سلفيات مختلفة تسدد في فترة تتجاوز (6) سنوات, حيث قامت بمنح المستشار (ي.ع) القانوني بالبنك بدلات وعلاوات منذ يناير 2019م حتى نوفمبر 2019م مبلغ (427,176) جنيهاً سودانياً, وسلفيات منذ الأول من يناير من هذا العام وحتى نوفمبر 2019م (058,709) جنيه سوداني وبدل مأموريات (013,5832) جنيهاً، فضلا عن تذاكر سفر تقدر بـ (012,020) جملة ما حصل عليه ذلك المستشار (636,703) جنيه.

فيما حصل المستشار (أ.ع) على بدلات وعلاوات منذ يناير من هذا العام وحتى نهاية نوفمبر 2019م (354,205) إلى جانب السلفيات والتي بلغت قيمتها (509,988)، وبلغت جملة ما حصل عليه (988,657) جنيهاً.

وحصل المستشار (أ.ع) على بدلات وعلاوات خلال هذا العام (260,945) وسلفيات بلغت (418,344) فيما بلغت جملة النثريات منذ يناير وحتى نوفمبر (015,000) وجملة ما تحصل عليه بلغت (800,935) جنيهاً.

في الحلقة القادمة تقف “الصيحة” على فساد إدارة البنك حول الزيادات السنوية خلال العام 2015م، حيث تم تنفيذ القرار منذ منتصف العام 2014م وصولاً إلى منتصف 2016م في تجاوز واضح لنص القرار.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى