شرق السودان بين العُقلاء والخُبثاء !

*

شرق السودان منطقة واسعة، مُتنوِّعة الطبوغرافيا والمُناخ، تسكنها قبائل وعشائر سُودانية ذات اسمٍ ووزنٍ وقيمةٍ وتاريخٍ عظيمٍ، ويتمتع الشرق بميزة إضافية كونه المنطقة المُتاخمة للبحر الأحمر، حيث الموانئ البحرية الرئيسية والتاريخية للبلاد، وكونه المنطقة الملاصقة للقرن الأفريقي، حيث الحركة البشرية والتجارية والتّداخُل القبلي الطبيعي، وحيث مسارات الهجرة إلى أوروبا عبر الأراضي السودانية بما يحويه ذلك من مخاطر وتعقيدات وجرائم عابرة للحدود .

ظَلّ الشرق مُستقراً ومُتماسكاً، وظلّ إنسانه مُشبّعاً بروح الانتماء لوطنه السودان بما في ذلك مَن يحمل منهم جنسيات أخرى بحكم انتمائه لقبائل حدودية، وظلّ إنسان الشرق بسيطاً قنُوعاً رغم ما يُعانيه ويُكابده في حياته ومعاشة وخدماته، ولذلك فإنّ الذين يُحاولون الاستثمار السِّياسي في الشرق وتَحويله لألغام ومُتفجِّرات يُصَفُّون من خلالها حساباتهم ويخدمون مصالحهم، إنّما يَرتكبون خَطأً خطيراً لأن النار التي ستشتعل هناك لن ينجو منها أحدٌ !

الغَريب المُدهش بُرُوز بعض الأصوات ببعض دول الجوار تتّهم دولة قطر الشقيقة بأنّها تقف وراء الاضطرابات التي حَدَثَت بشرق السودان مُؤخّراً، وهو اتّهامٌ ساذجٌ بلا مَنطقٍ ولا سيقانٍ، فقد ظلّت قطر طوال تاريخها الحديث عامل خير واستقرار وإسناد لبلادنا، ذاك دورها في سلام دارفور بارزاً شاخصاً موثقاً تشهد عليه القرى النموذجية المنتشرة في ربوع دارفور، وذاك دورها في ترميم وتأمين الآثار السودانية واضحاً، ولو كتبنا عشرات المقالات لما أوفيناها حقها .

كل مُفكِّر وسياسي ومُثقّف ومُتابع من أبناء شرق السودان والمُقيمين فيه يعلم أسباب الأزمات التي تظهر وتختفي في الشرق، يعلم أسباب الاحتقان والصراعات، ويعلم أنّها أسبابٌ محليةٌ موضوعية تتعلّق بالتنمية والعِلاقة مع المَركز والخِلافات الإثنية الطبيعية، ويعلم الجهات والأطراف الخارجية “القبيحة الخبيثة” التي تُحاول استغلال الشرق وتحويله لمسرحٍ مفتوحٍ لتصفية حساباتها وإدارة معاركها مع دول أخرى وليذهب السودان بكل موارده إلى الجحيم !

شرق السودان أحد مفاتيح أمن البحر الأحمر، بل هو أحد العوامل المُؤثِّرة جداً على مُجمل أمن منطقة القرن الأفريقي حتى اليمن الشقيقة، ولعلّ ذلك ما يُفسِّر اهتمام وحرص المملكة العربية السعودية الواضح على أمن البحر الأحمر واستقرار المنطقة، وهو ذات منهج التفكير الذي تلتزمه دولة قطر وقيادتها، وقد جاءت قُوّاتها إلى منطقة القرن الأفريقي وارتكزت هُناك لسنواتٍ للفصل بين دول متنازعة، والدول صاحبة الخُبث والمطامع معروفة للمُراقبين.

علينا الاِنتباه والعمل بعزمٍ وجَدٍ على مُعالجة جُذُور الأزمة في شرق البلاد بمُنتهى الحكمة والكياسة والعدالة، وإغلاق المنافذ أمام العقارب السامة والأفاعي المُتربِّصة .

خارج الإطار:

القارئ إبراهيم حامد كسلا قال إنّ وعي إنسان الشرق بالمُؤامرات الخارجية والفتن الداخلية كبيرٌ جداً، وكل أهل الشرق يدركون ما يُحيط بهم ويُحاول استغلال الظروف والخلافات .

القارئ عبد الله إدريس قال إنّه يستغرب تقاتل الناس على القيادة والكراسي في بلدٍ مُحاصرٍ ومُحاطٍ بالأزمات والأوبئة والأمراض والأوساخ والنفايات وانعدام المُواصلات، واللّت والعَجن مُستمرٌ منذ 1956م، وناشد النُخب والقيادات بأن ترتفع لمُستوى المسؤولية .

القارئ إدريس الدرديري “قبوجة” قال إنّ التركيبة النفسية للجيش السوداني على مَرّ تاريخ السودان لا تقبل تعليمات المدنيين والأفندية، لذلك فإنّه وفي ظل عدم الاهتمام بمعاش الناس فإنّ الحكومة لو طَافَ عليها طائفٌ فلن تجد من يتعاطف معها .

الرقم 0912392489 مُخَصّص للرسائل وليس الاتصالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى